المصادفة البحتة كانت وراء اكتشاف "الوردة الشامية" في "اللجاة"، تحت جرف صخري نبت جذر ضخم قياساً بباقي الورود، ولا يمكن إلا لخبير متمرس أن يعلم أنه جذر "وردة"، وعندما تفتحت كانت رائحتها نافذة بقوة الأصل والحياة الطبيعية التي تعيشها.

فريق الاستكشاف في مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث والمهندس الزراعي "عادل الجرماني" مكتشف "الوردة الشامية"، بتاريخ 2 تشرين الأول 2015؛ الذي تحدث عن المكان الذي نبتت فيه وشكلها الخارجي، ويقول: «أنا بالأساس ابن "اللجاة"، وقد بدأت هوايتي في البحث والتنقيب عما تكتنزه هذه المنطقة منذ سنوات طويلة، وفي المثلث الذي يمتد من "أم الزيتون" و"شهبا" و"مجادل" كانت جولاتي التي تهدف إلى توثيق هذه البقعة، وهناك وجدت الوردة خارجة من تحت شق صخري لا يتجاوز 3سم، وبجذر قطره ما بين 5 و7سم، ولا يمكن معرفة أنه جذر وردة لولا خبرتي بالنباتات، وهي شجيرة وليست نباتاً عادياً خلق بسبب انتقال بذرة مع الرياح! كان واضحاً للعيان كيف نبتت، لكن إلى أين تمتد تحت الجرف الصخري؟ أو هل لها فروع أخرى مماثلة في نفس المكان؟ وهذا يحتاج إلى بحث مكثف، كانت مهمتي تقتضي الحفاظ عليها من العبث والرعي قبل أن أكشف سرّي لأحد، وعندما بدأنا العمل في فريق الاستكشاف التابع لمدونة وطن "eSyria" كشفنا عن وجودها لعدد كبير من الناس الذين لم يستوعبوا الفكرة في البداية لكون الاسم الشائع "الشام" هي العاصمة "دمشق" ونواحيها حصراً».

كان الذهاب إلى "الابنة المدللة" كما كانت كلمة السر للفريق غاية في الروعة والجمال، فنحن نعرف الورود الشامية جيداً ونعرف أنها منتشرة في محافظتنا بكثرة، وليس هناك شيء جديد يوحي بالتميز لكوننا نعرفها عن قرب، لكن الجذر الذي خرج من تحت صخرة عملاقة بأوراقه الخضراء الفاتحة يدعو إلى التساؤل، وقد راقبنا هذه الأوراق كثيراً حتى تتفتح ورودها من دون طائل، فالجو في "اللجاة" يؤخر ظهورها، وها هي اليوم في أيدٍ أمينة لدى "مجمع النباتات البرية" تنتظر الاختبار لتحديد نوعها بدقة بعد أن علمنا أن لها ستة أنواع أصيلة ولكل نوع خصائص مختلفة عن النوع الآخر، وأعيننا على مكانها الأصلي للحماية من كل عبث، ونبحث في مكان متسع عن جذور أخرى تحت الصخور العملاقة لكشف المزيد

المؤكد بحسب "الجرماني" أن لهذه الوردة امتداداً ووجوداً في المنطقة؛ لأن الجرف الصخري في النهاية له فتحات في التراب، ومن المعروف أن النبات هنا يخرج من "خرم إبرة" كما يقال، لكن لظروف نموها حكاية امتدت أشهر طويلة من المراقبة والحماية، حيث يقول "الجرماني": «حافظت على هذه الشجيرة بطرائق شتى كان أهمها عدم إشاعة الخبر بين الناس لأن أغلبهم لا يعلمون ما أهمية أن يكون الأصل موجوداً من أجل توثيقه ومعرفة خواصه ونوعه، وقد حاولت جاهداً عدم تغيير المعالم التي تحيط بها حتى لا تلفت الأنظار، وبالمقابل كانت فكرة الاستكشاف تهدف إلى الكشف والمحافظة على النوع، ولذلك فكرنا ملياً في جولتنا الثانية مع عدد كبير من المهندسين الزراعيين بزرع الوردة في أماكن أخرى لدراستها ومعرفة قدرتها على النمو والتكيّف في بيئات أخرى قريبة من "اللجاة"، وبعد محاولات لتجذير الوردة اكتشفنا أنها غير قادرة على النمو وفشلت المحاولات المتعددة التي قمنا بها بالطرائق التقليدية المعتادة، ولذلك نستخدم الآن طريقة أخرى لانتشارها بعيداً عن الأضواء وننتظر النتائج».

الجذر الخارج من تحت صخرة عملاقة

بدورها تحدثت عضو فريق الاستكشاف الإعلامية "سونيا العيسمي" عما اكتشفته في "الوردة الشامية" بالقول: «كان الذهاب إلى "الابنة المدللة" كما كانت كلمة السر للفريق غاية في الروعة والجمال، فنحن نعرف الورود الشامية جيداً ونعرف أنها منتشرة في محافظتنا بكثرة، وليس هناك شيء جديد يوحي بالتميز لكوننا نعرفها عن قرب، لكن الجذر الذي خرج من تحت صخرة عملاقة بأوراقه الخضراء الفاتحة يدعو إلى التساؤل، وقد راقبنا هذه الأوراق كثيراً حتى تتفتح ورودها من دون طائل، فالجو في "اللجاة" يؤخر ظهورها، وها هي اليوم في أيدٍ أمينة لدى "مجمع النباتات البرية" تنتظر الاختبار لتحديد نوعها بدقة بعد أن علمنا أن لها ستة أنواع أصيلة ولكل نوع خصائص مختلفة عن النوع الآخر، وأعيننا على مكانها الأصلي للحماية من كل عبث، ونبحث في مكان متسع عن جذور أخرى تحت الصخور العملاقة لكشف المزيد».

المهندس "عادل الجرماني"
"سونيا العيسمي"