تعبر ساقها الضخمة المفرغة من الداخل عن عمرها الذي تجاوز مئتي عام، بدأت قوية وخضراء متميزة عن كل ما حولها من شجيرات، وكبرت شامخة مستقرة على كتف المنازل القديمة تعطي للمكان سحراً وجمالاً.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 حزيران 2015، "يوسف ريدان" من أهالي قرية "حبران"؛ الذي حدثنا عن الشجرة المعمرة التي تقع بجوار سد "حبران" في الزاوية الشمالية المقابلة لمقام الولي "بهاء الدين"، ويقول: «على الرغم من انتشار بضع شجيرات من السنديان في هذه البقعة من قرية "حبران" يبقى للشجرة التي تشغل المساحة المقابلة للمزار شكل يختلف من حيث الحجم والارتفاع، وكلنا نتذكر أنها قبل سنوات كانت بين مجموعة من الشجيرات، إلا أنها الأقوى فقاومت عوامل الطبيعة واستمرت خضراء يانعة.

نحاول اليوم العناية بها كي لا تتعرض للأذى، وبالفعل طوال السنوات الماضية نمت بطريقة طبيعية ولم نتدخل في تكوين فروعها وتغيير شكلها الطبيعي، لكننا نحرص على عدم تعرضها للأذى لكونها أحد المعالم البيئية لقريتنا التي اشتهرت بـ"السنديان" عبر العصور، وقد زار القرية فرق متخصصة لدراسة تلك الشجرة، التي أكدت أن عمرها تجاوز مئتي عام وامتداد جذورها العميق في المنطقة الذي يظهر عند الحفر في المناطق المجاورة

تلك الشجرة إحدى نقاط العلام في القرية، تتميز بظلها الوارف وارتفاعها الواضح عن غيرها من الأشجار، وتعد من الأماكن المحببة لدى الشباب للقاءاتهم وجلسات المساء.

ممدوح عزام من قرية حبران

من المألوف أن نرى عدداً من الزوار يلتقطون الصور بجوارها لكونها أحد المشاهد الجاذبة لشكلها الطبيعي الخالص الذي حافظ على جريان الزمن على ساقها وفروعها التي تشذبت بشكل طبيعي، ويظهر أن تعرضها للأذى بسيط خارج حدود عوامل الطبيعة».

تشغل باحة منزله الحجري القديم، فحافظ "ممدوح عزام" عليها بناء على رؤية أجداده الذين رافقوها لمراحل زمنية طويلة، ويقول: «في هذه الباحة المقابلة لمنزلي تشمخ هذه السنديانة العتيقة، وقد تعود مع أشجار المنطقة إلى جيل واحد وفق حديث أجدادي، لكنها الأكثر ارتفاعاً وتشغل أغصانها مساحة كبيرة، وبالنسبة لنا كعائلة فإنها تعدّ مباركة لا يمكن الاستغناء عنها، وهي كذلك بالنسبة للكثيرين من زوارها، حيث نجد منهم من يقطف بعض الوريقات ليحتفظ بها كذكرى مباركة للزيارة.

الأطفال الزوار

وإن غاب عن زمان طفولتنا تقنيات التصوير التي نشهدها اليوم، فإن ذكرياتنا كأطفال تحملها الكثير مع تلك الشجرة التي أحيطت بثلاث شجيرات من ذات الفصيلة "السنديان" لكنها بقيت وحيدة لعدة عوامل؛ أولها الطبيعة والثاني بناء مكملات للمنزل القديم.

اليوم نحاول عدم تكرار أخطاء من سبقنا لنحافظ على هذه الشجرة التي ارتفعت ضعفي ارتفاع البناء المجاور لها، والتي لها زينتها الطبيعية التي تعكس على المكان جمال وجاذبية، ويكفي أن تتأملها ساعات الفجر لتعرف أنها مستقر لعدد مهم ونادر من الطيور التي تغيب عنها في فصل الشتاء والخريف وتعود في الربيع، وهي أنواع من العصافير الملونة ومن الطيور الكبيرة الجارحة».

المهندسة وفاء عزام

ويتابع: «نحاول اليوم العناية بها كي لا تتعرض للأذى، وبالفعل طوال السنوات الماضية نمت بطريقة طبيعية ولم نتدخل في تكوين فروعها وتغيير شكلها الطبيعي، لكننا نحرص على عدم تعرضها للأذى لكونها أحد المعالم البيئية لقريتنا التي اشتهرت بـ"السنديان" عبر العصور، وقد زار القرية فرق متخصصة لدراسة تلك الشجرة، التي أكدت أن عمرها تجاوز مئتي عام وامتداد جذورها العميق في المنطقة الذي يظهر عند الحفر في المناطق المجاورة».

لم تحقق الساق الفارغة غاية التوصل إلى عمر مثبت للشجرة، ووفقاً لحديث المهندسة الزراعية "وفاء عزام" التي كانت من أعضاء فريق دائرة الحراج الذي درس حالة الشجرة، وتقول: «ظهور فريد للسنديان القديم في هذه المنطقة يتكامل من خلال هذه الشجرة، التي زرناها عدة مرات بهدف توثيقها وجمع معلومات دقيقة عنها، وهي من بين شجيرات قليلات العدد من فصيلة "السنديان" انتشرت في المنطقة، ولم يكن لاستمرارها أسباب وفق الدراسة التي أعدت نهاية العقد الفائت.

وبالنسبة لنا كفريق حاولنا في البداية الاستعانة بالمسبار لتقييم عمرها الدقيق، لكن الساق الفارغ لم يتكفل بنجاح العملية؛ وكان الخيار الاستماع إلى أحاديث الأهالي وكبار السن لنصل إلى نتيجة تفيد أن الشجرة تجاوز عمرها مئتي عام، وفي تلك المرحلة تجاوز قطر الساق الملتف المتر، وقد صممنا لها هوية شاملة حفظت لمصلحة مديرية الحراج في "السويداء" تثبت الفصيلة والعمر والحالة التي كانت عليها في ذلك الزمن؛ ليضاف إليها معلومات في كل عام توثق كل ما هو جديد عن موسم الإزهار وحالة الشجرة؛ بدافع المحافظة عليها لتبقى شاهدة على انتشار هذه الفصيلة الأصيلة في منطقتنا».