بين التمثيل والكتابة والإخراج؛ تعددت ملكات "شادي كيوان"، لكن قلمه يقرر الانحياز، فحين منحته التجارب ما يشبع حيرته الفنية والأدبية تبين أنه يليق بالكتابة كما تليق به، فتوجه نحوها، وكان نجاحه السريع وجواز سفره الأدبي نحو الفن، فقدم لمتذوقي الدراما والمسرح ما يرقى بذائقتهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 آذار 2019، الفنان "شادي كيوان"، فتحدث عن بداياته قائلاً: «حين تكون البداية في عمرٍ صغير يفتقد المرء إلى التوجيه والخيار الذي يناسب قدراته، أو يبحث في مكنونات موهبته، وربما يبدأ وجلّ ما يعنيه الهاجس والمتعة والشهرة؛ فيختار التمثيل، وهكذا بدأت في فرقة المسرح الجامعي بـ"اللاذقية" على يد الفنان "نضال سيجري"، وبعد الكثير من العروض على خشبة المسرح كممثل بدأ توجهي يميل إلى الكتابة، لكن لا شيء يُخلق هكذا؛ فهناك إشارات كثيرة تمرّ في حياتنا تدلنا إلى أين سننتهي، لكننا لم نعتد الالتفات إليها. لديّ طفولة وبيئة ملأتني بالحكايات والأساطير الشعبية، وكتبت الشعر ونشرت في صحف مدرسية، لكنني لم أكن أتوقع يوماً أنني سأغرق في عالم الكتابة، ثم كان خيار دراسة قسم التقنيات في المعهد العالي للفنون المسرحية مصادفةً بحتة، وأثناء دراستي وفي السنة الثانية أنجزت أول نصٍ تلفزيوني، وبعدها بدأت رحلة الدراسة والاختصاص».

هو كاتب ذكي جداً، ولدينا العديد من المشاركات، لعل أبرزها "كونتاك"، هذه التجربة مهمة بالنسبة لي، فأنا أرى أن "شادي" لامع في الكوميديا، والمبدعون فيها قليلون جداً لصعوبتها، كما يميزه مرونته في العمل والتعامل مع الآخر، وخياله بلا حدود، وسيكون "كونتاك" عملاً مهماً لتعريف الناس بمدى موهبة "شادي" وسلاسة وذكاء قلمه

وعن تجربته في كتابة المسرحيات، قال: «لكون التماس الأول مع عالم الكتابة كان مع المسرح في المعهد العالي؛ حاولت وما زلت أحب الكتابة للمسرح، ومنذ عام 2009 إلى اليوم قدمت عدة أعمال مسرحية، وهي: "الشيء الآخر" من تأليفي وإخراجي، والحاصلة على جائزة مهرجان وزارة الثقافة عام 2009، ومسرحية "جسور" لطلاب السنة الثالثة في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2015، ومسرحية لاحتفالية يوم المسرح العالمي عام 2015، ومسرحية "تكرار" تأليفي وإخراج الفنان "بسام كوسا" في عرض تخرج طلاب التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2016، ومسرحية "تحية" عام 2017».

الفنان محمد خير الجراح

وبين كتابة التلفزيون والمسرح وجد "شادي" نفسه، حيث قال: «الكتابة للمسرح لها قواعد وأسس لبناء الحكاية، هناك مدارس مسرحية مختلفة وأنواع أدبية صنفت عبر تاريخ المسرح. أما الكتابة للتلفزيون، فهي اشتقاق من الكتابة للسينما، فكل من يدرس السيناريو في العالم يدرس كتابة الفيلم، وكل الكتب التي ألفت في هذا المجال هي عن سيناريو الفيلم السينمائي. بينما التلفزيون، فأرى أنه ينجح حين يقارب في قواعده كتابة الفيلم السينمائي، كما أن لكل نوعٍ متعته، فأنا لا أكتب في المسرح إلا حين تكون الفكرة هاجساً وأتعامل معها بصيغة المشروع مع صديق مخرج مثلاً؛ نفكر ونخطط معاً، ونتعامل معها على أنها ليست طارئاً فنياً أو وظيفة عليك القيام بها، فالمسرح كان وسيظل مشروعاً للفنان، كما أستمتع بالكتابة للتلفزيون أو كتابة السيناريو بوجه عام؛ لأنني أشعر بأنه لا سقف للخيال فيه».

