يوضح القسم الأول من الكتاب الفينغ – شوي على أنها العلاقة بين الإنسان والمكان، حيث إن للمكان سلطته وقوته وسحره وخصائصه الفيزيائية. لذلك يتوجب إعادة ترتيبه ليصبح ملائماً ومناسبا لتلبية حاجات الإنسان الضرورية.

وتفترض الفينغ - شوي أن على الانسان أن يحس الإنسان بالمكان وعليه إن لم يحس به أن يتدرب على ذلك، وهذا الإحساس المتنامي هو من صميم معارف فالفينغ – شوي تِكد على تنامي الإحساس بالمكان.أصل الكلمات الصينية "فينغ" و "شوي" تعنيان: "الريح" و "الماء"، فهذا المصطلح ولد من الإحساس بأهمية الرياح والماء، ومن دور الطبيعية في الحياة. الفينغ – شوي اعتقاد صيني قديم يؤكد على الحتفاظ ببع المقومات التي تساعد على تكوين المكان وتجميله ويفترض هذا الاعتقاد بأن الوسط والمحيط السيئ يؤثر تأثيراً سيئاً على الإنسان وعلاقته بالمكان. وتعود جذور ه إلى حوالي ثلاثة آلاف عام، لكنه تطور وصار فلسفة جمالية في القرن السادس الميلادي، وما زال يتطور حتى أصبحت للفينغ – شوي مدارس ومناهج متعددة، وأبرزها المدرسة الرسمية أو الشكلية التي تركز على الحواس وتعتمد على استخدام حاسة البصر وعلى خصائص الأشكال والألوان، وإيجاد تفسيرات لها، ولكن ثمة تناقضات في هذه التفسيرات بين تلك المدارس، هنالك مدارس تعتبر شكل الجبل عاملاً يهدد حياة الإنسان، وثمة وأخرى تقول أنه يحميه. للفينغ – شوي الخمسة عناصر: هي النار، التراب، المعدن، الماء، الخشب- الشجرة، ومن خلال التفاعل الإيجابي بين هذه العناصر ونتيجة لتفاعل خصائص كل منها مع الآخر يتم التوصل إلى تشكيل متوازن وجميل للمكان - للبيت.

يركز الكتاب على الأحاسيس: حاسة البصر والسمع والشم، وحاسة اللمس، كما تحتفظ كبرى مدارسه: المدرسة الهرمية للفينغ – شوي بأهمية خاصة للتفسيرات الثقافية ولردود الأفعال الفيزيولوجية تجاه ظروف ومؤثرات العالم الخارجي عبر الأحاسيس جميعاً ولا سيّما حاسة البصر وتأثير الألوان، حيث لكل لون تأثيره النفسي ودلالته الفنية ووظيفته وكيفية توظيفه حسب فن الفينغ – شوي، فاللون هو أساس التفسير الثقافي للانفعالات، ومن المعروف أن الأداء الثقافي لدلالات الألوان مختلف من ثقافة إلى أخرى، فمثلاً اللون الأحمر هو لون الدم ويرمز لتيار القوة والحيوية وإضافة اللون الأحمر إلى مكان ما هو تأكيد على درجة عمق الحياة ويساعد على احتدام المشاعر...أما اللون الأزرق فيرمز إلى الاستقلالية والميل إلى المغامرة، والأزرق الكحلي يدل على الغموض والمساعدة على التأمل.

أيضاً يؤكد على ضرورة الاستفادة من الأصوات والروائح وحاسة اللمس، ومنها خشونة ونعومة السطوح وخواص المواد الظاهرية لإعادة ترتيب وتجميل المكان. بعد فهم المحيط والبيئة الاصطناعية وتشخيص المعضلات الشكلية والمكانية للحيز المشيد عبر آليات وقراءات الفينغ – شوي نفسها، يتم تقديم حلول عملية على شكل نصائح مفيدة لتحسين البيئة السكنية للإنسان وتبدو هذه الافتراضات لدقتها المذهلة أنها علم رياضي وهندسي مدروس في المختبرات.

