للعلاقة بين "الكبّة والمنسف العربي" أشكال متعددة في "السويداء"، وهي تتطلب حرفة في تحديد الأشكال الهندسية، حيث تسمى "الأقراص والهيليلات"، وتوزيع أقراص الكبة على وجه المنسف له دلالات ومعانٍ عديدة، ولهذا لا ترى "منسفاً" من دون أن تغطي "الكبة" سطحه.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 12 أيار 2015، التقت "بشار أبو حمدان" من أهالي مدينة "السويداء" المهتم بالتراث الشعبي، فبيّن قائلاً: «يعد "المنسف" في جبل العرب وجبة ضيافة فاخرة يقدم لإكرام الضيوف ووجهاء القوم، وتدخل "الكبة" في مكوناته بعلاقة بينها وبينه بمادة مشتركه "البرغل"، وهناك أشكال للكبة تسمى "الهليلات" وهي على شكل هلال والأقراص دائرية، إضافة إلى أن للمنسف نوعين بالدجاج أو بلحم الضأن، و"المنسف" أو "طبيخ الكرمة"، وحين تكون "كرمة" أي وليمة في منزل يتحول الموقف إلى فرح، إذ ترى النساء اللواتي يصنعن "الكبة" يغنون الأهازيج وهم يعددن الطعام، والرجال حينما يقدمون "المناسف" يحدون بالحداء المعروف من أنواع "الجوفية" في الشعر الشعبي، لكن منظر الكبة على المنسف يجعلنا دائماً نشعر بأهمية العلاقة بين الماضي والحاضر، لأنها ذات دلالة تعكس أهميتها في الواقع الاجتماعي، فإن تصور المرء أمام منظره يعكس في ذاكرته منظومته وتاريخه ومستقبله، لأنه تعبير عن ثقافة جمعية تكونت من خلال الأدوات والوسائل البسيطة المتاحة لهم».

يحمل المنسف رجلان إذا كانت له حلقتان، أو ثلاثة رجال إذا كان له ثلاث حلقات، وهناك مناسف بخمس أو سبع حلقات، وهذه لا توجد إلا في المضافات الكبيرة في قرى معدودة في جبل العرب، يتبع المنسف رجلان أحدهما يحمل "سطل القفرة" السمن، والآخر يحمل "سطل المليحية"، يقدم صاحب المضافة "كبشة القفرة" لكبير العائلة، أو للأخ الأكبر أو العم، لأن "التقفير"؛ صب السمن شرف ورفعة ينبغي أن يحظى بها أكبر أفراد العائلة سناً وقدراً

الباحث التراثي "فوزات رزق" صاحب مؤلف "الأكلات الشعبية في جبل العرب"، بيّن قائلاً: «يغطي "المنسف" مادة "البرغل المدعوك" يسمى "طبيخ الكرمة"؛ الذي يستخدم فيه البرغل المفلفل "الخشن" حصراً، حيث يسلق البرغل في قدر كبيرة، ولا يضاف إليه شيء سوى الملح والورس؛ مادة صفراء اللون، ويستحسن أن ينضج جيداً، أما صنع الكبة والأقراص و"الهليلات"، فإنها تصنع على أنواع منها الكبة المقلية والمسلوقة، أما فيما يتعلق بالأقراص والهليلات فتتم صناعة الأقراص من عجينة الكبة بشكل دائري، لا يزيد قطر الواحد على عشرين سنتيمتراً، وبسماكة لا تزيد على 2سم، ويعمل القائمون عليها لزيادة جمالية القرص بنقوش يحفرونها عليه بميل الكحل ويزينون محيطه بـ"التشاريف"، ومؤخراً يستخدمون قوالب خاصة لأقراص المنسف، و"الهليلات" تصنع على شكل هلال وتزين بالنقوش المحفورة كما في القرص، وتقلى الأقراص والهليلات والكبة بالزيت أو السمن البلدي، وتوضع على وجه المنسف».

بشار أبو حمدان

وعن تجهيز المنسف أضاف الباحث "فوزات رزق" بالقول: «إن تجهيز المنسف من مهام الرجال، إذ بعد وضع "الطبيخ" في المنسف، تضاف إليه "المليحية"، ويقوم الرجل بدعك الطبيخ مع المليحية إما بـ"الكبشة" أو بصحن حتى يصبح ناعماً ويتشرب المليحية جيداً، ثم يسوّى وجهه، ويمسح بكعب "الكبشة" أو الصحن حتى يغدو صقيلاً، توضع الأقراص أولاً، وأغلب الأحيان يضعون للمنسف الواحد ثلاثة أقراص على شكل مثلث، وربما أكثر بحسب كبره وعدد حلقاته، بعد ذلك يضعون الهليلات حول الأقراص حيث يكون حول كل قرص ثلاث "هليلات"، بعد ذلك يضعون "اللية" وسط الأقراص وفوقها "فجتا" الرأس، و"فجة" الرأس هي قيمة كبيرة في المجتمع الجبلي، لذلك فقد دخلت في تعابيرهم، فإذا أرادوا أن يعتذروا عن بساطة الطعام الذي يقدمونه للضيف أحياناً يقولون: "نحنا مش حاطين فجة راس" ومهما تراكم على المنسف من كميات اللحم فإنه لا يقوم مقام فجة الرأس، ليس للذتها، وإنما لقيمتها باعتبارها الدليل القاطع على الذبيحة المقدمة».

وأضاف "رزق" بالقول: «كانت بلاطة الكبة موجودة في أكثر البيوت الجبلية، وذلك لسهولة صنعها، وتستخدم لدق الكبة، وتحديداً لدق اللحمة "الهبرة" التي تدخل في صنع الكبة، ويستخدم الجبليون عبارة "دقة كبة" لكمية اللحم التي يضعونها مع البرغل لصنع الكبة، وقد دخل دق الكبة في توصيفات الجبليين وتشبيهاتهم، فإذا هرس أحد الرِجال يده قالوا: "اندقت مثل الكبة" والأولاد يستخدمون هذه العبارة في ألعابهم، ففي لعبة "إجاك ياجوز" يصيح الأولاد المضروبون مستنجدين بأبيهم: "يا بونا قتلونا، دق الكبة دقونا"، وبلاطة الكبة عبارة عن طاولة مستديرة حجرية صغيرة، وربما كانت مربعة، بسماكة 10ـ15سم نحت سطحها العلوي، وحفر قليلاً كي يستقر عليه اللحم المدقوق، أو جُعل له حافة، أما أنواع الكبة فمنها "النية، والمقلية، والمسلوقة، والمهبلة، والمنسوفة، ورصاص عزريين"، وهناك "كبة البطاطا، والبندورة، الكبة الحيلة"».

الباحث فوزات رزق

وعن تقديم المنسف أوضح "صلاح الخطيب" بالقول: «يحمل المنسف رجلان إذا كانت له حلقتان، أو ثلاثة رجال إذا كان له ثلاث حلقات، وهناك مناسف بخمس أو سبع حلقات، وهذه لا توجد إلا في المضافات الكبيرة في قرى معدودة في جبل العرب، يتبع المنسف رجلان أحدهما يحمل "سطل القفرة" السمن، والآخر يحمل "سطل المليحية"، يقدم صاحب المضافة "كبشة القفرة" لكبير العائلة، أو للأخ الأكبر أو العم، لأن "التقفير"؛ صب السمن شرف ورفعة ينبغي أن يحظى بها أكبر أفراد العائلة سناً وقدراً».

أثناء "تقفير المنسف" للضيوف