اعتاد أهالي "طربا" صوتها منذ أكثر من مئتي عام، ومازالت تقدم خدمة الطحن لسكان القرية، انتقلت ملكيتها من عائلة إلى أخرى، وتحولت من العمل بواسطة المياه إلى الطاقة النفطية.

مدونة وطن "eSyria" التقت صاحب "مطحنة طربا" "فؤاد أبو حمدان" بتاريخ 5 حزيران 2015، الذي تحدث عن تاريخها بالتفصيل، فقال: «تعمل مطحنة القمح القديمة بواسطة الطاقة النفطية منذ أربعينيات القرن الماضي، وقبلها كانت طريقة عملها تعتمد على المياه لجرش الحبوب بواسطة الحجارة الكبيرة التي يصنعها الإنسان، ولا أحد يعرف تاريخ بنائها بالضبط، لكنها باعتقادي تزيد على مئتي عام بكثير، وهي الوحيدة في "المقرن الشرقي" التي ما زالت تخدم الناس إلى الآن، بعد أن مرّ عليها العديد من المالكين والعائلات والعمال، ولكن الفترة الذهبية التي يعرفها الناس جيداً وما زالوا يتذكرونها بكثير من الإيمان تلك التي أدار فيها المطحنة لمدة تزيد على ثلاثين عاماً جدي الشيخ الجليل "أبو سليمان داوود أبو حمدان"، فكانت تتسم بالبركة، وبقي فيها حتى عام 1983؛ حيث قمنا بشرائها من ثلاث عائلات كانت تتقاسمها وهي: "آل سلاّم"، و"آل أبو عسلي"، و"آل أبو الفضل"، وما زلت مع إخوتي نعمل بها بطريقة اعتيادية على الرغم من التطور الكبير في التقنيات والآلات الحديثة، لكن أهالي المنطقة يفضلون طحن أقماحهم فيها إضافة إلى عدة خدمات أخرى كطحن "البرغل" و"الكشك" و"الحمص" وأعلاف المواشي».

تقع المطحنة شرق البلدة القديمة، وهي الآن تتوسط القرية، وتتألف من بناء حجري متين مستطيل الشكل، وعلى الرغم من قدم الآلات بصورة كبيرة وعدم وجود قطع غيار في السوق لمثل هذا النوع من المطاحن، إلا أننا قادرون على ترميمها ورعايتها دائماً، وقد حرصنا على توفير قطع الغيار لها منذ مدة طويلة وشراء المستعمل وتخزينه من أجل عدم التوقف، وتلك الآلات تعتمد على مادة المازوت والزيت الأسود للعمل بواسطة "موتورات" عملاقة، والشيء المميز أن "موتور" المطحنة لا يأخذ الزيت (المحروق) بل يرجعه فوراً إلى مكان آخر لنعيد استخدامه من جديد، وعندما تبدأ العمل بتشغيل "الموتور" تجد "القشط" الكبيرة تدور على "اللورمانات" العملاقة بصعوبة حتى تأخذ وقتها لتستطيع السير بصورة منتظمة قادرة على تحريك خزان القمح وإدارة الآلات المخصصة لطحن القمح الأسمر بصورة ممتازة

ويتابع وصف أقسام المطحنة وميزاتها بالقول: «تقع المطحنة شرق البلدة القديمة، وهي الآن تتوسط القرية، وتتألف من بناء حجري متين مستطيل الشكل، وعلى الرغم من قدم الآلات بصورة كبيرة وعدم وجود قطع غيار في السوق لمثل هذا النوع من المطاحن، إلا أننا قادرون على ترميمها ورعايتها دائماً، وقد حرصنا على توفير قطع الغيار لها منذ مدة طويلة وشراء المستعمل وتخزينه من أجل عدم التوقف، وتلك الآلات تعتمد على مادة المازوت والزيت الأسود للعمل بواسطة "موتورات" عملاقة، والشيء المميز أن "موتور" المطحنة لا يأخذ الزيت (المحروق) بل يرجعه فوراً إلى مكان آخر لنعيد استخدامه من جديد، وعندما تبدأ العمل بتشغيل "الموتور" تجد "القشط" الكبيرة تدور على "اللورمانات" العملاقة بصعوبة حتى تأخذ وقتها لتستطيع السير بصورة منتظمة قادرة على تحريك خزان القمح وإدارة الآلات المخصصة لطحن القمح الأسمر بصورة ممتازة».

فؤاد أبو حمدان

الشيخ "ماجد الخطيب" المولود في القرية عام 1948، تحدث عن معرفته بالمطحنة والقصص التي يتناقلها الناس عنها بالقول: «ما أعرفه أن هذه المطحنة مملوكة في البداية لرجل يدعى "محمد أبو عسلي" وكانت تعمل بقوة المياه، حيث كان حوضها الكبير في الزاوية الغربية حسبما كان الناس الأوائل يتناقلون قصصها، وعندما كنت طفلاً تحولت للعمل بواسطة المازوت الذي يشغل محركاً كبيراً يعمل على مسننات وقشط كبيرة على امتداد غرفتين، كان الشيخ "داوود أبو حمدان" رجلاً تقياً ويحترمه الناس ويجلونه كثيراً، وهذا ما جعل للمطحنة سمعة عطرة ويقصدها الناس من أماكن بعيدة، وأجمل القصص المتداولة حتى الآن عنها هي المتعلقة بالشيخ نفسه، ففي أحد الأيام من ستينيات القرن الماضي جاءه رجل يحمل "قاضان" (نوع من القنابل الكبيرة) من مخلفات الاحتلال الفرنسي مملوءاً بالبارود، وطلب منه استعارة منشار حديد من أجل إخراج البارود منه لاستخدامه في تفجير الصخر، لكن الشيخ نصحه بالعدول عن ذلك لأن البارود خطر جداً عندما يتعرض لحرارة المنشار، لكن الرجل كان قد بدأ النشر فانفجر "القاضان" وتهدمت المطحنة بالكامل، وطار بابها الكبير لمسافة بعيدة، وأصيب الرجل بإصابات قاتلة إلا الشيخ الذي كان جالساً تحت قنطرة المطحنة لم يتأثر بأي شيء وبقيت القنطرة فوقه صامدة».

القطع التي يتجاوز عمرها ثمانين عاماً
بناء المطحنة من الخارج