تبدأ المراحل الأولى في العلاقة مع المكان وتحسين شروطه وسكنه وإقامة علاقة صحية معه من تشخيص سماته والبحث عن العلاقات غير المتوافقة بين عناصره: المسكن، المكتب، الشارع، الساحة. ومن ثم يبدأ تقديم الاقتراحات لتعديل إحداثيات المجسمات من أثاث وغيرها من العناصر المكونة للمشهد البصري الداخلي والخارجي، بناءً على القواعد والأسس التي تقدمها الفينغ – شوي، وهي جميعها عائدة إلى فنون الديكور والتشكيل. فالفينغ – شوي فن أيضا أو هو فن حقيقي، لكنه يفترق عن غيره من الفنون أنه يشخص المكان والعلاقة اعتماداً على الجيولوجيا والتكوين والاتجاه وكذلك التشخيص المسمى بالسهام الخفية.

بعضهم يرى أنه "بالنسبة للجيولوجيا المكونة للمكان فهي صيغة جنينية لعلوم البيئة المؤثرة على العمران والبناء، فقد كان أوائل رواد هذا الفن في الصين القديمة يُعرفون بالأطباء الذين يعالجون بالقوة الحيوية، وكان هؤلاء الأطباء يختبرون تربة المكان الذي سيبنون فوقه بيت المستقبل بناءً على التركيب الحمضي أو القلوي للتربة والترسبات المعدنية وكثافة الصخور، ويحاولون الابتعاد عن تربة المستنقعات، أو تقديم حلول لها عند ضرورة التشييد فوقها، على أساس أنه قبل ترتيب الوضع الداخلي للمنزل يجب التأكد من صحة وسلامة وسلاسة المحيط البيئي وبالتالي حسن جيولوجية المكان".

يفترض هذا المعتقد القديم المتجدد أنه يوجد سهام خفية تنبعث من الأشكال المعمارية والأثاث، هذه السهام الخفية تثير أشياء صغيرة في النفس، وربما بعض هذه الأسهم التي تنطلق من المجسمات تثير الإنسان بقوة وتسبب له العصبية، فيكون لها تأثير ضار على نفسية الإنسان وحسن أدائه لعمله.

السهام الخفية هي خطوط غير مرئية لطاقة المكان الحيوية والتي تسمى "تسي" وتنبعث من زوايا الأجسام المصنعة، وهي بصورة أو أخرى تشبه نظرات الإنسان الخاصة والمثيرة إلى غيره، ويجب تحاشيها لأنها تثيره.

فهي - السهام الخفية - موجودة في زوايا البناية أو الأشياء الضخمة من يافطات وخطوط الأسقف الحادة الموجهة إلى الإنسان، فمن الممكن أن تجلب له أضراراً بدنية كالرضوض" أو نفسية "تأثيرات ومشاعر حادة".

فالسهم يخرج عادةً من زاوية حادة وثابتة وكثرة تكرار هذه الأسهم الخارجية من المصنعات والأثاث تتراكم في جسم الإنسان مخلفة طاقة سلبية غير، وهي مسألة جدية يجب أخذها بعين الاعتبار. يرى بعضهم أيضاً "إن هذا الكتاب المثير يركز كل طاقته لبيان وتوضيح القدرات غير المرئية للمكان ومكوناته وتأثير هذه القدرات الحسية على نفسية الإنسان وأدائه لعمله، عندها ينطلق لإيجاد حلول عملية تخفف من التأثيرات السلبية للمكان والمحيط الاصطناعي على الإنسان، منطلقاً من تراكم ثقافة شرقية عريقة قد تم إعادة إنتاجها في الغرب" ويتابع: "إن الكتاب وثيق الصلة بفنون التصميم المعماري والديكور وتنسيق المكان والبيئة المحيطة"، وشعاره الرئيس هو: "إن الظروف الجيدة في المسكن تساعد على إحراز النجاح في الحياة" وسواء اتفقنا مع المقترحات والافتراضات الواردة في الكتاب أم لا، فهي –كما يرى الكاتب المشار إليه - أفكار جديرة بالقراءة وتساهم في توسيع ثقافة الإنسان البصرية والتشكيلية، وتؤكد على أهمية معرفة الوسط المعماري والعمراني عموماً، والعمارة الداخلية على وجه الخصوص."

إن الفينغ - شوي وفلسفات الصين القديمة عموما تثبت صحتها يوما بعد يوم لأنها شديدة الصلة بالإنسان وما يريحه.