وعند السؤال إن كان لا يزال يحب الظهور أمام الكاميرا، أجاب: «جربت الوقوف أمام الكاميرا في التلفزيون في الكثير من الأعمال، أهمها: "تحت سماء الوطن"، و"بقعة ضوء"، لكن من سوء حظنا أننا اقتحمنا هذا العالم في ظل انتكاسات كثيرة في بلدنا عموماً، والدراما السورية خصوصاً، فلم تعد فكرة أن تكون ممثلاً مشروعاً مثالياً بالنسبة لي، فسابقاً عندما تكون موهوباً ومثقفاً ومجتهداً كنت ستأخذ مكانك بلا شك، أما اليوم، فهذه المعادلة لم يعد معمولاً بها، لهذا لم أجرّب مرة أخرى. بينما في المسرح الموضوع مختلف، وما زلت أحبُ الوقوف على خشبته، وهذا العام بتاريخ 27 آذار على خشبة مسرح "الحمراء"، سنعرض مسرحية "تحية" من تأليفي؛ وهي في يوم المسرح العالمي، وسأمثّل فيها».

شادي كيوان

ولتفاصيل أكثر عن نصوصه التلفزيونية، أردف قائلاً: «كتبتُ للتلفزيون في "بقعة ضوء" في البدايات، لكن التجربة المفصلية بالنسبة لي بعد صقل الكتابة للتلفزيون بالدراسة والعمل كانت "أزمة عائلية"، وهناك أعمال كثيرة شاركت فيها ككاتب، وأحاول دائماً أن أكتب نصاً تلفزيونياً لسبب فني، وأتعامل معه بمنطق المشروع والهاجس، وليس (هيك بدو السوق)، فالسوق صنعته أعمال ناجحة فيما مضى، ولديّ إيمان بأننا قادرون أن نغيّر السوق اليوم لنواكب التطور الفني في آليات القصّ والتفكير، لهذا فإننا نضطر لنجرب أشكالاً مختلفة في السيناريو على مستوى الحكاية والقصّ. هذا العام لديّ مشاركة بسيطة في مسلسل "الهوى والجوا" بخماسية واحدة، والعمل الآخر الذي أعوّل عليه هذا العام هو "كونتاك"».

الدكتورة "رانيا الجبان" مدرّسة في المعهد العالي للفنون المسرحية، والمديرة الفنية لشركة "إيمار الشام"، تحدثت عن رأيها بقلم "شادي"، والتعاون معه في مسلسل "كونتاك"، فقالت: «هو كاتب ذكي جداً، ولدينا العديد من المشاركات، لعل أبرزها "كونتاك"، هذه التجربة مهمة بالنسبة لي، فأنا أرى أن "شادي" لامع في الكوميديا، والمبدعون فيها قليلون جداً لصعوبتها، كما يميزه مرونته في العمل والتعامل مع الآخر، وخياله بلا حدود، وسيكون "كونتاك" عملاً مهماً لتعريف الناس بمدى موهبة "شادي" وسلاسة وذكاء قلمه».

الفنان "محمد خير الجراح" قال عن "شادي": «سبق وتعاونت معه، وتعرفت إلى موهبته في الكتابة، وكم يتمتع بأسلوب مبتكر وفكر خلاق ومختلف جداً، وما يلفتني فيه أنه واسع الاطلاع على الرغم من صغر سنّه، فثقافته الفنية كبيرة، وهذا مهم كثيراً، كما أنه متطور من حيث استخدام الأدوات، ونوع كتابته يتقاطع مع تفكيري كثيراً، مرن في تعديل النص بطريقة سريعة ومريحة لكل من يتعامل معه في عمل مشترك، وأظنّ أن تجربته في التمثيل؛ ولو كانت بسيطة حتى الآن، إلا أنها تساعده بمعرفة الأدوات أكثر وما يناسب العمل والممثلين».

الجدير بالذكر، أن "شادي كيوان" من مواليد "السويداء" عام 1989.