في الماضي كانت الضباع تجول "اللجاة" بحثاً عن طرائد في ليالي الثلوج الطويلة متسلحة بالجو القارس، والخوف الذي ينتاب فريستها من بعيد، غير أن أهالي "صميد" نصبوا لها كميناً محكماً لا فكاك منه سوى الموت لحماية أنفسهم وقطعانهم من الهلاك.

فريق الاستكشاف في مدونة وطن "eSyria" التقى أول صياد للضباع في الجيل الحديث "فايز شلغين" يوم السبت الواقع في 19 أيلول 2015؛ الذي تحدث عن تصميم "المضبعة" بالقول: «لا أعرف بالتحديد من الذي بناها ولا بأي عام، لكنني أعلم أن أجدادي عندما قدموا إلى هنا منذ بداية القرن التاسع عشر بنوها من أجل درء الخطر عنهم وعن مواشيهم، وهي عبارة عن بناء حجري دائري مرتفع عن الأرض ما يقارب ثلاثة أمتار، قطرها من الأسفل يعادل الستة أمتار وينتهي ليختم على ثلاثة أمتار، وهي مبنية كذلك حتى تمنع الضبع من تسلق الجدار، فهي بلا سقف، وبابها عبارة عن درفة واحدة من "الحلس" الذي يفتحه ويغلقه طفل صغير لكن بطريقة سرية بسيطة».

لا أعرف بالتحديد من الذي بناها ولا بأي عام، لكنني أعلم أن أجدادي عندما قدموا إلى هنا منذ بداية القرن التاسع عشر بنوها من أجل درء الخطر عنهم وعن مواشيهم، وهي عبارة عن بناء حجري دائري مرتفع عن الأرض ما يقارب ثلاثة أمتار، قطرها من الأسفل يعادل الستة أمتار وينتهي ليختم على ثلاثة أمتار، وهي مبنية كذلك حتى تمنع الضبع من تسلق الجدار، فهي بلا سقف، وبابها عبارة عن درفة واحدة من "الحلس" الذي يفتحه ويغلقه طفل صغير لكن بطريقة سرية بسيطة

أما عن أول ضبع اصطاده، فقال: «نفقت لنا عنزة كبيرة وأنا في الصف الرابع الابتدائي، فطلب مني والدي المجاهد "فايز شلغين" جرها إلى شمال القرية بعيداً عن البيوت السكنية، وبمساعدة أخي وابن عمي تم جرها إلى مكب للنفايات، فاعترض الجيران على ذلك، وأمرنا والدي أن نضعها في المضبعة لعلها تصيد ضبعاً (كان ذلك على سبيل المزاح من أجل إبعادها عن البيوت السكنية)، وفعلاً قمنا برط العنزة بخيط رفيع ومتين، حيث قمنا بتعليق "الشنكل" في باب "الحلس" حتى لا يغلق، وهي الطريقة المتبعة لاصطياد الضباع، فعندما يشم الضبع رائحة العنزة النافقة يدخل من الباب ويحل "الشنكل" فيطبق الباب عليه بالكامل من دون أن يكون له أمل في الخروج مهما حاول، وبعد أن دبّ اليأس بنا من عدم اقتراب الضباع إلى المصيدة نسينا الموضوع تماماً، وفي اليوم الخامس كانت المفاجأة عندما قدم الناس ليخبروا والدي أن الضبع محتجز في المضبعة، وبعد ذلك كانت حالات اصطياد الضبع هنا قليلة، لكن يوجد في "اللجاة" اختصايون في هذا المجال لأن اصطياده وهو حي يدر أموالاً معقولة نظراً للإشاعات العديدة عن فوائده الطبية وعن أعضاء داخلية في جسمه تدخل في مجال السحر، وهو ما ساهم في انقراضه على مدى السنوات السابقة».

باب "الحلس" في مضبعة صميد.

كانت الضباع تملأ منطقة "اللجاة"، خاصة أن الغطاء النباتي كان شبه كامل، وهي من الحيوانات الكثيرة المتواجدة بالأصل هنا واستقرت لتوافر الغذاء والماء، وعدم وصول الإنسان إليها بسبب طبيعة المنطقة الوعرة وعدم وجود طرق كثيرة، ومع الوقت باتت الحيوانات هدفاً للصيد ومنها "الضباع"، يقول عضو فريق الاستكشاف "جمال مهنا": «كانت الضباع تملأ الأمكنة في المنطقة، وظهر الصيادون بعد أن علموا أهمية صيد الضباع حية وبيعها إلى تجار كثر لأنها حسب المعتقدات تفيد في أعمال السحر وفي بعض الأمراض المستعصية، وفي قرية "مجادل" ظهر الصياد "فايز شلغين" الذي اصطاد أكثر من 210 ضباع، وبعد موته تسلم المهمة ابنه الأكبر حتى باتت عملية صيد الضباع شبه نادرة بسبب الصيد الجائر وإهمال الإنسان للغطاء النباتي، وأعتقد أن "مضبعة صميد" التي بنيت منذ مئات السنين قد تم تجهيزها لرد الأذى عن السكان وليس بقصد الصيد، فمنطقة "اللجاة" كانت غابة كبيرة وفيها تعيش أعداد كبيرة من الحيوانات، ومنها المفترسة التي باتت مع الزمن مصدر قلق ورعب للسكان المحليين، وهذا ما جعلهم يبنون هذه المضبعة التي تجعل فريستها سهلة المنال، وتصطاد حية، ومن طريقة البناء نكتشف مدى ذكاء الناس في هذه المنطقة».

الضبع السوري.
فريق الاستكشاف في صميد.