تغلّب على مرضه بالتعامل مع الأرض، بعد أن فقد الأمل في الشفاء بواسطة الدواء، فزرع بستاناً من حبة لوز، ورعاها بإرادة البقاء لها وله، واستغل مساحة لا تتجاوز ألف متر لزراعة "البعجور"، وجنى المال بعد أن أطعم سكان قريته.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 أيلول 2016، "ماجد نوفل أبو طافش" المولود في قرية "أم الرمان" عام 1979، الذي تحدث عن بستانه بالقول: «لدي في جنوب قريتي نحو ثمانية دونمات من الأرض الزراعية الطيبة، التي تجاورها بئر الماء الزراعية، وعندما فقدت الأمل بالشفاء والعودة إلى عملي في المغترب، قمت بزرع حب اللوز المرّ، ورحت أسقيها كل شهر مرة بعد أن اشتركت بحصة من البئر الزراعية، وبالأموال التي جلبتها معي اشتريت "عزاقة" من أجل الاهتمام الدائم بالفلاحة، وعندما تفتحت البراعم زاد اهتمامي بها حتى أصبحت شجيرات صغيرة، حيث قمت بتطعيمها باللوز الحلو، واكتشفت أن الأرض كانت الدواء الذي ينسيني وجعي الدائم، فاستطعت النهوض من جديد».

اكتشفت هذه السنة أن لدي مساحات واسعة في البستان، فقررت زراعة "البعجور" طالما أن المياه متوافرة، فغرست في الأرض المفلوحة 600 "جب"، وانتظرت حتى تفتحت، وكنت في كل يوم أقوم بقلع الأعشاب النابتة حول المزروعات، وأهتم بالأشجار، وخلال مدة لا تتجاوز 45 يوماً كنت قد جنيت ما يقارب 2500 كيلو غرام من "البعجور"، حيث وزعت ما يقارب الطن على أهالي قريتي، وبعت ما يقارب 1500 كيلو غرام للمحال التجارية، وجنيت 200 ألف ليرة سورية

ويتابع: «اكتشفت هذه السنة أن لدي مساحات واسعة في البستان، فقررت زراعة "البعجور" طالما أن المياه متوافرة، فغرست في الأرض المفلوحة 600 "جب"، وانتظرت حتى تفتحت، وكنت في كل يوم أقوم بقلع الأعشاب النابتة حول المزروعات، وأهتم بالأشجار، وخلال مدة لا تتجاوز 45 يوماً كنت قد جنيت ما يقارب 2500 كيلو غرام من "البعجور"، حيث وزعت ما يقارب الطن على أهالي قريتي، وبعت ما يقارب 1500 كيلو غرام للمحال التجارية، وجنيت 200 ألف ليرة سورية».

"البعجور" عندما باتت شتلته كبيرة

الشيخ "سمير أبو طافش" أوضح الحالة التي مرّ بها ابن أخيه، ويقول: «قبل ست سنوات عاد من المغترب نتيجة صداع وألم شديدين في رأسه، ليقع فريسة مرض خبيث "التهاب في الدماغ"؛ وهو ما أفقده القدرة على الوقوف بمفرده والسيطرة على الحركة، وفقدان التوازن، ولم يتوانَ عن اللجوء إلى كل أنواع الطب على أمل أن يلقى الشفاء، وبعد سنتين من العلاج اقتنع أن عليه الصبر، وأن حالته ستتحسن تدريجياً.

فقرّر أن يتابع حياته منتجاً، وليس عالة على أحد، فأخذ في بداية الأمر العمل في جنبات البيت والاهتمام بديّارة العنب أو في المشتل جالساً أو زاحفاً للانتقال من مكان إلى آخر.

ماجد في صباح كل يوم مع آلته الزراعية

وبعد تحسّن طفيف في حالته بدأ يخرج إلى بستانه ليتفقّد أشجار الزيتون، وكان يتنقل بين الأشجار بخطى متعثرة يترنح يميناً وشمالاً، وكثيراً ما كان يقع فتستقبله الأرض كأمّ حنون، وفي العام الماضي بدأ مشروعه الصغير؛ فقام بغرس ثمانية دونمات مروية بغراس اللوز، وقام هذا العام بتطعيم تلك الغراس، ثم زرع هذه الدونمات بـ"البعجور"، ونتيجة متابعته المتواصلة اليومية لما تتطلبه هذه الزراعة من تعشيب وتفريد وغيرها، إلى أن بدأت تنتج ثماراً، وبدأ يجني المحصول ويبيع الفائض منه، وقد أهدى ووزّع منها ما يقارب الطن».

"طالب غبرة" من قرية "أم الرمان" (ناشط في عدد من الجمعيات الخيرية)، يقول: «يمثل "ماجد" حالة الإنسان الطموح الذي لم يقعده المرض ولم يثنه عن العمل وتحقيق ذاته، والمميز في عمله استثماره الصحيح لكل ما حوله وبين يديه من إمكانات، فبينما يلجأ الكثيرون من شباب الريف إلى المدينة والاغتراب، توجه "ماجد" صاحب الإرادة والعزيمة إلى الأرض ليعيد إليها الحياة، وإلى نفسه الأمل والمستقبل، وما يميزه عدم توجهه إلى أي جمعية خيرية لطلب المساعدة والعون على الرغم من مرضه وحالة الإعاقة الجزئية التي تعرض لها، تاركاً الفرصة لمن هو أحوج منه إلى المساعدة، ليكون بذلك المثل الأعلى في الإنسانية».

استغلال المساحة وسط أشجار اللوز