شاعر خطف الأبصار والحواس بجمال لغته الشعرية وابتكاراته الأدبية، فكان التميز والنجاح الجماهيري الجائزة الأولى في حياته، حصد جوائز متميزة، وشارك في المسابقات الشعرية.

"أكرم فارس عريج" من مواليد قرية "المجدل" عام 1969، يقول لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 أيلول 2017، عما تختزنه الذاكرة أيام الطفولة: «والدي كان الشخص الأقرب إلى نفسي، لا يقبل أن يحضر قهوته المرة صباحاً إلا وأنا بجانبه، كان يمتاز بالكرم والشهامة، ويحب الضيوف ويكرمهم، كان حلمه أن يراني شخصاً معروفاً ومشهوراً، وكان السائد آنذاك الطب والهندسة، لكن عندما عرفت كشاعر والشعر باقٍ وخالد، أدرك والدي أن اسمي سيكون موجوداً».

والدي كان الشخص الأقرب إلى نفسي، لا يقبل أن يحضر قهوته المرة صباحاً إلا وأنا بجانبه، كان يمتاز بالكرم والشهامة، ويحب الضيوف ويكرمهم، كان حلمه أن يراني شخصاً معروفاً ومشهوراً، وكان السائد آنذاك الطب والهندسة، لكن عندما عرفت كشاعر والشعر باقٍ وخالد، أدرك والدي أن اسمي سيكون موجوداً

وتابع عن بداياته الشعرية قائلاً: «بداياتي محاولات متواضعة، وأول نص شعري كتبته في الصف الثامن، كتبت قصيدة عمودية قبل أن أدرك الأوزان، وقال لي أستاذ اللغة العربية آنذاك "سلمان أبو فخر": (هذا شعر موزون بنسبة تراوح بين 80-90%). وأذكر أنه ضحك عندما سألته عن معنى موزون، فأجابني: (موهبتك هي التي ستوصلك، أكتب ما يخطر في بالك).

الشاعر "أكرم عريج"

استمرت المحاولات حتى الثانوية، حتى درسنا بحور الشعر، وكان الشعر الذي كتبته في ذاك الوقت الغزل والوطني، وللمرأة حضور الآلهة في شعري، ربما لعلاقتي القوية مع أمي وأخواتي.

قصيدة التفعيلة كتبتها في الثالث الثانوي، كتبتها للوطن والمرأة، لكن بطريقة مختلفة، فالوطن بالنسبة لي هو إنسان وروح وانتماء».

وعن المرحلة الجامعية، تابع: «درست الأدب العربي عامين، ولم أتابع بسبب ظروف الحياة التي اضطرتني إلى السفر، في العام الأول في دراستي الجامعية التقيت الشاعر "شوقي البغدادي" الذي سألني في مجمل حديثنا: أنت شاعر؟ أجبته بالنفي، فقال لي: أنت إما شاعر، أو تكتب الشعر ولا يعلم بك أحد، ونصحني بالمتابعة قائلاً: ستصبح شاعراً جميلاً يوماً ما. وفي أعوام الدراسة شاركت بأكثر من أمسية شعرية في مدرج كلية الآداب».

حصل على لقب "شاعر الياسمين" من جمهوره الذي يتابعه بشغف على مواقع التواصل الاجتماعي، وعن آلية انتشار قصائده تحدث: «بدأت النشر على صفحتي الشخصية، وفي العديد من المواقع الإلكترونية، أول قصيدة نشرت لي في صحيفة مطبوعة كانت في صحيفة "الثورة" عام 1988، وأجريت لقاء في الإذاعة السورية، وقرأت بعض قصائدي.

من خلال النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح لدي متابعون من كافة أقطار الوطن العربي، حصلت على لقب "شاعر الياسمين"، وأسعدني أن الناس اختاروا لي هذا اللقب، ربما لحضور "دمشق" الطاغي في قصائدي بحمامها وقاسيونها وبردى والياسمين والحارات العتيقة. أقمت العديد من الأمسيات في "السويداء" و"القريا" و"الكفر". كما نشرت في مجلة السفير العربي بنسختيها الورقية والإلكترونية».

جوائز عديدة متميزة حصدها طوال مسيرته، عنها أضاف: «شاركت في مهرجان "شغف" في مديرية الثقافة في "السويداء"، وكرمت "نزار قباني" بقصيدة، وحصلت على جائزة "عمر أبو ريشة" عام 2013، وحصلت قصيدتي "لا شيء يشبهني سواي" على المركز الرابع على مستوى القطر.

