يمثّل الزي الشعبي في "جبل العرب" نمطاً في التعامل مع مكونات الحياة اليومية وطبيعة المكان، وقد دخل في تصنيف التراث اللا مادي لأهميته وجماله وطبيعته ضمن فئاته العمرية المختلفة، من خلال ارتباطه بالتاريخ والأصالة.

حول تاريخ الزي الشعبي وارتباطه بالمكان مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 20 حزيران 2016، التقت الباحث التراثي "فوزات رزق"، ويقول: «الحديث عن الزي الشعبي في "جبل العرب" يقودنا إلى الوقوف على أصول سكان الجبل، ودراسة فترة الازدهار الممتدة من القرن الثامن الميلادي، والشاهد عليها الأوابد التاريخية الماثلة في مدينة "السويداء" و"شهبا" و"قنوات" و"سيع" و"شقا" و"نجران" وغيرها؛ إذ لا تكاد تخلو قرية من أثر مهم يشهد على براعة الإنسان السوري، ومساهمته الفعالة في الحضارة الإنسانية، ونتيجة ظروف مناخية واجتماعية تحولت تلك الصروح الحضارية إلى أطلال دارسة، حتى أعيد إعمار الجبل في بداية القرن الثامن عشر عبر موجات من الهجرات المتلاحقة من "لبنان" و"فلسطين" و"حلب" وضواحي "دمشق" و"جبل الشيخ"، حملت حكايات وأمثالاً وأغاني عملهم وأفراحهم، وبكائياتهم وألعابهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، مثلما حملوا أزياءهم الشعبية المتنوعة، غير أن صخور الجبل السوداء وشعافه المنيعة، ومسالكه الوعرة، ومناخه القاسي منحت الإنسان صياغة جديدة، وفق هذه المعطيات والمتطلبات البيئية، فانصهروا في بوتقة جبلية واحدة، وكوّنوا لأنفسهم فلكلوراً فيه من لبنانيتهم، وفلسطينيتهم، وحلبيتهم، وشاميتهم لمسات واضحة، بيد أنها جميعها تآلفت مع الزمن لتشكل نسقاً له فرادته من جهة، وارتباطه الوثيق بالنسيج الفلكلوري السوري بوجه عام».

فيما يتعلق بالزي الشعبي الذي يعد من أكثر جوانب الفلكلور عرضة للتطور نتيجة الاحتكاك المتواصل وسيل الموضة الجارف، الذي أخذ يستهدف خصوصية الشعوب ليس في الجبل فحسب، بل في كل بقاع العالم، نتيجة طغيان العولمة وثورة الاتصالات، والتطور لا يعني الارتقاء نحو الأفضل دائماً، بقدر ما يعني التماشي مع متطلبات العصر، إذ كان الشاب الجبلي في مطلع القرن العشرين لا يتميز كثيراً عن الشاب البدوي بجدائله وعباءته، و"عقاله وقضاضته"، نتيجة تماسه المباشر مع البيئة البدوية بداية مرحلة الاستقرار بالجبل، إلا أنه بدأ يتخذ لنفسه زياً متميزاً إلى حدّ ما، وأخذ هذا التميز يندمج شيئاً فشيئاً مع زي المدينة حتى كاد يتلاشى فيها مؤخراً. وبوجه عام، فإن لباس النساء في الجبل أكثر تميزاً من لباس الرجال، فإذا رأيت المرأة الجبلية بلباسها الجبلي الشعبي لا يخامرك شك أنها من تلك المنطقة بالتحديد، حين لا يمكنك بالوضوح نفسه أن تميز الرجل الجبلي من خلال لباسه؛ باستثناء رجال الدين الذين لهم علاماتهم الفارقة

ويتابع "رزق" عن الزي الشعبي: «فيما يتعلق بالزي الشعبي الذي يعد من أكثر جوانب الفلكلور عرضة للتطور نتيجة الاحتكاك المتواصل وسيل الموضة الجارف، الذي أخذ يستهدف خصوصية الشعوب ليس في الجبل فحسب، بل في كل بقاع العالم، نتيجة طغيان العولمة وثورة الاتصالات، والتطور لا يعني الارتقاء نحو الأفضل دائماً، بقدر ما يعني التماشي مع متطلبات العصر، إذ كان الشاب الجبلي في مطلع القرن العشرين لا يتميز كثيراً عن الشاب البدوي بجدائله وعباءته، و"عقاله وقضاضته"، نتيجة تماسه المباشر مع البيئة البدوية بداية مرحلة الاستقرار بالجبل، إلا أنه بدأ يتخذ لنفسه زياً متميزاً إلى حدّ ما، وأخذ هذا التميز يندمج شيئاً فشيئاً مع زي المدينة حتى كاد يتلاشى فيها مؤخراً. وبوجه عام، فإن لباس النساء في الجبل أكثر تميزاً من لباس الرجال، فإذا رأيت المرأة الجبلية بلباسها الجبلي الشعبي لا يخامرك شك أنها من تلك المنطقة بالتحديد، حين لا يمكنك بالوضوح نفسه أن تميز الرجل الجبلي من خلال لباسه؛ باستثناء رجال الدين الذين لهم علاماتهم الفارقة».

الباحث زيد النجم

أما الباحث "زيد النجم"، فأوضح خصائص وتفاصيل الزي الشعبي في "جبل العرب"، ويقول: «زي الرجال وخاصة الشباب مختلف عن زي الكهول والشيوخ، وزي النساء الشابات كذلك يختلف عن زي الكهلات والمتقدمات في السن، آخذين بالاعتبار ما استقر عليه الوضع في هذه الأيام.

بالنسبة إلى زي الشباب فهو يتألف من "القنباز" وهو معروف في غير البيئة الجبلية، فهو رداء مفتوح من الأمام، يلف حول الجسم بلا أزرار ويثبت بالحزام، وعادةً يكون من الجوخ المقلّم، و"الحزام" وهو من الجلد الطبيعي، "يتمنطق" به الشاب في وسطه فوق "القنباز"، و"السروال" وعادة يكون من المقصور الأبيض وربما فصّل من قماش أسود، وهناك غطاء الرأس المؤلف من "الحطة البيضاء" المنسوجة من الحرير البلدي، وربما استبدل بـ"السلك" الأحمر أو الأسود، و"العقال" المعروف المجدول من شعر الماعز، و"المزوية" وقلما يرتديها الشباب فهي للكهول، وإذا ارتداها الشاب ففي مناسبات خاصة، إذ كانت فيما مضى من مستلزمات لباس العريس، وكذلك يرتديها الشباب أثناء تأدية بعض الرقصات في الأفراح، مثل رقصة "الحاشية"، وارتداء العباءة مظهر من مظاهر العز والوجاهة لذلك جاء في أغاني "الحاشية" قولهم:

زي الشيوخ

"يا بعد عيني يا ولد... تستاهل لبس المزوية

يا ضـنينـي يـا ولـد... تلولـح يا بو مزويـة"».