على الرغم من ندرة الخيول الأصيلة في "جبل العرب" هذه الأيام إلا أن أدواتها المتعددة ما زالت حاضرة في أغلب البيوت القديمة؛ كنوع من التعويض العاطفي عن تلك العلاقة الحميمة التي تربط بين الفرس والفارس.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع مربي الخيول المعروف الشيخ "سامي بدرية" بتاريخ 11 آذار 2015، فتحدث عن الأدوات التي يستعملها لفرسه ويقول: «للخيل أدوات كثيرة نشأت مع تطور الزمن، ولم يتبدل فيها الكثير، وهي من الأساسيات التي يعتمد عليها الفارس للسيطرة على الفرس مثل: "السرج، واللجام، والرسن، والركائب"، والتطور الذي طرأ على الحذوات التي حاول المربون جعلها تلائم حافر الخيل ولا تؤذي أقدامه، أما زينة الفرس فتأتي كحالة كمالية ناتجة عن العلاقة بين الفارس وفرسه، وهي خاضعة أيضاً للزمان والمكان وللذوق الخاص بالفارس، فمع الوقت يصبح الفرس جزءاً من العائلة والأجدر بين أفرادها بالرعاية والدلال، وأنا أتعامل مع فرسي وكل ما يتعلق به من أدوات كأنني أتعامل مع أحد أبنائي؛ فهو مخلوق جميل ووفي ويعرف ما تريد لأنه يتمتع بالذكاء».

بإمكان كل شخص صناعتها كما يريد فلا شيء معقد فيها، وهناك الكثير من أدوات الخيل موجودة في البيوت القديمة التي كان أصحابها يهتمون بتربية الخيول، وقد طورت بعضها بما يلائم فرسي، واعتمدت في الزينة على الصوف المحلي البسيط والجميل

وعن طريقة حصوله على تلك الأدوات يضيف: «بإمكان كل شخص صناعتها كما يريد فلا شيء معقد فيها، وهناك الكثير من أدوات الخيل موجودة في البيوت القديمة التي كان أصحابها يهتمون بتربية الخيول، وقد طورت بعضها بما يلائم فرسي، واعتمدت في الزينة على الصوف المحلي البسيط والجميل».

الأدوات المتنوعة للخيل

وتحدث جامع التراث المعروف "جمال مهنا" في منزله بقرية "أم الزيتون" عن أقسام هذه الأدوات وعملها، ويقول: «هذه الأدوات متنوعة وكثيرة المصادر، ولكن أغلبها أدوات عربية أو تركية أو فرنسية، وهي ناتجة عن الفترات التي رزحت فيها البلاد تحت وطأة الاحتلال العثماني والفرنسي، وتبدأ هذه الأدوات من "الرسن" المصنوع من الجلد الطبيعي المربوط بعدة حلقات معدنية يتم ربطها بـ"اللجام" الذي يقسم إلى قسمين: "العذار" و"الشوبند" وهما مصنوعان من صوف الغنم، وهناك "العنان" الذي يساعد على تحكم الفارس بفرسه عند المسير.

أما أهم القطع وأغناها على الإطلاق فهو "السرج" المصنوع من الجلد الطبيعي، وله أشكال كثيرة حسب الفنان الصانع، ويحشى من الداخل بالصوف ليلائم جلسة الفارس، وقد أضاف العرب إلى السرج الكثير من الأشكال المرافقة والزينة المصنوعة من الصوف، ويتألف من: "الركائب" و"المرشحة" و"الحياصة" التي تثبته، وعملها يأتي عندما يكون الفرس سائراً بوضعية النزول، والقطعة الأخيرة في السرج هي "الجناد" الذي يربطه ببطن الفرس».

السرج العربي

ويتابع: «لـ"حذوة" الفرس أنواع أيضاً، فكل مكان يعيش فيه الفرس "حذوة" تناسب حوافره، ولها أدوات أيضاً هي "المنسفة" التي تستخدم لتركيب "الحذوة" وتنظيفها، و"المسمار" و"المبرشة" أو المبرد الذي يقوم بتنعيم حافر الفرس، وكان الأتراك يستخدمون "حذوة" خاصة عند هجومهم على منطقة "اللجاة" لصعوبة أرضها ووعورتها، حيث كانوا يضعون في أسفل "الحذوة" نتوأين كبيرين لكيلا يأتي حافر الفرس على الصخر مباشرة ويسبب بإصابته، ولتدليل الخيل استعمل الجبليون "المحسة" لتنظيفها وتمشيط شعر الذيل والرقبة، وهناك "البلام" الذي كان يوضع على فم الفرس لمنعه من الطعام حتى لا يزيد وزنه وتضعف حركته، أما القطعة التي تكاد تكون نادرة هذه الأيام في بيوت الجبليين فتسمى "المهماز" وهي توضع على قدم الفارس لتساعده على تحريض الفرس أثناء السباق أو الحرب، ومن أجل الحد من قدرة الفرس على الحركة هناك "الخرمية" تلك القطعة البازلتية التي كونتها البراكين، وهي حجر صغير حمله خفيف فيه ثقب يدخل من خلاله الحبل المعلق بـ"الرسن" ليربط به، وفي العادة تكون "الخرمية" موجودة في البيادر والبساتين مكان إطعام الفرس.

الأداة المعروفة للجميع هي "القيد" وهو الذي يقوم بتقييد اليد وإحدى القدمين أثناء الرعي، وهناك "مربط الفرس" تلك القطعة الحديدية التي توضع في الجدار البازلتي خارج الغرف، ومن هنا جاء المثل الشعبي المعروف: (هون مربط الفرس)».

جمال مهنا

ومن المتعارف عليه عند الكثيرين من مربي الخيول الأصيلة والمهتمين باقتنائها حرصهم على تزيينها بعدد من الأشكال التي يتذكر بعضها "تيسير أبو جهجاه" المقيم في مدينة "شهبا" ويقول: «كانت "الشراشيب" المصنوعة من الصوف المصبوغ تزين "الرسن"، وفيها يوضع بعض الأصداف والخرز الذي يظن صاحب الخيل أنها ضد الحسد وتبعد العين التي تضمر الشر، وهناك من كان يضع معصماً مصنوعاً من الصوف الملون أيضاً على حافر الخيل، ويمكن أن يضع فوق المعصم أجراساً صغيرة تلائم حالة الزينة وتزيد الفرس تألقاً، والحقيقة إن كل هذه الأدوات لا تكتمل إلا إذا كانت زينة الفرس كافية وواضحة للناس، فالفارس حريص على إضهار فرسه بأبهى حلة، ولذلك كان بعضهم يقومون بجدل شعر الرقبة وكأنها شعر فتاة جميلة، حيث كان الجبليون يتباهون بخيولهم في سباق المعرض الذي كان يقام سنوياً في "ساحة السير" الحالية بمدينة "السويداء"، والآن تكاد تكون الخيل من الذكريات البعيدة، ولا يوجد في الجبل سوى عدد قليل لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة».