مصطلحات كثيرة تشير إلى كميات سقوط الأمطار لدى الفلاحين قد يجهلها الجيل الحالي، لكنها تشير إلى مقاسات معينة اعتادوها ويتناقلوها كلما سقط الغيث حتى يخبروا بعضهم بعضاً عن وضع الموسم.

مدونة وطن "eSyria" رصدت المصطلحات المحلية المعبرة عن واقع سقوط الأمطار في محافظة "السويداء" التي يتداولها الفلاحون بكثرة، وكأنها راصد جوي ما بعد المطر، والتقت الشيخ "شكيب الصحناوي" بتاريخ 8 كانون الأول 2014، من أهالي قرية "الجنينة" والبالغ من العمر 84 عاماً، الذي تحدث عن تلك المصطلحات، ويقول: «تختلف هذه المصطلحات من منطقة إلى أخرى في محافظة "السويداء"، وأعتقد أن لها جذوراً وأسماء في باقي المحافظات، وبين هنا وهناك يختلف الاسم ولكن المعنى واحد، وأكثر هذه المصطلحات تداولاً في "جبل العرب" ككل ويفهم معناها الجميع هي: (رية السكي، وزقح المزراب، وسالت القناي، وقلع النعل، والثرى شبر، ولحق الري للري) وغيرها، مما يتناسب مع لغة الفلاح الذي يجد في هذه المصطلحات ما يناسب نيته التي تنشد الخير من أجل موسم جيد ينشله من واقعه الصعب بعد التعب والعناء».

تختلف هذه المصطلحات من منطقة إلى أخرى في محافظة "السويداء"، وأعتقد أن لها جذوراً وأسماء في باقي المحافظات، وبين هنا وهناك يختلف الاسم ولكن المعنى واحد، وأكثر هذه المصطلحات تداولاً في "جبل العرب" ككل ويفهم معناها الجميع هي: (رية السكي، وزقح المزراب، وسالت القناي، وقلع النعل، والثرى شبر، ولحق الري للري) وغيرها، مما يتناسب مع لغة الفلاح الذي يجد في هذه المصطلحات ما يناسب نيته التي تنشد الخير من أجل موسم جيد ينشله من واقعه الصعب بعد التعب والعناء

وعن هذه التسميات وما تعنيه للمزارع في كل موسم يضيف "الصحناوي": «كل مصطلح يدل على كمية الأمطار التي هطلت؛ فنقول "ري السكي" أي سكة المحراث العادي الذي كان يستعمله الفلاح قديماً ويجر بواسطة الثور أو البغل أو الحمار، وتعد مقياساً مهماً للفلاح وهي ما بين عشرة إلى عشرين سنتيمتراً، وبعد ذلك يأتي مصطلح "لحق الري للري" فبعد ري السكة يأتي هذا المسمى ليزيد التفاؤل، فبعد أكثر من "مطرة" تتقابل المياه في التربة لمسافة تقدر بحوالي القدم، وهي كمية كافية للزرع كي ينمو وينتج ويبشر بموسم زراعي طيب، ولكن أكثر التسميات التي تدل على أن الموسم ضعيف ويرعب المزارع هي الأمطار القليلة التي تأتي مع البرد والرياح العاتية دون أن تترك أثراً على الأرض، حيث يقال "زقح المزراب"؛ وهو يدل على أن الأمطار قليلة، والمزراب قطعة من التنك يركّب عادة على جوانب السطح بشكل مائل من أجل أن تسيل مياه الأمطار مباشرة نحو الأرض دون أن تبقى على السطوح الترابية وتسبب الضرر لأصحابها، ويعتقد أن "زقح المزراب" يساعد فقط في استمرار الزرع "العفير" الذي زرع قبل الشتاء، أو الزرع "اللقسي" أي الذي زرع متأخراً عن موعده، أما عندما يقال "سالت القناي" فهناك من يعتقد أنها قناة كبيرة موصولة مع الوادي، ولكن الفلاحين كانوا يقومون بصنع قنوات لكي تسيل على أرضهم ولا تذهب من دون فائدة، وهي تحقق الكثير من الفوائد عند اشتداد المطر».

قناة على المساكب الخضراء

وعن مصطلح "قلع النعل" الغريب على كثيرين من الجيل الحالي، فقد تحدث الفنان الشاعر "فؤاد الورهاني" عنه عبر الاتصال معه في اغترابه في مدينة "سيدني" الأسترالية، وهو ابن قرية "الكارس" ويقول: «مصطلح "قلع النعل" قديم جداً، وقد تُفاجأ عندما تعلم أن الشاعر "أبو الطيب المتنبي" قد قاله مرة، فهو عند الفلاحين مقياس لكمية الأمطار، على أن يقال: (الشتويات قلال قلع النعل)؛ أي لو كنت سائراً على الطريق أو في أرض زراعية مبتلة قليلاً بالماء ما بين 1 إلى 2 سنتمتر فإن الوحل يلتصق بالنعل لأن التربة غير متماسكة مع ما تحتها من تراب، وهي تعني مثلاً بالعامية لمن يستقبل أو يدعو الزوار بفتور؛ فيقال عنه: (كانت عزيمتو قلع النعل)، وهذا المعنى مرّ في لامية الشاعر "المتنبي" وهو يرثي والدة "سيف الدولة الحمداني"، إذ استعمل نفض النعال حيث يقول: (ولا من جنازتها تجار.... يكون وداعها نفض النعال)، وهو يقصد ذلك المعنى بالتحديد، ولم يقل خلع أو غير ذلك».

صورة قديمة لمزارع يفلح بعد "الشتوة" الأولى
زمن الخير بعد شتاء عاصف