تختلف "كبّة اليقطين" في المكونات ولا تختلف في الطعم الرائع، وعلى بساطتها تحرص نساء مدينة "صلخد" أن تكون سيّدة موائد الولائم في كلّ المناسبات، وتتميز بأن مكوناتها جميعها من خيرات بلدنا.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7 تشرين الثاني 2015، مدرّسة الرسم وربة المنزل "سهاد شرف الدين"؛ التي تحدثت عن كيفية تنافس ربات البيوت في إعداد أفضل طبق من "كبّة اليقطين" بالقول: «في كلّ المناسبات تزيّن "الكبّة" الموائد، وهي من الأكلات الدّارجة والمرغوبة، لكن تجربة "الكبّة باليقطين" ناجحة بالنسبة لي نظراً لغناها بالألياف المفيدة للجسم، وحاولت إدخال اليقطين كبديل عن اللحم، باعتبار أنّ "الكبّة" من الأكلات اللّذيذة بالنّسبة للأطفال، لكونهم لا يتقبلون أكل اليقطين وحده، فقد وجدت أنّ إضافة اليقطين أعطت غنى إضافيّاً لفوائد أقراص "الكبّة" وأعطتها مذاقاً مميّزاً وتماسكاً رائعاً، وهي في نظري من الوجبات المفيدة الّتي يجب أن تدخل في قائمة الغذاء المنزلي، لما لها من فوائد كزيادة مستوى الذّكاء، والحيويّة الذّهنية، والشيء المميز أن النسوة في مدينتنا يقمن بإضافات غير معروفة للأخريات من أجل التباهي ونشر ما توصلن إليه، ومن هنا جاءت "الكبّة باليقطين" وبالبطاطا وغيرها، وموادها متوافرة في كل بيت، ولذلك سميت "كبّة الفقراء" نظراً لتكلفتها البسيطة».

"الكبّة" من الأكلات التّراثيّة الّتي توارثتها الأجيال المتتالية؛ حيث تجمع بين الغذاء الطّيّب والقيمة الغذائيّة النّاتجة عما تحتويه مكوّناتها المتنوعة الّتي هي من خيرات "صلخد"، ويحتفظ بها الأجداد والأبناء في ذاكرتهم، وقد أصبحت جزءاً من تراثنا الشّعبيّ، ولم يؤثر الزّمن في تفضيلهم لها على موائدهم، ولم تتأثر بالأكلات الجديدة والمتنوّعة التي انتشرت في وقتنا الحالي، وبالنّسبة لي أفضلها على سائر الأكلات الجديدة والمنتشرة فهي لذيذة وبنكهة الماضي

وعن طريقة التحضير أضافت: «طريقة سهلة ولا تختلف عن المعتاد إلّا بتغيير جزء من المكوّنات؛ حيث استبدلنا اللّحم باليقطين بمعايير متساوية، فأقوم أولاً بتقشير وتقطيع اليقطين ثم أسلقه، وأتركه ليبرد ثم أضعه فوق البرغل المنقوع لمدة نصف ساعة حتى يتشرب البرغل نكهة اليقطين، وبعد ذلك نقوم (بدعك) المكونات باليد أو نطحنها بالمكنة مع إضافة البصل والملح والبهارات كـ"الكمون والنعناع والقرفة والبهارات المشكلة والمردكوش"، ويمكن إضافة القليل من الطحين حتى نحصل على عجينة متماسكة وطرية، ويمكن حشوها بالحمص والبصل أو اللحم إن كان متوفراً وحسب الرغبة، ثم تقطيعها وقليها، ويمكن تحضيرها في كلّ الفصول لتوافر مكوّناتها لتكون حاضرة كطبق رئيس ضمن وجبات الغداء والعشاء على حد السّواء، وطبقاً رئيساً على المائدة عند إقامة الولائم».

اليقطين قبل السلق

وتحدث العامل المتقاعد "حمزة النّرش" من أهالي مدينة "صلخد" عن هذه الأكلات التراثيّة بالقول: «منذ القديم كانت والدتي تحضّر "الكبّة" على طريقة الدّق بالجرن الحجري والعصا الخشبيّة، وكان جرن الكبّة موجوداً في أكثر البيوت، ويستخدم لدقّ اللّحمة (الهبرة) الّتي تدخل فيها، حيث كان لهذه الأكلة طعمها الخاص، ونكهتها المميّزة وأجواؤها الحميمة من اجتماع أهل المنزل حول جرن "الكبّة"؛ حيث ترافق تجهيزها أغاني النسوة في جوّ أشبه بالاحتفال، وقد دخل "دقّ الكبّة" في التّوصيفات القديمة، فإذا هرس أحد الأولاد يده قالوا: (اندقّت مثل الكبّة)، وكنا ننادي أهلنا عندما نتشاجر مع الأولاد: (يا أبونا قتلونا.. متل الكبّة دقّونا)، أما اليوم فالنّسوة يستخدمن المكنة لتحضير أقراص "الكبّة".

أضف إلى ذلك كانت أقراصها قديماً مكونة من اللحم والبصل والبرغل مع بهارات خاصة، أما الآن فقد أدخلت النسوة الكثير من المكونات في إعدادها كاليقطين والبطاطا والعدس والحمص والمكسرات، وهناك أيضاً أنواع كثيرة من الكبب دخلت تراثنا كـ"الكبة النيّة والمقليّة والمسلوقة والمنسوفة وكبة البندورة والكبّة الحيلة"، وغيرها».

"كبة اليقطين"

وتابع حديثه: «"الكبّة" من الأكلات التّراثيّة الّتي توارثتها الأجيال المتتالية؛ حيث تجمع بين الغذاء الطّيّب والقيمة الغذائيّة النّاتجة عما تحتويه مكوّناتها المتنوعة الّتي هي من خيرات "صلخد"، ويحتفظ بها الأجداد والأبناء في ذاكرتهم، وقد أصبحت جزءاً من تراثنا الشّعبيّ، ولم يؤثر الزّمن في تفضيلهم لها على موائدهم، ولم تتأثر بالأكلات الجديدة والمتنوّعة التي انتشرت في وقتنا الحالي، وبالنّسبة لي أفضلها على سائر الأكلات الجديدة والمنتشرة فهي لذيذة وبنكهة الماضي».

أما الصّيدلانيّ "زهير سعيد" فقد حدثنا عن القيمة الغذائية لأقراص "كبّة اليقطين" قائلاً: «هي من الأكلات الغنية بالألياف والبروتينات والنّشويات والأملاح المعدنيّة مثل الحديد والكالسيوم والأحماض الأمينيّة المفيدة للجسم، وهي غنيّة بالفيتامينات A وB وE، ويعد اليقطين منشّطاً للعقل، وله تأثير عظيم في تنشيط الدّماغ، وتنمية تلافيف المخ، وزيادة قوّة الذّكاء، والحيويّة الذّهنيّة، ونظراً لغناه بفيتامين "E" فهو يستخدم في علاج البشرة والعناية بها، كما يساعد في بناء أنسجتها، ولا ننسى أهمية البرغل الغذائية؛ فهو مصدر جيّد لفيتامين "B" ويحتوي نسبة معادن عالية، وغنيّ بالحديد والفوسفور والزنك والمنغنيز والمنغنيزيوم، وكذلك الألياف، والبصل الداخل فيها بكثرة مقوٍ ومنشطٍ للدم، ولذلك فهي تعد وجبة متكاملة غذائياً».

الصيدلاني"زهير سعيد"