من يصل إلى مدخل مضافة "آل العطا الله" في قرية "الهويا" يستقبله دخان البن والهيل إعلاناً بالترحاب، وحين يرشف قهوتها يشعر بأصالة وتاريخ المكان والأحداث والوقائع الماضية التي جرت بين جدرانها.

حول تاريخ ونشأة المضافة، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 20 تشرين الأول 2019 التقت "نبيه العطا الله" حفيد مؤسسها الذي بين قائلاً: «منذ ما يزيد على قرن ونصف من الزمن، وفوق تراب قرية "الهويا" الموصوفة بأن حدودها مطلع الشمس، كان المناخ الاجتماعي يرزح تحت نظم معروفة بعادات وتقاليد عربية تجسدها شخصيات دخلت التاريخ، وعملت على توثيقه بالفعل والمثابرة بخوضها معارك عديدة، وعيشها ضمن مواقف وأحداث هامة في التاريخ المعاصر، رغم الظلم العثماني وما كان يبث من سموم بين أفراد المجتمع، ويقوم بأعمال من شأنها زيادة الفقر والجوع، إلا أن أجدادنا كانوا مقاومين أشداء، فاستقدم جدنا المجاهد "حسين العطا الله" مهنيين من "لبنان" وبنوا مضافة عرفت باسم مضافة "آل العطا الله"، وخاضت منذ ذلك الوقت تجربة وطنية كبيرة باحتضانها لقاءات اجتماعية ووطنية، وشخصيات تاريخية هامة في موروثنا الاجتماعي».

منذ ما يزيد على قرن ونصف من الزمن، وفوق تراب قرية "الهويا" الموصوفة بأن حدودها مطلع الشمس، كان المناخ الاجتماعي يرزح تحت نظم معروفة بعادات وتقاليد عربية تجسدها شخصيات دخلت التاريخ، وعملت على توثيقه بالفعل والمثابرة بخوضها معارك عديدة، وعيشها ضمن مواقف وأحداث هامة في التاريخ المعاصر، رغم الظلم العثماني وما كان يبث من سموم بين أفراد المجتمع، ويقوم بأعمال من شأنها زيادة الفقر والجوع، إلا أن أجدادنا كانوا مقاومين أشداء، فاستقدم جدنا المجاهد "حسين العطا الله" مهنيين من "لبنان" وبنوا مضافة عرفت باسم مضافة "آل العطا الله"، وخاضت منذ ذلك الوقت تجربة وطنية كبيرة باحتضانها لقاءات اجتماعية ووطنية، وشخصيات تاريخية هامة في موروثنا الاجتماعي

وحول الأحداث التاريخية بين الباحث في التاريخ "ابراهيم جودية" قائلاً: «يفوح من مضافة المجاهد "حسين العطا لله" الملقب "أبو نايف" في قرية "الهويا" عبق التاريخ الوطني منذ تأسيسها، وشهدت أحداثاً جساماً، ومآثر عربية معروفية رائدة منذ أواخر العهد العثماني البائد، مروراً بالاحتلال الفرنسي الغاشم، وأثناء الأحداث الداخلية بعد الاستقلال.

نبيه العطا الله

فمثلاً عندما غادر "سليم الأطرش" الملقب بـ"الغول"، ولم يستسلم لقائد الحملة العثمانية العام 1910؛ انتقل من بلدة "الغارية" إلى القرى الشرقية مع مجموعة من الثائرين والملاحقين من قبل السلطات العثمانية آنذاك، فاستضافهم الشيخ "حسين" بهذه المضافة رغم خطورة الموقف، وغادروا بعدها إلى قرية "الرضيمة الشرقية". والمضافة المذكورة كانت ملاذاً آمناً للملاحقين والفارين من السلطات العثمانية حتى رحيل بني "عثمان" بعد الثورة العربية الكبرى، وعندما وصلت أخبار قيام الدولة الدرزية عام 1921، أو بما يسمى اتفاقية "أبو فخر دوكيه" انعقد اجتماع شعبي في هذه المضافة للقرى المجاورة لمناقشة هذه الواقعة، رافضين الخضوع للانتداب الفرنسي».

وتابع "جودية" بالقول: «خلال الثورة السورية الكبرى وبعد معركة "قيصما" عام 1926؛ توجه الثوار الى قرية "الهويا" وحلوا ضيوفاً في مضافات "آل الاطرش" وآل البربور"، "حسين العطا لله"، وفي اليوم الثاني تمكنت طائرة فرنسية من قصف المكان، ووقعت قنبلة بجانب المضافة تدافع المجاهدين إلى خارج المضافة خوفاً على حياتهم وهذا إجراء طبيعي وبقي "سلطان باشا الأطرش" داخل المضافة من الجهة الشمالية الشرقية. كذلك شهدت المضافة اجتماعاً موسعاً بنهاية الثورة من أجل التوجه إلى الأراضي الأردنية، ومعظم المجاهدين أصروا على الهجرة الجماعية وترك البلاد، وهنا وقف الشيخ "أبو أحمد قاسم أبو سعيد" ورفض هذا المشروع وأيده الكثيرون، وفي هذه الفترة وصل معظم القادة الكبار ومعهم المجاهد الكبير "أبو حسن فضل لله الأطرش"، والجنرال "أندريا" اجتاح المنطقة بالطائرات والجيوش والعملاء وحالة المجاهدين متراجعة وشبه منهارة، وفي هذه اللحظات قال: "فضل الله الأطرش" بيت الشعر المعروف "يا ديرتي مالك علينا لوم"، وأكملها "صياح الأطرش" كل هذا في مضافة الشيخ "حسين العطا لله".

المعلم صقر البربور

وفي الفتنة الداخلية عام 1947، وصل إلى المضافة المذكورة وفد رفيع المستوى لتهدئة النفوس على أثر الأحداث الداخلية المؤلمة، ومنهم مشايخ العقل "أحمد الهجري" و"أحمد جربوع"، و"هاني الحناوي"، والمحافظ "عارف النكدي" ونجحت المساعي الخيرة بتقريب وجهة النظر ومعالجة تداعيات الحدث وبالتالي فهي شهدت عقد اتفاقيات الصلح بين عصرين».

وبين مربي الأجيال "صقر البربور" وأحد سكان القرية قائلاً: «تميزن مضافة "آل العطا الله" بشيخها "حسين" الذي ما أن تدخل المضافة عند بزوغ الفجر حتى ترى قهوتها جاهزة، وحين مر بالقرية ومن أمام المضافة "حمزة درويش" عند بزوغ الفجر؛ وجد شيخها مستيقظاً، وقام بدعوته لرشف فنجان القهوة، لبى "درويش" الدعوة مستغرباً ومتسائلاً: أيعقل أن تكون القهوة جاهزة عند الفجر!، وبالفعل كان ذلك، يومها قال: المضافة التي قهوتها مع بزوغ الفجر لعمري صاحبها بيك. ومن حينها لقب الشيخ "أبو نايف حسين العطا لله" بـ"البيك" أسوة بالعشرات من رجالات الجبل الذين يتمتعون بالكرم والشجاعة، ويمتلكون المضافات الكبيرة في ذلك الزمن، ولا تزال المضافة مشرعة أبوابها للضيوف إلى يومنا فهي شهدت أحداث واتفاقيات تتضمن الصلح والمصالحة والتكافل الاجتماعي».

المضافة التاريخية