شهدت مضافة "آل الشاعر" في قرية "بوسان" مواقف متعددة، وقدمت رجالاً باتوا في ذاكرة التاريخ المعاصر علامةً فارقةً بالموقف والعمل.

حول علاقتها بالموروث التاريخي والاجتماعي، مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 29 كانون الأول 2019 التقت "ثائر الشاعر" أحد أحفاد مؤسس المضافة "يوسف الشاعر" الذي بيّن قائلاً: «ضمن حاضنة المنطقة الشرقية لجبل العرب، والحاملة تاريخاً ناصعاً بالمواقف الاجتماعية والوطنية عبر التاريخ المعاصر، تقع قرية "بوسان" التي تتميز بموقع سياحي جميل ومناخ معتدل صيفاً وشديد البرودة شتاءً، وهي تتربع على كتلة بركانية عالية تمتد حتى منطقة "ظهر الجبل"، وتبعد عن مدينة "السويداء" أكثر من 30 كم، وترتفع عن سطح البحر 1500، وتحتوي على آثار رومانية تؤكد حضارة هذه القرية وقدم تاريخها.

بعد عودة المجاهدين إلى أرض الوطن زار القائد العام للثورة "سلطان باشا الأطرش" هذه المضافة بعد منتصف ثلاثينات القرن الماضي، ومع بداية الأربعينيات وصل الجنرال "ديغول" إلى قرية "بوسان" مع وفد كبير وحلوا ضيوفاً في مضافة المجاهد "نصر الشاعر"، فما كان من أحد المرافقين إلا الإقدام بإزالة صورة "سلطان الأطرش" المثبتة بصدر المضافة، وفي هذه اللحظات انفعل صاحب المضافة وأقدم على كسر فنجان القهوة قبل أن يشربها الضيف، وإعادة الصورة إلى مكانها، وهنا تقدم الجنرال "ديغول" وهو مبتسماً وأدى التحية للصورة

تحولت أراضيها ذات الطبيعة القاسية بسواعد أهلها إلى بساتين تفاح، ولها المكانة المميزة بحيث شيد أهلها وخاصة المجاهد "قاسم الشاعر" بيتاً تراثياً دخل الذاكرة الشعبية التي تنعش كل مستمع ومتحدث بأمجادها، فما أن أقبل القرن التاسع عشر حتى جاء أهلنا وأجدادنا قاصدين العيش الكريم هنا، وشيدوا بها مضافة قبل أكثر من قرن وعقدين، وهي على الطريقة القديمة الحاملة للقناطر المعقودة أسطحها بالعقدة الرومانية، شيدها جدنا وجرت بها أهم اللقاءات التاريخية، واتخذت بها جل المواقف التاريخية والوطنية، فهي مضافة مشبعة بعبق التاريخ بنيت في العقد الأول من القرن الماضي أي عام 1910 على يد الشيخ "قاسم الشاعر"، وهو ومن الذين استقروا في قرية "بوسان" منذ منتصف السبعينيات من القرن التاسع عشر، وأول حدث في هذه المضافة في السنة التي تلت التأسيس حيث استقبلت مجموعةً من المجاهدين والمقاومين الذين لم يستسلموا للقائد العثماني "سامي باشا الفاروقي" وعلى رأسهم المقاوم "سليم الأطرش" شيخ قرية "الغارية"».

الشيخ ثائر الشاعر

وعن الوقائع التاريخية التي جرت في المضافة أوضح المؤرخ "ابراهيم جودية" بالقول: «من تلك الوقائع الهامة في تاريخ مضافة المجاهد "يوسف الشاعر" كان عام 1920 عندما دخلت القوات الفرنسية مدينة "دمشق"، حيث لبى وجهاء المقرن الشرقي أي الجهة الشرقية من "جبل العرب" دعوة المجاهد "يوسف الشاعر" لدراسة الموقف والتطورات الخطيرة، وفعلاً شارك مجموعة من عربان المنطقة ووصلوا إلى مشارف "بصر الحرير"، ولكن مغادرة الملك "فيصل" إلى "درعا" فرضت موقفاً جديداً، كما وصل إلى المضافة المذكورة وبعد معركة "المزرعة" الشهيرة مجموعة من المجاهدين الذين شاركوا في المعركة، ومعهم ضابط أسير من أصول مغربية تم تسليمه أثناء المفاوضات في قرية "أم ولد"، وهناك موقف لا بدّ من ذكره للتاريخ إذ بعد سيطرة الجنرال "اندريا" على مدينتي "صلخد" و"شهبا" من خلال طيرانه وكتائبه المدججة بالأسلحة الحديثة، انعقد المؤتمر الشعبي في المضافة بحضور المجاهدين "رشيد طليع"، والشيخ "أحمد الهجري"، والأمير "عادل أرسلان"، وبعض القادة من المناطق السورية، وقد اتخذت عدة قرارات في الـ27 من شهر حزيران عام 1927، ومنها متابعة الثورة حتى تعترف "فرنسا" بالاستقلال ووحدة التراب السوري، وتقسيم القوات المحاربة إلى ست مجموعات، المقرن القبلي بقيادة المجاهدين "علي الأطرش"، والمقرن الشرقي "سليمان نصار"، وفي منطقة "شهبا" المجاهد "زيد عامر" وفي "اللوى" المجاهد "محمد عز الدين"، وفي "اللجاة" المجاهد "فضل الله هنيدي"، ومن المجاهدين اللبنانيين في إقليم "البلان" الأمير "عادل أرسلان"، ومن المقررات تخصيص رواتب شهرية للمقاتلين، وتوزيع الطحين على أسرهم، وإطلاق شعار (إما الحرية أو الموت)، ومخاطبة المغتربين السوريين في المهجر لدعم "الثورة السورية" الكبرى».

ومن الأحداث التاريخية تابع المؤرخ "جودية" بالقول: «بعد عودة المجاهدين إلى أرض الوطن زار القائد العام للثورة "سلطان باشا الأطرش" هذه المضافة بعد منتصف ثلاثينات القرن الماضي، ومع بداية الأربعينيات وصل الجنرال "ديغول" إلى قرية "بوسان" مع وفد كبير وحلوا ضيوفاً في مضافة المجاهد "نصر الشاعر"، فما كان من أحد المرافقين إلا الإقدام بإزالة صورة "سلطان الأطرش" المثبتة بصدر المضافة، وفي هذه اللحظات انفعل صاحب المضافة وأقدم على كسر فنجان القهوة قبل أن يشربها الضيف، وإعادة الصورة إلى مكانها، وهنا تقدم الجنرال "ديغول" وهو مبتسماً وأدى التحية للصورة».

المضافة
ابراهيم جودية