هو شاعر ومهندس، امتهن الشعر بالفطرة؛ فكانت قصائده أشبه بعمارة شيدت على ثلاثة أعمدة، وهي الحب والوطن والحنين، يصممها بمنتهى الدقة ويؤثثها بعناية، تتغللها لمسة روحانية ترتقي بها.

الشاعر "حسام غانم" ابن مدينة "السويداء" المقيم في "السعودية"، حاورته مدونة وطن "eSyria" عبر شبكة الإنترنت بتاريخ 21 آذار 2016، فحدثنا عن تجربته الشعرية قائلاً: «الشعر يشبه الرسم والغناء، تولد باكورته بالفطرة معنا، أذكر أن مدرّسة الصف السادس طلبت منا كتابة جمل جميلة لنقرأها كل صباح، فكتبت عشر جمل بنمط شعري من دون أن أقصد ذلك، وبعدها تصاعدت ملامح موهبتي في المرحلة الثانوية، وتكللت في مرحلة الدراسة الجامعية على الرغم من دراستي للهندسة المدنية وما تتطلبه من جهد وتحضير، فأحييت العديد من الأمسيات الشعرية على مدرج كلية الهندسة وكانت ناجحة واستقطبت حضوراً جميلاً».

الكتابة عن الحب كامرأة ووطن استهوتني منذ البداية، والغربة طعّمت حروفي بالحنين، لذلك لا يخلو نص شعري لدي من ثلاثية المرأة والوطن والحنين

حملت نصوص "غانم" الشعرية ثلاثية جميلة، تحدث عنها: «الكتابة عن الحب كامرأة ووطن استهوتني منذ البداية، والغربة طعّمت حروفي بالحنين، لذلك لا يخلو نص شعري لدي من ثلاثية المرأة والوطن والحنين».

الشاعر "حسام غانم"

يُعرف الشاعر "حسام" بغزارة إنتاجه الشعري، فهو يحضر لطباعة ديوانه الأول الذي تأخر بالصدور، يقول عن ذلك: «لدي قصائد تكفي لأكثر من ديوانين، وأحضر لطباعة ديواني الأول قريباً، أما سبب التأخير فهو الغربة وإجازاتي القصيرة إلى أرض الوطن التي لا تسمح بالتحضير للطباعة والنشر، والسبب الآخر هو وجود مواقع التواصل الاجتماعي التي اختصرت النشر، فقد شاركت وقبل رواج موقع "فيسبوك" في العديد من المنتديات الكبيرة على مستوى الوطن العربي كـ"قناديل الفكر، والأدباء والشعراء العرب، ومنتديات حماة الأدبية".

وقد شاركت في "الرياض" -حيث أقيم حالياً- بأكثر من فعالية أدبية بالمنتدى الأدبي بـ"الرياض"، وأحاول عدم تكرار ذاتي في نصوصي الشعرية، وهذا بحد ذاته تحدّ كبير لي، لكون الكتّاب كثر وكمّ المنشورات هائلاً، فيجب أن يكون الشاعر على قدر هذا التحدي أو يتم نسيانه.

وعلى الرغم من البعد حملت صورة وطني كأحلى الصور في حقائب السفر، فكان يعرش بذكرياته وتضاريسه فوق صفحاتي كيفما ومتى شرعت بالكتابة، فأزمة الوطن جعلت الحبر يستنفر لكل حدث يخدش صورته الجميلة في مخيلتي، فكتبت عن "كسب" و"جرمانا" ومعمل "تاميكو" و"حلب"، وكانت "دمشق" عروس أشعاري المتوجة بتاج من الياسمين والغار، ولم أنسَ "تدمر" ومحنة اغتصابها».

الشاعرة والأديبة "مريم الصايغ" من "دمشق" تحدثت عن الشاعر "حسام غانم" بالقول: «قادني اهتمامي بنصوص الشاعر "حسام" التي تتغنى بالروح والطبيعة عن البحث في وظائف القصيدة ومبتغاها بين الشاعر والقارئ، حين يستخدم عبارة "قدراً سماوياً"، و"مزار قلبك" كما في قصيدته "أعلم أن حبك"، نراه يتأثر بالروحانيات التي تميز النص بشيء من الارتقاء الروحي الذي يمنحه للقارئ، ويمزج بين الروح والطبيعة حين استخدم عبارة: "تبرعمت ونمت على شفاهي أزهار"، و"عريت أشجاراً"، هذا الدمج بين الروح والطبيعة رسم لوحة من الجمال خدم فيه إحدى وظائف الشعر.

ثم ينتقل إلى البحر والسماء والجبال والأنهار وكأنه في جولة يشرف فيها على حبه بين جهات الأرض، جولة حركته لقول العاطفة في قصيدة أتاح ترويجها في فضاء التلقي، متناغماً في الصعود والنزول بموسيقا الكلمة، ومن هنا نلتمس الوضوح والمعرفة وبالوقت نفسه لا يؤدي إلى معنى واحد أو غاية محددة؛ فيترك للقارئ حرية الشعور من خلال بعد جمالي ونسيج لغوي بسيط.

ويذهب "حسام" لخدمة القصيدة في التنوع والتغني بكافة مجالاتها؛ فنراه يكتب عن الغربة ويحلق بالحنين ليعكس بشوقه حالة إنسانية دائمة، ونجد المرأة محوراً أساسياً في نصوصه، حيث يقول: "ومازال حبلك السري يتبعني عبر المسافة"، وكأنه يربط بين الأم والوطن بحبل سري لا يفارقه بالروح».

الشاعر الفلسطيني "تركي عامر" أضاف عن تجربة الشاعر "غانم" بالقول: «لولا موقع "فيسبوك" لما تعرفت إلى "حسام غانم"، كان ذلك عام 2011، لا أزعم أنني قرأت كل ما نشره من قصائد، والسبب كثرة الشعراء وضيق الوقت، غير أنني ومن خلال ما تسنى لي الاطلاع عليه، أستطيع الزعم واثقاً أننا أمام شاعر جميل بجميع المقاييس، يحاول دائماً أن يعقد قرانات شرعية بين كيمياء الكلمات وفيزياء المعاني، بمعنى أنه لا يلوي ذراع اللغة تحت طائلة القافية وسواها من أشياء الشعر. والقصيدة لدى هذا المهندس الشاعر أشبه بعمارة شيّدت بالحب والفرح والحرية والحياة، يصممها بمنتهى الدقة ويؤثثها بمنتهى العناية».

الناقد الأدبي "فؤاد الحكيم" قال أيضاً: «يقول الشاعر "أدونيس": "على الشاعر اكتشاف اللحظات الخاطفة لِيظهر مداه الشعري"؛ هذا ما يفعله الشاعر "حسام غانم" بالتحديد، هو ينخطف في ساعة الإبداع، فلا يتردد يخط قصيدة بتؤدة، ساعةَ الانخطاف الشعري فيبدع؛ وهذا يجعلنا نسارع إلى الشهقَة».

بقي أن نذكر، أن الشاعر "حسام غانم" من مواليد 1972 في قرية "المشنف" في محافظة "السويداء"، وقد حصل على شهادة تكريم بعد مشاركته بمنتدى الرياض الأدبي، وكرّم في "سورية" في مهرجانات جامعة "دمشق"، ولديه ديوانان قيد الطباعة.