"نجمة الصبح" لقبٌ أطلقه زوّارُ مضافة قرية "المتونة"، لأنّ ضوءها لا ينطفئ ليلاً، ومنسفها حاضر، وأبوابها مشرّعة للضيوف، حتى عمل مؤسسها على نقل كرمه للقوافل القادمة من العاصمة، إضافة لما جمعته من مآثر اجتماعية ووطنية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 3 أيار2020 "نواف عامر" أحد أحفاد مؤسسي المضافة، الذي قال: «جمعت المضافة بين جدرانها حكايا ومآثر متنوعة، وشكّلت ضمن النظام الاجتماعي السائد مكانةً خاصةً، فكل زائر قادم إلى "جبل العرب" لا بدّ له من المرور من قرى "اللوا"، وخاصة القادم من "دمشق" إما بقصد التجارة أو غير ذلك بحكم الطبيعة الجغرافية، ولا بدّ له أيضاً المرور من القرية "المتونة"، وينزل في المضافة الملقبة "نجمة الصبح".

في منتصف أربعينيات القرن الماضي إضافة لما حملته مضافة "آل عامر" بقرية "المتونة" من كرم وسمعة في كرمها وخاصة كرم الطرق أي كان صاحبها يلاقي الناس القادمين بقوافلهم من المناطق المختلفة ويقدم لهم الولائم، إلا أن المضافة شهدت موقفاً هاماً بتاريخها المعاصر حينما أوقفت سفك الدم بين العائلات من خلال لقاء جرى بين جدرانها حضره كبار العائلات في تلك المنطقة، وكان اللقاء يتضمن ضمان الحقوق والواجبات بين العائلات، ومنع سفك الدم بينهم، وبالتالي فإن مضافة "آل عامر" شكلت في التاريخ الماضي حصاداً للموقف بالعقل والحكمة، وهي اليوم تتربع وسط القرية تناشد كل زوارها بتاريخها الماضي العريق كرماً وحكمة وموقفاً

لقريتنا طبيعة جغرافية تحمل أبعاداً متنوعة، فهي واحدة من قرى "اللجاة" وذات قدم تاريخي غابر، ولهذا يعود تشييد وقدم المضافة إلى أكثر من قرنين وربع القرن وفق ما ذكره جدنا المؤسس للمضافة الشيخ "سلمان عامر" الذي استقدم بنائين متخصصين من "لبنان"، فأشادوها وفق نمط عمراني روماني يتناسب طرداً مع عادات وتقاليد وطبيعة المكان.

الشيخ المؤسس للمضافة

في ذلك الوقت كانت تجارة القوافل المؤلفة من الإبل والخيل بهدف تصريف الإنتاج الزراعي في أسواق "دمشق" تأتي من قرى الجبل الجنوبية، ومن "الأردن"، وبحكم وجود منهل مائي في القرية ترتاده القوافل للاستراحة وشرب الماء، فمنها من يكمل نحو "دمشق"، ومنها من يعرج إلى دار الشيخ لأخذ قسط من الراحة، فيقدم الطعام للرجال، ويوضع العلف للخيل أو الجمال بأماكن مخصصة لها ضمن باحة الدار، ويأوي الجميع في المضافة، خاصة في أيام الشتاء، لأن بعض الضيوف كانوا يمكثون عدة أيام، وما أن تغادر قافلة حتى تأتي أخرى، فطبيعة وموقع المضافة جعلاها مركز استقبال لكل قاصد لها».

وعن لقب المضافة "نجمة الصبح" تابع "نواف عامر" بالقول: «في إحدى الليالي دخل الشيخ "سلمان عامر" إلى المضافة، فوجد النور مطفأً فتقدم وأشعله، وصادف وجود ضيف فيها حيث قال للشيخ الليل في أوسطه، وكان الضيف من أطفأ النور، فقال الشيخ: (إياك أن تطفئ الضوء يا ضيف الرحمن، لأن الضوء في الليل مقصود، قد يمر رجل جائعاً أطعمناه، أو ظمآن أسقيناه، أو متعباً ريّحناه)، فقال أحد الشعراء فيه:

نواف عامر

ديوانك نجم الصبح مشرع أبوابو للصبح

كوكبٌ يعلو عا صرح مهباجو ينادي علينا

من الآثار الدالة على التأسيس

ولهذا كان ذلك اللقب، وكانت المضافة محكمة بقوانين أهلية، فكثير من التجمعات التي كانت تحدث يومياً وأسبوعياً لحل النزاعات والخلافات الاجتماعية، من قضاء المجتمع إلى قضاء الخيل والحلال أي الأغنام والماعز وغيرها، وخلال العام الواحد يحدث اجتماعين ثابتين لأهالي القرية والقرى المجاورة لتحديد نظام الزراعة، أولهما في الخامس عشر من تشرين الأول من كل عام، والثاني في الخامس عشر من شهر نيسان، وهو نمط وشكل مميز من أشكال التكافل الاجتماعي لتنظيم الحياة الزراعية، وقد جرى لقاء جماهيري قبيل معركة "اللجاة" 1925، وكان لا بدّ من حمل البيرق و"آل حمشو" هم حاملوه بالأساس، حيث تخلل ذلك تباين بالرأي في إمكانية خوض المعركة، لكنهم في النهاية انطلقوا نحو الحرب، ولبثّ روح الحماسة في النفوس حملت البيرق يومها إمرأة عرفت باسم "أم حسين بدورة الغصيني" التي كانت قابلة، فما كان من رجال القرية إلا أن باتوا ليوثاً، وبالكاد قطعت "أم حسين" مسافة قليلة من مساحة البلد حتى تناول "آل حمشو" البيرق منها لخوض غمار المعركة بشرف وكرامة، كغيرهم من عائلات القرية، وكان النصر لأهالي القرية والمنطقة».

ويذكر الباحث في التاريخ "ابراهيم العاقل" بالقول: «في منتصف أربعينيات القرن الماضي إضافة لما حملته مضافة "آل عامر" بقرية "المتونة" من كرم وسمعة في كرمها وخاصة كرم الطرق أي كان صاحبها يلاقي الناس القادمين بقوافلهم من المناطق المختلفة ويقدم لهم الولائم، إلا أن المضافة شهدت موقفاً هاماً بتاريخها المعاصر حينما أوقفت سفك الدم بين العائلات من خلال لقاء جرى بين جدرانها حضره كبار العائلات في تلك المنطقة، وكان اللقاء يتضمن ضمان الحقوق والواجبات بين العائلات، ومنع سفك الدم بينهم، وبالتالي فإن مضافة "آل عامر" شكلت في التاريخ الماضي حصاداً للموقف بالعقل والحكمة، وهي اليوم تتربع وسط القرية تناشد كل زوارها بتاريخها الماضي العريق كرماً وحكمة وموقفاً».