يعدّ البرغل المكون الأساسي لسلسة طويلة من الأكلات الشعبية؛ ومنها "العماشة" التي تعدّها النساء بالاعتماد على نكهات إضافية، ويقدمنها في الصيف لتجربة البرغل الذي أعددنه لعام قادم.

هي من الأكلات البسيطة التي غابت لفترات طويلة عن المائدة، لكن الرغبة بالعودة إلى الغذاء الطبيعي أعادتها إلى الذاكرة؛ كما تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 آب 2015، "شعاع الصالح" ربة منزل من قرية "قنوات"، وقالت: «لأننا نعدّ طعامنا من إنتاج أرضنا تعلمنا من الجدات أن نحضر البرغل بعد جني محصول القمح لتكون مؤونة البرغل حاضرة في المنزل بكميات كبيرة، وتبقى ربة المنزل متحسبة لذلك؛ لأن نكهة البرغل وطعمه الطبيعي اللذيذ يعني أن مؤونة العام جيدة، وهنا أتذكر والدتي يوم "سميد البرغل" عندما كانت تأخذه إلى المطحنة وتعود لتكمل عملية "السميد"؛ أي فصل البرغل الناعم الذي يستخدم لـ"الكبة" عن البرغل الخشن الذي يستخدم لـ"المنسف" وأكلات تراثية متنوعة، فكانت تأخذ كمية من برغل "الكبة" لتعد "العماشة" أو الكبة، لكن أغلب الأحيان تعد "العماشة" لكونها أكلة بسيطة وسريعة.

في دراسة لمنظومة الوجبات الشعبية التي أعدت بفطرة سيدات جبل العرب نجدها ترتكز على مكون أساسي يتمثل بالبرغل، وهذه الأكلة من بين الأكلات الأساسية في هذه المنظومة، أكلة قديمة حديثة انتشرت مع "المجدرة والكبة الحيلة"، وأنواع من الوجبات التي تعد بيدي ربة المنزل، وهي مفيدة لكون البرغل مكونها الأهم وكما يقال في الدارج "البرغل مسامير الركب"، وهذه جملة نفسرها بأنه مصدر ممتاز للفيتامين B يحتوي على نسبة مرتفعة من البروتينات والألياف، ونسبة منخفضة من السعرات الحرارية والدهون ويحتوي على نسبة معادن عالية منها المغنزيوم، ويحسن من صحة جهاز الهضم، ويقلل من خطر تكوّن حصى الكلية، ويمد الجسم بالعديد من المعادن الضرورية، ويحتاج إلى طهو هادئ لمدة 15 دقيقة حتى يصل إلى ثلاثة أضعافه، وبالتأكيد فإن "الكشك" أيضاً يحمل فوائد إضافية بفعل اللبن، وما اكتسبه من حرارة الشمس من نكهات مميزة

وكانت الفكرة من وراء التجربة تذوق البرغل؛ حيث تراقب تقبله للماء ونظافته وفي النهاية نكهته، وكانت تعدّ إلى جانب هذه الأكلة مجموعة من الخضار الصيفية كـ"البندورة والنعناع والفليفلة وعروق الفرفحين أي البقلة" لتجتمع العائلة التي أمضت يومها في العمل مع الأم لإنجاز "السميد"، وتكون الوجبة ختاماً ليوم عمل طويل يتذكره كثيرون لكونه نوعاً من الطقوس المنزلية العائلية في المنطقة التي تظهر التعاون للحصول على غذاء سليم وطبيعي، وقد ابتعدنا عنها لسنوات، لكن مع طلب أولادي المتبعين لأنظمة غذائية طبيعية عدنا إليها وبتّ أحضرها في أوقات متقاربة؛ خاصة في فصل الشتاء».

مها الجغامي

الأكلة التي تتوافر مكوناتها في كل منازل الجبل بسيطة التحضير ولا تحتاج إلى كثير من الوقت؛ كما حدثتنا "مها الجغامي" من قرية "تل اللوز"، وقالت: «تحتاج الأكلة إلى البرغل و"الكشك" الذي نحضره يدوياً من البرغل واللبن، وفي البداية نقوم بنقع البرغل بماء دافئ ونتركه لبعض الوقت ليمتص كمية المياه بالكامل، وبعدها نضيف "الكشك" ونقوم بعجنه مع البرغل على طريقة ما نعرفه على المستوى الشعبي "دعك الكبة"، ونستمر بذلك للحصول على النكهة المطلوبة، حيث نضيف لنصف كيلو غرام من البرغل ما يقارب أوقية "كشك" وتنكه بالنعناع اليابس أو الأخضر حصراً والبهارات الحارة لمن يرغب.

لكن التقديم يتبع لذوق ربة المنزل، وهناك من تعدّ ما يسمى "قلية البصل والسمن" وتضاف إلى البرغل؛ وهي لذيذة وبعض السيدات تعتمد تقديمها مع زيت الزيتون، الذي يوضع بشكل أنيق وسط الكمية المعدة، وبالطريقتين الأكلة مطلوبة ومحببة خاصة للأطفال عندما نجعلها على شكل "كبب" صغيرة ويصبح أكلها ميسراً باليد، وحولها إضافات من خضراوات حديقة المنزل؛ كالبقدونس والنعناع والبصل الأخضر، وأغلب الأحيان تعد مع موسم "السميد" لتذوق البرغل الجديد، لكننا نعدها في الشتاء والربيع أكثر لكونها تمد الجسم بالطاقة وفيها منكهات كثيرة ومرغوبة».

الشيف سهيل عريج

من الأكلات التراثية والغنية بالفوائد لكونها نتاج زراعة المنطقة، والعودة إليها فكرة محمودة؛ كما حدثنا الشيف "سهيل عريج" وقال: «في دراسة لمنظومة الوجبات الشعبية التي أعدت بفطرة سيدات جبل العرب نجدها ترتكز على مكون أساسي يتمثل بالبرغل، وهذه الأكلة من بين الأكلات الأساسية في هذه المنظومة، أكلة قديمة حديثة انتشرت مع "المجدرة والكبة الحيلة"، وأنواع من الوجبات التي تعد بيدي ربة المنزل، وهي مفيدة لكون البرغل مكونها الأهم وكما يقال في الدارج "البرغل مسامير الركب"، وهذه جملة نفسرها بأنه مصدر ممتاز للفيتامين B يحتوي على نسبة مرتفعة من البروتينات والألياف، ونسبة منخفضة من السعرات الحرارية والدهون ويحتوي على نسبة معادن عالية منها المغنزيوم، ويحسن من صحة جهاز الهضم، ويقلل من خطر تكوّن حصى الكلية، ويمد الجسم بالعديد من المعادن الضرورية، ويحتاج إلى طهو هادئ لمدة 15 دقيقة حتى يصل إلى ثلاثة أضعافه، وبالتأكيد فإن "الكشك" أيضاً يحمل فوائد إضافية بفعل اللبن، وما اكتسبه من حرارة الشمس من نكهات مميزة».