تعدّ الألعاب الشعبية جزءاً من أدبيّات الحياة اليومية التي لها قوانينها وأعرافها، وتحمل في مضمونها أهدافاً وتطلعات ثقافية أدبية، وتجعل من توثيقها وتدوينها دوافع إبداعية، وربما يأتي السؤال لاحقاً عن ماهية تلك الدوافع.

حول دوافع تدوين وتوثيق الألعاب الشعبية، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 22 آب 2016، التقت الباحث الموثق لألعاب شعبية عدة "فوزات رزق" عضو اتحاد الكتاب العرب، الذي بيّن قائلاً: «إن الثقة تعتري إمكانية قيام جهد جادّ من جانب باحث متخصص يسترعي انتباهه ما يراه من عنف هذه الألعاب حيناً، وصرامة قوانينها حيناً آخر، والمهارة التي يتطلبها أداء الكثير منها، وشموليتها من الناحية الرياضية، التي تساهم في تحريك أعضاء الجسد كافة، بدءاً من أصابع اليد والرِجل، وانتهاء بالدماغ؛ الأمر الذي يجعل الباحث يندفع إلى توثيقها رغبة بإنجاز هذا العمل والخوف من فقدان المصادر مع تقدم الزمن، إذ يعمل في تدوينها مع قلة مصادرها المكتوبة، أو المسجلة، ولهذا يعتمد الباحث على من مارسوا هذه الألعاب ومن أسعفتهم الذاكرة.

إن الثقة تعتري إمكانية قيام جهد جادّ من جانب باحث متخصص يسترعي انتباهه ما يراه من عنف هذه الألعاب حيناً، وصرامة قوانينها حيناً آخر، والمهارة التي يتطلبها أداء الكثير منها، وشموليتها من الناحية الرياضية، التي تساهم في تحريك أعضاء الجسد كافة، بدءاً من أصابع اليد والرِجل، وانتهاء بالدماغ؛ الأمر الذي يجعل الباحث يندفع إلى توثيقها رغبة بإنجاز هذا العمل والخوف من فقدان المصادر مع تقدم الزمن، إذ يعمل في تدوينها مع قلة مصادرها المكتوبة، أو المسجلة، ولهذا يعتمد الباحث على من مارسوا هذه الألعاب ومن أسعفتهم الذاكرة. قد لا يوفّق في تسجيل اللعبة كاملة من شخص واحد، عندئذٍ عليه اللجوء إلى استكمال اللعبة من أكثر من مصدر شفوي، ولهذا تراه مضطراً لمقاطعة المعلومات، ليصل إلى الشكل الأمثل للعبة، معتمداً بعد ذلك ذاكرته، وذاكرة أترابه في استعراض جميع الألعاب التي مورست في الصغر، ثم عليه الاعتماد على مشاهدة ومراقبة الأطفال وهم يمارسون ما تبقى من هذه الألعاب

قد لا يوفّق في تسجيل اللعبة كاملة من شخص واحد، عندئذٍ عليه اللجوء إلى استكمال اللعبة من أكثر من مصدر شفوي، ولهذا تراه مضطراً لمقاطعة المعلومات، ليصل إلى الشكل الأمثل للعبة، معتمداً بعد ذلك ذاكرته، وذاكرة أترابه في استعراض جميع الألعاب التي مورست في الصغر، ثم عليه الاعتماد على مشاهدة ومراقبة الأطفال وهم يمارسون ما تبقى من هذه الألعاب».

الباحث التراثي فوزات رزق

وبيّن الباحث "رزق" تجربته في جمع الألعاب، قائلاً: «لقد أجريت مسحاً شاملاً للألعاب التي كانت ولا تزال تمثّل جانباً من اهتمام الصغار، فلم أجد فرقاً كبيراً، إلا في التسمية مرة، وفي رواية أخرى للألفاظ المصاحبة لها، والاصطلاحات المتعلقة بهذه اللعبة أو تلك، وفي هذه الحالة كنت ألجأ إلى أكثر الروايات شيوعاً وأجملها لفظاً وأكثرها قرباً من روح اللعبة، ولم أحاول أن أثبت أكثر من رواية للعبة الواحدة، ولو فعلت لضاق بي الكمّ الهائل الذي قد يتجمع جرّاء اختلاف الروايات بين قرية وأخرى. غير أن تباين طريقة اللعب لم يكن كبيراً على كل حال، وكان دافع التوثيق يجعلني أعمل على التصنيف؛ إذ لا بد في هذا المجال من ملاحظة صنفين من الألعاب؛ فثمة ألعاب مشتركة في كل أنحاء الجبل، ولا تكاد ترى فرقاً في طريقة لعبها، ولا في قوانينها. في حين تجد ألعاباً سائدة في قرية من دون أن ترى لها أثراً في القرية المجاورة، وتستطيع أن ترى هذه الخصوصية في الألعاب الحديثة أكثر الأحيان؛ الأمر الذي يقودنا إلى الظنّ بأن الألعاب الحديثة إنما هي ألعاب وافدة، بينما نجد الألعاب القديمة قد قطع لها هوية جبلية، وتشكلت لها سحنة جبلية بدءاً من الأدوات المستخدمة في اللعب، فهي أدوات بيئية (حجارة، عصي، قطع عظام، مزق ثياب، أعقاب أحذية، أغلفة طلقات)، وغيرها. ولم تأتِ هذه الأدوات محض مصادفة، فالعصي والحجارة هي وسائل الجبليين في الجد واللعب، وهي أدواتهم في البناء والقتال، وحثّ حيواناتهم».

ويطرح الباحث التراثي "بشار أبو حمدان" رؤية في استخلاص نتائج ودوافع توثيق الألعاب، بقوله: «تبرز خلال هذه العملية المتشابكة من الجمع والتصنيف والتوثيق والتدوين، مجموعة أسئلة تواجه الباحث المتخصص في هذا المجال، ومنها كيف تكونت هذه الألعاب؟ ومن الذي لعبها أول مرة؟ وهل كانت كما وصلت إلينا؟ ومن الذي وضع قوانينها المعقدة أحياناً؟ هل هم الصغار؟ وهل يستطيع الصغار الإحاطة بكل تلك الأحكام الدقيقة، أم أن الكبار وضعوها؟ وفي هذه الحالة يجب أن يكون هناك اهتمام عالٍ بتربية الطفل؛ وهذا ما لم نلاحظه على ساحة الواقع المحكوم بالجهل الذي ظلّ سائداً لفترة ليست بعيدة، وما يقال في القواعد والقوانين يقال في الألفاظ والأغاني المصاحبة لبعض الألعاب؛ صحيح إن بعضها لا يتعدى رصف الكلمات من دون معنى، لكن الصحيح أيضاً أن بعضها الآخر جميل؛ مثل المحاورة التالية من قبل أحد اللاعبين مخاطباً الآخر:

من الألعاب

"يا جمال يا ابن الجمال... جمالك وين راحوا؟

فيجيب الآخر:

"سيفي تحت راسي... وماني خايف".

الشاعر بشار أبو حمدان

إن هذه الأسئلة وغيرها الكثير يطرحها هذا المشروع على أصحاب الخبرة وذوي الاهتمام بدوافع التوثيق والتدوين للألعاب الشعبية، التي هي جزء من الذاكرة الشعبية لفئة عمرية محدودة».