وشاركت في مهرجان "صبيطلة" في "تونس" عبر "السكايب" عام 2013، وآخر المحطات، كانت مسابقة "شعراء الشام"، وهي المحطة الأبرز في حياتي، حيث وصلت إلى المرحلة النهائية من أصل 580 مشاركاً، أقامت المسابقة وزارتي الثقافة والإعلام وبثتها المحطات السورية التلفزيونية، لكنها توقفت في النهائيات، فأضافت إليّ الكثير من خلال لقاء عدد كبير من الشعراء وأدباء ونقاد تقييم، ومعرفة الطريق الصحيح في الشعر. مسابقة "شعراء الشام" خلقت لدي حافزاً لوجود ديوان مطبوع؛ فالشاعر كلما تأخر بالطباعة، كان مجحفاً بحق نفسه، حالياً لدي ديوانان معدّان للطبع، لكنني سأنتقي النخبة من الديوانين في مجموعة واحدة، ستطبع في مطابع وزارة الثقافة نهاية العام الجاري».

قصيدة المزاوجة بين النثر والتفعيلة، قصيدة مبتكرة لشعراء يمتلكون مخزوناً ثقافياً هائلاً وقدرات شعرية خاصة، والشاعر "أكرم عريج" من القلائل الذين كتبوا هذه القصيدة، وعنها تحدث: «المزاوجة بين التفعيلة والنثر هي الخروج عن التفعيلة مع الحفاظ على الوزن الشعري كي لا تخدش أذن المستمع، كسرت التفعيلة ليس عن عبث، لكن لإيصال الصورة كما أشعر بها.

أنا منحاز إلى قصيدة النثر، والسبب هو ابتداع جديد، قد تكون القصيدة تفعيلة واحدة أو عدة تفعيلات، مع أنه يعاب على قصيدة النثر وجود القافية، لكنني أستخدم القافية ضمن سياق النص مع الحفاظ على الوزن.

الخروج من قصيدة التفعيلة إلى قصيدة النثر هي المزاوجة، قصيدة النثر تعتمد التكثيف بالصورة من دون قيود، قد تكون مقاطع عديدة، لكنها تحمل الفكرة ذاتها، علماً أن كل مقطع مستقل تماماً؛ وهذا يعطي هامشاً لابتكار صورة تعتمد الموسيقا الداخلية للنص».

"إيناس عزام" كاتبة روائية، تحدثت عن شعر "أكرم عريج" بالقول: «القارئ أو المصغي لشعر "أكرم عريج" من حيث أدائه، لا يقل مستوى عن ارتفاع منسوب الأبجدية لديه، وأكثر ما يستهويني بـ"أكرم" الإنسان تطرقه للعديد من الموضوعات، وإن تجلت بموضوعي المرأة والوطن، بل كثيراً ما مزج بينهما، حتى غدت المرأة الوطن، والوطن امرأة، كما في قصيدة "اسمحي لي".

وهنا لا بد من الحديث عن آلية تناوله للموضوعات، فعندما يتطرق إلى "دمشق" يسجد القلب على سجادة من مخمل الكلمات، حين يقول:

"يا دمشق وأنت قبلة الروح... بك تكتمل الصلاة... في حضرة الشام المندّاة بالقبل... يتوضأ التاريخ... هنا أركانها لا تعرف العد... فلا خمس ولا عشر ولا ألف... يكفي حسنها الباري... هنا النوافل والتراويح لا تكفي... فعد ما استطعت من خيول الشوق... واسجد ترى التاريخ من أبوابها السبعة... يغسل وجهك بالياسمين... فطف حولها... وارمِ خلف ظهرك الجمرات... دمشق تقبل الغفران... فاستغفر وكبّر... الشام أكبر... الشام أكبر... الشام أكبر". إنه يجيد فن جمع المتناقضات بلغة جزلة رقيقة، وتراكيب ناضجة تعكس الحياة لديه كشاعر وإنسان ثري بالحب والثقافة كفنان بالشعر، فهو المنفرد بذاته كقصيدته: "لا شيء يشبهني سواي"».

بقي أن نذكر، أنّ "أكرم عريج" عضو في اتحاد محبي الشعر حول العالم، ونشرت قصائده في "لبنان" و"العراق" و"تونس" و"الأردن".