بين حجارتها البازلتية القديمة أحداث واقعية حملت مآثر الأجداد، وبين جدرانها أفكار ورؤى وطنية جلّ همها الدفاع عن الأرض والعرض، ورغم حداثتها الحالية لكن الداخل إليها يشعر بقيم من دخل حماها واستضاف بها.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7 حزيران 2020 "صايل شرف" حفيد مؤسس المضافة المجاهد "محمد شرف"، الذي قال: «من يبحث في بطون المراجع التاريخية ومذكرات الثوار يقف أمام مضافة "آل شرف" كواحدة من مضافات المنطقة الشرقية المحاذية للبادية، وقفة المتأمل لأحداث وقعت بها، وقد ذكرها القائد العام للثورة "السورية الكبرى" "سلطان باشا الأطرش" في مذكراته أكثر من موقف عدا ما دونه المجاهد "سعيد العاص" وغيره من أحداث».

من يبحث في بطون المراجع التاريخية ومذكرات الثوار يقف أمام مضافة "آل شرف" كواحدة من مضافات المنطقة الشرقية المحاذية للبادية، وقفة المتأمل لأحداث وقعت بها، وقد ذكرها القائد العام للثورة "السورية الكبرى" "سلطان باشا الأطرش" في مذكراته أكثر من موقف عدا ما دونه المجاهد "سعيد العاص" وغيره من أحداث

ويتابع: «حدثنا جدي "محمد شرف" عن تاريخ المضافة ونشأتها، حيث أكد أنّ قرية "تيما" تنطوي على ثلاث مدن تحت ترابها، وهي قديمة أثرية يشهد لها التاريخ بذلك، وبالفعل وجدنا إلى جانب مكان المضافة قناطر أثرية قديمة مطمورة بالتراب والرمل، دلالة على وجود أبنية تحت الأرض، أما نشأة المضافة والعائدة إلى عام 1870 مع قدوم أهلنا من مدينة "شهبا" إليها، حيث استقدم بنائون مختصون بفن العمارة الملائم للتاريخ والبيئة الاجتماعية للمنطقة وقاموا بالبناء، وشهدت اجتماعات للثوار في زمن مقارعة الاستعمارين العثماني والفرنسي.

صايل شرف

ومنذ أن استضاف المجاهد "محمد شرف" أول اجتماع عام 1897 بها، بعد أن لجأت مجموعة من الذين حاربوا "ممدوح باشا" العثماني إلى خربة "الدياثة" الأثرية، اتفق المجتمعون فيها على الاستمرار بالمقاومة وعدم الاستسلام للمحتل ومحاربته وفضح الشخصيات التي سلمت أسلحتها له، وضمن المضافة جرت لقاءات لعدد من العشائر العربية البدوية؛ ومنها "الغياث" التي وقفت إلى جانب الثورة "السورية الكبرى"، وشنت معهم معارك ضد الفرنسيين في مناطق عديدة مثل "القلمون"، والنبك" وغيرهما».

أوضح المؤرخ "إبراهيم جودية" عضو الجمعية "العلمية التاريخية" في "السويداء" بالقول: «بعد الهجرة الكبيرة عام 1860 القادمة من "لبنان" إثر الأحداث المؤلمة توطّن المهاجرون الجدد في المنطقة الشرقية من جبل "حوران"، وباشروا إعمار منازلهم رغم الظروف القاهرة في ظل الدولة العثمانية، ومن المضافات التي بنيت في ذلك الزمن مضافة "آل شرف" في قرية "تيما" الواقعة على الأطراف الشرقية المحاذية للصحراء وذلك في عام 1870، ومع الأيام أصبح لها أهمية كبرى لوقوعها على طريق القوافل القادمة من الصحراء والمغادرة إلى الشرق، وبعد أن سيطر "سامي باشا الفاروقي" على الجبل بالغدر والخداع والنفي لمعظم رجالات الجبل استسلمت جميع المناطق، وتم تسليم الأسلحة ووافق أغلب الزعماء على هذا النهج، إلا "سليم الأطرش" شيخ قرية "الغارية" الملقب بـ"سليم الغول" حيث غادر المنطقة الجنوبية، واتجه شمالاً مع كوكبة من المقاومين الذين لم يستسلموا وقبل أن يصل الى قرية "الرضيمة الشرقية" حلّ ضيفاً على مضافة المجاهد "محمد شرف"».

المؤسس للمضافة

وتابع بالقول: «حينما وصلت رسائل الشريف "فيصل بن الحسين" إلى بعض الزعامات المحلية في مختلف مناطق الجبل شهدت مضافة "آل شرف" اجتماعاً وطنياً لمعظم الزعماء الموالين والمؤيدين للثورة العربية الكبرى، وحددت أسماء الفرسان الذين يتوجهون إلى "العقبة" عام 1917 رفقة المجاهد "حمد البربور".

أما في أحداث الثورة "السورية الكبرى"، وبعد معركة "المزرعة" بيومين شهدت المضافة اجتماعاً كبيراً، والهدف كان للتنسيق مع العشائر العربية من أجل الانضمام للثورة، وفعلاً شكل وفد من صاحب المضافة مع "جاد لله سلام"، و"كنج صلاح"، و"محمود أبو يحيى"، و"مؤيد شرف" وبعض الزعامات في المنطقة الشمالية، وقد نجحت المساعي وتم إقناع زعماء عشائر "الغياث" الذين هاجموا "الضمير"، و"حران العواميد"، و"الغوطة" جنباً إلى جنب مع أبناء الجبل والعشائر العربية، واتسع نطاق الثورة ليشمل مناطق "القلمون"، و"النبك"».

المؤرخ ابراهيم جودية