تختزن الذاكرة الشعبية وقائع تاريخية عن قرية "قيصما" التي تتوسطها مضافة قديمة في بنائها وحجارتها، جرت بها أحداث اجتماعية ووطنية وإنسانية، ما زال بعضها يردد إلى يومنا الحاضر.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 9 تشرين الأول 2020 التقت "محمد الأطرش" حفيد مؤسس المضافة الذي بيّن عن تاريخها قائلاً: «يعود تاريخ تشييد المضافة المبنية بحجارة بازلتية قديمة إلى مؤسسها جدنا "علي الأطرش"، عام 1875، حينها بنيت على أنقاض مبانٍ نبطية وبجانب قصر روماني أزيلت معالمه عام 1860، وتعدُّ هده المضافة من أوائل المضافات التي بنيت في القرية والقرى المجاورة وشهدت أحداثاً كثيرة، حيث كانت مقراً رئيسياً لاتخاذ القرارات المصيرية وخاصة في العهد العثماني عام 1896، حيث اجتمع أهالي القرية بها واتخذوا قرارات لمواجهة قوات "ممدوح باشا" العثماني في معركة "خراب عرمان"، فشاركوا بالمعركة واستشهد حامل البيرق من "آل نور".

كذلك وجّه "نواف الأطرش" الابن الأكبر لمؤسس المضافة لبعض الشخصيات الوطنية الهامة في أحداث التاريخ المعاصر دعوة لزيارة القرية، وتحديداً عام 1937 كان المجاهدان "نسيب البكري وهاشم الأتاسي" ضيفين عزيزين مكرمين، وكان لوقع زيارتهما أثر وطني ما زال المعاصرون لها يرددونه إلى اليوم، وهناك موقف من المصلح الاجتماعي الوطني المثقف "عارف بك النكدي" عام 1947 صاحب المشروع الإصلاحي والمؤسس لـ "بيت اليتيم" في محافظة "السويداء" حينما كان محافظاً لها، وقدم داخل المضافة بحضور فعاليات اجتماعية ووطنية كبيرة خطبة وطنية رائدة بمضمونها ودلالاتها أكد بها على مشروعه التخفيف من مظاهر البذخ والالتفات إلى الأسر الفقيرة

هذه المضافة كانت مرجعاً ومقراً دائماً لحل الخلافات بين العائلات، وهناك إجماع عام من كل الذين عاصروا تلك الأحداث التاريخية الهامة على المكانة اللائقة والبعد عن الظلم والاستئثار الذي يحصل في كثير من القرى المجاورة، كما عقد اجتماع هام في هذه الدار ضم نخبة من رجال المقرن الشرقي، واتخذوا قرارات مشبعة بالجرأة والتحدي للمشاركة في الذهاب إلى "العقبة" تلبية للرسائل التي وصلت من الأمير "فيصل" دعماً وتأييداً للثورة العربية الكبرى، واستقبلت المضافة شخصية عربية هامة في التاريخ المعاصر هو السلطان "بن الرشيد" بعد وصوله وإقامته في قرية "امتان" لدى المجاهد "مصطفى الأطرش"، وأيضاً زارها عدد من شيوخ القبائل العربية قبيل الثورة "السورية الكبرى" منهم "حديثة الخريشا، ونوري الشعلان، وحسين الفايز" وغيرهم».

الحفيد من أمام المضافة

وبيّن الباحث التاريخي "إبراهيم جودية" عضو الجمعية "العلمية التاريخية" ومن أهالي القرية بالقول: «كانت هذه المضافة مقراً دائماً للجنة الوطنية قبيل الثورة "السورية الكبرى"، حيث شكلت خمس لجان ثورية إحدى هذه اللجان مقرها قرية "قيصما" ومركزها مضافة "علي الأطرش"، وعلى إثرها غادر صاحب المضافة خوفاً من بطش الفرنسيين إلى "الحجاز" عن طريق "الأردن"، وكان قد وصل إلى المضافة القائد العام للثورة "السورية الكبرى" "سلطان باشا الأطرش" وحوله 200 فارس من فرسان وطلائع الجبل بعد معركة "الصوخر" الواقعة بين قريتي "حوط"، و"ذيبين" وحلوا ضيوفاً على كل أهالي القرية، وعندما علم الفرنسيون بتاريخ الثالث والعشرين من شهر آب عام 1926 بوجود "سلطان الأطرش" في القرية المذكورة انطلقت حملة من "السويداء" بقيادة الضابط الفرنسي "فييف" يعاونه الملازم أول "سيكر" وعدد كبير من الجنود ووقعت أشرس معركة بالسلاح الأبيض قتل فيها عدد من الفرنسيين وأسر معاون قائد الحملة "سيكر" وتم سوقه إلى المضافة المذكورة وبقي لمدة يومين تحت حراسة مشددة من قبل "نواف الأطرش" ابن صاحب المضافة، وانتقاماً من أصحاب المضافة ووقوفهم مع القائد العام للثورة حرقت كل موجوداتها من سجاد وتحف وكل ما تحتويه من معدات ثمينة، ودفعت القرية الشهيدين "تركي ملاك"، و"هزيمة الزغير" للسبب نفسه».

وتابع الباحث "جودية" بالقول: «كذلك وجّه "نواف الأطرش" الابن الأكبر لمؤسس المضافة لبعض الشخصيات الوطنية الهامة في أحداث التاريخ المعاصر دعوة لزيارة القرية، وتحديداً عام 1937 كان المجاهدان "نسيب البكري وهاشم الأتاسي" ضيفين عزيزين مكرمين، وكان لوقع زيارتهما أثر وطني ما زال المعاصرون لها يرددونه إلى اليوم، وهناك موقف من المصلح الاجتماعي الوطني المثقف "عارف بك النكدي" عام 1947 صاحب المشروع الإصلاحي والمؤسس لـ "بيت اليتيم" في محافظة "السويداء" حينما كان محافظاً لها، وقدم داخل المضافة بحضور فعاليات اجتماعية ووطنية كبيرة خطبة وطنية رائدة بمضمونها ودلالاتها أكد بها على مشروعه التخفيف من مظاهر البذخ والالتفات إلى الأسر الفقيرة».

إبراهيم جودية
المضافة