في ثنايا جدرانها حكايا الرجال الأشداء ومواقف العقل الجمعي، بها اجتمع قادة الرأي لتوحيد الموقف والنهوض بالواقع، يتوسطها بئر مخصصة للسمن، لها مآثر في الذاكرة التاريخية في تمويل الثوار.

حول تاريخ ونشأة مضافة "البثينة" مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 5 آب 2020 التقت حفيد مؤسس المضافة "زيد عامر" الذي بيّن قائلاً: «تقع قرية "البثينة" في الشمال الشرقي من مدينة "شهبا"، وتبعد عنها حوالي عشرين كليومتراً، وفوق أرضها شيدت إحدى المضافات القديمة العائد تاريخها إلى العصر العثماني ومن أبرز ما تتميز به أنها حملت أحداثاً تاريخيةً قام بها أهل القرية، وضمن مبنى المضافة حفرت بئر لصاحبها الشيخ المجاهد "حمد عامر" الذي ملأها بالسمن العربي، ومن خلاله كان يرسل للثوار وجبات الطعام، عدا عن الأغنام والماعز التي يملكها ويكرم بلحومها أثناء استقباله لأكثر من ثلاثين ضيفاً في اليوم الواحد ومن مختلف الأماكن.

تقع قرية "البثينة" في الشمال الشرقي من مدينة "شهبا"، وتبعد عنها حوالي عشرين كليومتراً، وفوق أرضها شيدت إحدى المضافات القديمة العائد تاريخها إلى العصر العثماني ومن أبرز ما تتميز به أنها حملت أحداثاً تاريخيةً قام بها أهل القرية، وضمن مبنى المضافة حفرت بئر لصاحبها الشيخ المجاهد "حمد عامر" الذي ملأها بالسمن العربي، ومن خلاله كان يرسل للثوار وجبات الطعام، عدا عن الأغنام والماعز التي يملكها ويكرم بلحومها أثناء استقباله لأكثر من ثلاثين ضيفاً في اليوم الواحد ومن مختلف الأماكن. جرت في المضافة حادثة تعدُّ الأولى من نوعها بتاريخ العشائر العربية، فقبل مئة وخمسين عاماً من الآن جاء إليها ضيف، وحين قدم له منسف الطعام قام بزرع الرمح في قلب المنسف، وهي عادة عربية تحمل دلالة بطلب اللجوء والحماية والدفاع، وكان للضيف ما أراد. ما تزال المضافة قائمة رغم تدخل الحداثة التي زادت في جمالها العمراني، ولا يستطع أحد المرور من أمامها دون الدخول إليها وشرب فنجان القهوة المرة العربية، وهي مستمرة بوجودها بدلالة حجارتها القديمة

جرت في المضافة حادثة تعدُّ الأولى من نوعها بتاريخ العشائر العربية، فقبل مئة وخمسين عاماً من الآن جاء إليها ضيف، وحين قدم له منسف الطعام قام بزرع الرمح في قلب المنسف، وهي عادة عربية تحمل دلالة بطلب اللجوء والحماية والدفاع، وكان للضيف ما أراد.

بئر السمن

ما تزال المضافة قائمة رغم تدخل الحداثة التي زادت في جمالها العمراني، ولا يستطع أحد المرور من أمامها دون الدخول إليها وشرب فنجان القهوة المرة العربية، وهي مستمرة بوجودها بدلالة حجارتها القديمة».

وأوضح المؤرخ "إبراهيم جودية" عضو الجمعية العلمية التاريخية في "السويداء" بالقول: «بنيت الدارة الكبيرة في قرية "البثينة" مضافة ومقعداً للشيخ المجاهد "حمد عامر" على أنقاض مبانٍ نبطية في منتصف القرن التاسع عشر، جلبت الحجارة من الخرب المجاورة، ومن مدينة "شهبا" لإشادتها، وشهدت أحداثاً تاريخية مميزة، منها عام 1886 عندما قام "ممدوح باشا العثماني" بحملته المشهورة على "جبل العرب"، وبعد مجموعة من المعارك والمواجهات الدامية بين أبناء الجبل وكتائب الحملة المذكورة أجمعت معظم القرى على التفاوض مع "ممدوح باشا" وتنفيذ طلبات الدولة العثمانية، وفي خضم هذه الأجواء شهدت المضافة اجتماعاً حاشداً للذين لم يوافقوا على الصلح مع الدولة العثمانية، وتمخضت هذه الاجتماعات عن إرسال فصائل تجوب قرى المنطقة الشمالية وتنبه لمتابعة القتال وعدم الرضوخ للمطالب العثمانية.

مؤسس المضافة المجاهد حمد عامر

وفي عام 1910 عندما اجتاح المنطقة "سامي باشا الفاروقي" شهدت هذه الدار اجتماعاً عاماً شارك به وفود من العشائر العربية المجاورة والهدف كان الوقوف صفاً واحداً ضد أعداء الوطن، وشارك المجتمعون بمعركة "تل مفعلاني" و"قنوات"، وفي عام 1911 تم اللقاء بين المنتسبين للجمعية "العربية الفتاة" من أبناء الجبل، مع أبناء "دمشق" المنتسبين للجمعيات السرية، والهدف الوقوف ضد سياسة التتريك التي اتبعها الاتحاديون، واتخذ قرار في هذه المضافة، ومعظم مضافات الجبل المميزة بمنع بيع الحبوب إلى سماسرة الدولة العثمانية مهما كانت الأثمان مغرية.

وفي عهد الحكومة العربية بين عامي 1918 و1920 حكومة "فيصل"، كان المجاهد "حمد عامر" محسوباً ومؤيداً لهذه الحكومة ومناصراً لها رغم وجود بعض المعارضين ضمن منطقته، لذلك شهدت المضافة أكثر من اجتماع تأييدي لجميع القرارات المتخذة من قبل الحكومة العربية خاصة إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية، أما في الثورة السورية الكبرى فقد شهدت لقاءات اجتماعية هامة لتمويل الثورة والثوار، ويكفي هذه الدار بئر السمن العربي التي لا تزال موجودةً، فقد خصص لكل ثائر رغيف معبأ بالسمن العربي في كل وجبة طعام لمنحه الطاقة، الأمر الذي سبب للدار القصف بالطيران الفرنسي، وتعرضت القرية لأشرس المعارك، واستمرت في صمودها وثباتها إلى يومنا هذا، إذ قل ما يأتي ضيف للقرية إلا ويدخل إليها ليشتم رائحة التاريخ بها ويتناول قهوتها الأصيلة».

من أمام المضافة مع الأحفاد