"الدْفين" بتسكين الدال هي الأكلة التي تصنع يوم يقوم المضيف بذبح "معاليفه" من أجل استخراج (القاورمة) لمؤونة السنة الكاملة، فيبقي قليلاً من اللحم لصنع تلك الأكلة ويقدمها لأفراد عشيرته أو عائلته بطريقة خاصة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7 شباط 2015، الشيخ المسن "نايف خليل مهنا" المعروف بـ"أبو حسين" الذي تحدث عن أكلة "الدْفين" ومناسبة تقديمها، ويقول: «هي أكلة شعبية قديمة غير معروفة للكثيرين من الناس في "جبل العرب" في الوقت الحاضر، لها أوقات محددة لإعدادها في السنة وتحديداً في عيد "الصليب الكبير" الذي يصادف نهاية شهر أيلول، وتقدم لمرة واحدة فقط إلا إذا كان هناك أكثر من (معلوفة) تتحضر للذبح، حيث يعتمد الناس على المعاليف التي تتم تربيتها في البيوت من أجل الحصول على الدهن أو (القاورمة) والاحتفاظ بها مدة سنة كاملة، لكونها تغني عن اللحم غير المتوافر بأي وقت وخصوصاً في الشتاء البارد، لما لهذه الأكلة من فوائد في إعطاء الجسم الطاقة المناسبة والبروتين الضروري.

هناك ملاحظة مهمة جداً أنه أثناء سكب "المنسف" العربي يتم غمر المنسف بالسمن العربي أمام الضيوف؛ وهو ما يسمى (القفرة) كما هي عادة أهالي "جبل العرب"، لكن في هذه الأكلة لا يتم وضع السمن العربي على المنسف، وإنما يوضع في (الكبشة) الدهن "المسلي" المستخرج من غلي اللحم والدهن معاً كناية على أن الطعام المقدم للضيوف من "المعاليف"، وهنا لا يقوم المضيف بـ"التقفير" على المنسف بل تبقى الكبشة أمام الضيوف لاستعمال السائل عند الحاجة

وهي أكلة بسيطة تصنع من بعض اللحم وبعض (آلية المعلوفة) أو (اللّية)؛ حيث يتم تقطيع اللحم إلى قطع صغيرة جداً لكي يغمر بالبرغل ويدفن فيه، وهي كثيرة الدسم وغير مناسبة لمرضى القلب أو الذين يعانون من الضغط المرتفع والكولسترول، ولذلك تقتصر على دعوة الضيوف المقربين وأفراد العائلة وبعض الجيران والأصدقاء».

التحضير للطبخ من قبل الشيخ نايف مهنا

تختلف هذه الأكلة المحلية عن الأكلة الأساسية المعروفة بنفس الاسم لدى بدو منطقة "شهبا"، والمكونة من اللحم والخبز المغمور (بالملاحية) أي اللبن المطبوخ؛ ويوضع على وجه "المنسف" "الكبب" بأنواعها، و"الدفين" هنا هو اللحم المخبأ بالخبز، وتكمن الاختلافات في التفاصيل الصغيرة المرافقة، حيث يقول الشيخ "شكيب الشاهين" من سكان قرية "الجنينة" عن هذه الإضافات: «"الدفين" المصنوع من "المعاليف" يتألف لحمه من "المعلاق" والطحال وبعض اللحم والدهن الذي يترك خصيصاً لهذه الأكلة، ومع هذه المكونات يوضع البصل مع السمن العربي، ويتم تقليبه حتى يصبح لونه مائلاً إلى الأحمر أو ما يطلق عليه (القلية)، ثم يضاف "البرغل" بكميات كبيرة (أكثر من المعتاد لغمر اللحم) والبهارات المناسبة وأهمها الفلفل الأحمر، ويتم خلط اللحم مع البرغل ومحاولة دفن اللحم جيداً بالبرغل عند صبه في "المنسف" العربي، ويقدم مع الطعام اللبن الرائب والمخلل والخضراوات مثل: الفليفلة الخضراء، والبصل، والفجل، والنعناع، والبقدونس للتخفيف من طعم السمون والزيوت أو ما يطلق عليه (الزفر)، وهناك من يقوم بوضع الكبة المقلية في أعلى المنسف أو (فجّة) الرأس على أن يغطى سطح المنسف برغيف كبير من خبز (الملوح) لحلاوة المنظر، فـ"الدْفين" المطمور بالبرغل منظره يختلف كثيراً عن المنسف العادي المشهور في الجبل، أما "الدَفين" بفتح الدال فهي الأكلة الرئيسة عند البدو؛ وتتألف من اللحم الخالص غير المجروم و"الكبة" والبرغل؛ حيث تكون طبقات من الخبز العربي الذي يوضع فوق اللحم، وهو يتناول بواسطة الأيدي فقط».

وعن العادات المتبعة لهذه الوليمة الدسمة وخلافها مع الأكلة المعروفة بنفس الاسم، أضاف الأستاذ "جمال مهنا" المهتم بالتراث وأدواته بالقول: «هناك ملاحظة مهمة جداً أنه أثناء سكب "المنسف" العربي يتم غمر المنسف بالسمن العربي أمام الضيوف؛ وهو ما يسمى (القفرة) كما هي عادة أهالي "جبل العرب"، لكن في هذه الأكلة لا يتم وضع السمن العربي على المنسف، وإنما يوضع في (الكبشة) الدهن "المسلي" المستخرج من غلي اللحم والدهن معاً كناية على أن الطعام المقدم للضيوف من "المعاليف"، وهنا لا يقوم المضيف بـ"التقفير" على المنسف بل تبقى الكبشة أمام الضيوف لاستعمال السائل عند الحاجة».

"المعاليف" والقصاب
إطعام الأهل والجيران منها