يعدّ زيّ الشابات أو الصبايا في "جبل العرب" من التراث المادي الذي ينمّ عن ملاءمته للبيئة المحلية الناجمة عن فكر إبداعي في انتقاء الألوان والأشكال، وهو ما يزال حاضراً.

حول زيّ الشابات، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 20 أيلول 2016، التقت الباحث التراثي "فوزات رزق"، فبيّن قائلاً: «يحمل زيّ الشابات في جبل العرب أشكالاً وتحفاً خاصة تنمّ عن علاقتها بالتراث المادي، وهو قديم؛ إذ إن لكل جيل زيّه، وربما يلتقيان في بعض التفاصيل ويختلفان في بعضها الآخر، ومنه "الفستان أو التنورة" ويفصل من أنواع عديدة من القماش الزاهي الألوان، ويكون ملتصقاً بالصدر ليبرز مفاتنه، طويلاً يغطي القدمين، فضفاضاً من الأسفل، وهو يتألف أيضاً من "المملوك"؛ وهو إزار يغطي مقدمة الجسم بدءاً من أسفل الصدر وحتى القدمين، ويفصّل عادة من قماش الفستان نفسه، وهو مزموم من الأعلى بما يتناسب مع الخصر، ومنفلت من الأسفل بثنيات متعددة تجعله منسجماً مع ثنيات الفستان. وكذلك هناك "الجاكيت" ويفصّل من قماش الفستان و"المملوك" نفسه، وله تفصيلة خاصة، غير أن الصبايا استبدلن به "جاكيت" الصوف المحاك بآلات التريكو، وذلك في الشتاء، أما في الصيف، فيكتفين بالفستان و"المملوك" ليس غير؛ ذلك لأن الزيّ الشعبي التراثي يدخل في مجموعة من العوامل المقاومة للطبيعة والبيئة من حيث المناخ الجبلي المعروف بشدة البرودة شتاء والرطوبة».

ارتدت النسوة القديمة الأزياء الشعبية، وهي تعبر عن جمالها ومفاتن العلاقة مع البيئة المحلية من خلال الأشكال والألوان الزاهية والغامقة والتقسيمات المعروفة من "المملوك، إلى الطربوش، إلى الفوطة، والجاكيت"، وغيرها من الأزياء، وجميعها لها خصوصية في تاريخ جبل العرب، حتى إن الأغاني الشعبية كانت تتغنى بها، مثل: "يا أم الشكي والفوطة... والغوازي الذهبية" وغيرها من الأغاني الشعبية التي عبرت عن تلك الأزياء التراثية الجميلة التي تحمل معاني ودلالات متعددة، وما زالت تلك الأزياء موجودة في قرى "السويداء"، أما زيّ الكهلات، فهو مستمر إلى يومنا الحاضر

وتابع الباحث "رزق" قائلاً: «والزيّ الشعبي العربي يحتاج إلى غطاء الرأس المكون من "الطربوش" ذي الجوخ الأحمر، له شكل شبه مخروطي، ويحوي قرصاً من الفضة "الروباص" يتوجه، و"شناشيل" من الغوازي أو "الجهايد" الذهبية، وربما من الليرات الذهبية، وشكة أو شكتين من الرباعي الذهبية تشكلان صفاً أو صفين في مقدمة وأسفل "الطربوش"، ولوحة مكتوب عليها "ما شاء لله"؛ وهي قطعة ذهبية مستديرة ومؤطرة تثبت وسط وأسفل "الطربوش" تحت الشكة، و"الشوالق" وتتوضع على جانبي "الطربوش"، ويتألف كل "شالق" من خمس "جهايد أو قرانيصات"، ثلاث في الأعلى ثم اثنتين في الأسفل، ثم واحدة في أسفل "الشالق"، حيث يشكل "الشالق" مثلثاً، وربما أضفن في وسط "الطربوش" بين الشكة و"شناشيل" القرص دبوساً، وهو تعليقة ذهبية علق فيها من ثلاث إلى "خمس رباعي" من القطع الذهبية، أما غطاء الرأس، فهو "الفوطة"؛ وهي من "الجورجيت" الرقيق الأبيض أو "السكري"، والجدير بالذكر، أن "الطربوش" هو لباس المناسبات، أما في الحالات العادية، فتكتفي الصبية بالفوطة تلفع بها رأسها، ويسمون تلك الطريقة في التلفع "فوطة لقح"».

الباحث التراثي فوزات رزق

وعن زيّ الكهلات، أوضح الباحث "زيد النجم" بالقول: «لا يختلف زيّ الكهلات عن زي الصبايا كثيراً، فمكوناته من "الفستان" ويخترنه من القماش الثخين، مبتعدات عن الألوان الفاتحة، والمؤلف أيضاً من "المملوك" المصنوع من قماش الفستان نفسه، و"الجاكيت"، وتلتزم به النساء الكهلات أكثر من الصبايا، ويتخذ من الصوف، و"الطربوش"، وأغلب الأحيان تكتفي الكاهلات بالطربوش بقرص وبلا "شناشيل" أو تعاليق ذهبية، و"الفوطة" وتتخذها الكهلات من "اليشمى الرقيق"، وربما يكتفين بالفوطة بلا طربوش "فوطة لقح".

وهناك زيّ الكبيرات "العجائز"، وينحصر لون لباس العجائز باللون الأسود عدا الفوطة، ويتألف من: "الصاية"؛ وهي رداء من القماش الأسود مفتوح من الأمام كـ"القنباز"، وربما استعضن عنه بالفستان الأسود، و"الجاكيت" ويفصلنه من قماش الفستان نفسه، و"لباس الرأس" مكوّن من "الطربوش" بلا قرص، و"الفوطة" ويتخذنها من القماش الأبيض الثخين، و"العصبة"، وهي "محرمة" بيضاء عادةً أو منقطة بالأسود أو ذات لون فاتح، يعصبون بها الطربوش فوق الفوطة».

الباحث زيد النجم

وعن زيّ الشابات والكهلات قديماً، بيّنت "نهى أبو زهرة" من سكان الجبل قائلة: «ارتدت النسوة القديمة الأزياء الشعبية، وهي تعبر عن جمالها ومفاتن العلاقة مع البيئة المحلية من خلال الأشكال والألوان الزاهية والغامقة والتقسيمات المعروفة من "المملوك، إلى الطربوش، إلى الفوطة، والجاكيت"، وغيرها من الأزياء، وجميعها لها خصوصية في تاريخ جبل العرب، حتى إن الأغاني الشعبية كانت تتغنى بها، مثل:

"يا أم الشكي والفوطة... والغوازي الذهبية"

السيدة نهى أبو زهرة

وغيرها من الأغاني الشعبية التي عبرت عن تلك الأزياء التراثية الجميلة التي تحمل معاني ودلالات متعددة، وما زالت تلك الأزياء موجودة في قرى "السويداء"، أما زيّ الكهلات، فهو مستمر إلى يومنا الحاضر».