كثيرة هي الآراء البحثية في علم اللون، حيث دُرست نظريات رؤية اللون وانعكاسها على الثقافة والإحساس اللوني، ونجح العديدون في معرفة استنباط الكثير من الألوان ودلالاتها وانعكاسها على مفردات الطبيعة.

ولعل الأديبة "فوز أبو ترابي" استطاعت أن تعكس جمال الطبيعة في جبل العرب والألوان الزاهية لصخور البازلت والأشجار والسهول، في دراستها للون.

كثيرة هي الصور الشعرية ذات الدلالة والانزياحات الدلالية الحاملة في مضمرها الإبداعي ألواناً، فقد رمز اللون في الماضي لوقائع وأفعال شكلت في الشعر العربي معاني عديدة، أهمها أنه يحمل في مضمونه الخير والعطاء والخسارة والربح، واللون حامل لاستعارات شعرية وقد جرت بحوث أدبية ونقدية متعددة فيه، كما فعلت الباحثة "فوز أبو ترابي" بدراستها الهامة

وللاطلاع على تطور نظريات رؤية اللون وتأثيره في الإحساس والثقافة مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 25 كانون الأول 2013 التقت الأديبة الباحثة "فوز أبو ترابي" وبيّنت قائلة: «أحببت أن أنقل فلسفة خاصة باللون، فمنذ كنت طفلة وأنا أتأمل جمال الطبيعة في جبل العرب، ولهذا حاولت إجراء دراسة علمية في علم اللون وتطور نظريات رؤية اللون إذ إن "أرسطو" والعلماء القدماء كانوا قد كتبوا عن طبيعة الضوء ورؤية اللون، ولكن "نيوتن" كان أول من حدد أن الضوء هو منبع الإحساس اللوني، وفي سنة 1810م نشر "غوته" نظريته عن الألوان. وفي سنة 1801م اقترح "توماس يونغ" نظريته ثلاثية الألوان، منها ظواهر لونية، هذه بعض الظواهر اللونية التي نسمع عنها، أولها العجز اللوني "عمى الألوان" قد يعاني بعض الأشخاص من نقصان أو قلة حساسية نوع واحد أو أكثر من الخلايا المخروطية في الشبكية، وهذا يؤدي بالشخص إلى عدم قدرته على تمييز بعض الألوان، ويقال إن لديه عجزاً لونياً أو عمى لونياً، وتسمية عمى الألوان هي تسمية مضللة لأن معظم المصابين بالعجز اللوني يستطيعون تمييز بعض الألوان على الأقل، لكن هناك الإحساس اللوني وتوجد ظاهرة مشوقة تحدث عندما يستخدم أي رسام ألواناً محدودة، وذلك لأن العين تميل إلى التعويض برؤية اللون الرمادي أو الألوان المتعادلة بصفة عامة، كما لو كان اللون الناقص موجوداً في لوحة الألوان. فمثلاً، في لوحة ألوان تتكون من الأحمر، الأصفر، الأسود والأبيض، فإن الخليط من الأسود والأصفر سيبدو كدرجات مختلفة للأخضر، كما أن الخليط من الأحمر والأسود سيظهر كدرجات للأرجواني، بينما الرمادي سيظهر مزرقاً عندما تفقد العين تركيزها بعد النظر إلى اللون لفترة من الوقت، فإن الإحساس باللون المكمل "اللون المعاكس لذلك اللون في عجلة الألوان" لذلك اللون سيلازم العين أينما نظرت لبعض الوقت، وقد تمت ملاحظة هذه الظاهرة بواسطة "فينسنت فان كوخ"».

الأديبة ربيعة غانم

وعن التأثير الثقافي تابعت الباحثة "أبو ترابي" بالقول: «أعطت الثقافات المختلفة أسماء مختلفة للألوان، ويمكن أن يتم تحديد اسم لون لمناطق متغيرة نسبياً في الطيف، أو أن لها لوناً مختلفاً أصلاً (ينبطق مثلاً الأحمر والبرتقالي والقرنفلي والبني، للمتحدثين بالإنجليزية)، هذه الأزواج من الألوان التي لا يوجد فرق كبير بينها في الواقع، كما لا يقومون بتسمية الأخضر الفاتح والغامق باسمين مختلفين على الرغم من وجود فرق كبير بينهما. والإيطاليون لديهم نفس الفروق في الدرجات من الأحمر القرنفلي والبني والبرتقالي، ولكنهم يقومون أيضاً بالتفرقة بين كل من الأزرق واللازوردي».

أما عن تطور واستنباط الألوان فأوضحت الباحثة قائلة: «إن عدد الألوان الأساسية المحدودة، التي يتم استخدامها بصورة منفصلة في كل ثقافة، من الأمور التي عليها جدال؛ فمثلاً، في ثقافة معينة يتم البدء بمصطلحين، الغوامق وتغطي الأسود (الألوان الغامقة مثل الأزرق)، والفواتح وتغطي الأبيض (الألوان الفاتحة، والألوان الدافئة مثل الأحمر، وذلك قبل البدء في إضافة الألوان الأخرى)، وبالترتيب: الأحمر، الأخضر، الأصفر، الأزرق، البني، البرتقالي، القرنفلي، القرمزي، أو الرمادي. يوجد جدال قديم حول هذه النظرية حيث إن تسمية الألوان الأساسية طبقاً للتطور التدريجي يعطي الانطباع بأنه نظراً للتطور التكنولوجي المعقد فإن هذا الموضوع لا يمكن تحقيقه بهذه الطريقة.

الفنان نضال خويص

يوجد مثال مؤرخ لنظرية أصناف الألوان العالمية، مصطلحات الألوان الأساسية، بمعرفة "برينت بيرلين وبول كاي" 1969 عالمية الألوان وتطورها.

ومثال أحدث من هذا للتحديد اللغوي بمعرفة "يوليوس دايفيدوف" 1999 هل تصنيف الألوان عالمي؟

الأديبة فوز أبو ترابي

والتحديد اللغوي لأصناف الألوان كان يستخدم كدليل في افتراضات "سابير ورف" اللغة، الأفكار، والحقيقة - 1956 بمعرفة "بنيامين لي ورف"، إضافة إلى ذلك، فإن الألوان المختلفة أغلب الأحيان ترتبط بالحالة الوجدانية والقيم والجماعات، ولكن هذه الحالات معظمها تكون متغيرة بين الثقافات. فمثلاً في إحدى الثقافات يكون اللون الأحمر رمزاً للحركة، والبرتقالي والأرجواني للحالة الروحية، والأصفر للابتهاج، والأخضر للراحة والدفء، والأزرق للاسترخاء، والأبيض يكون إما للنقاء أو للموت».

وعن الألوان وتداخلاتها واختلافها بين الفنان التشكيلي "نضال خويص" بالقول: «يعدّ اللون العلم الذي يدخل إلى الإحساس، لأن المتلقي يعتمد على حواس عديدة فيه، والأهم انعكاس اللون على الثقافة إذ منذ القديم واللون يحمل دلالات وجودية ومدارس ثقافية اعتمد عليها العرب والقدماء في حياتهم، وربما أكسبهم اللون انعكاساً من نوع خاص في سيرورة المكان والبيئة وما تحمله من تأثيرات ومؤثرات جمالية وإبداعية، لذلك دخل اللون في الشعر والأدب، والباحثة "فوز أبو ترابي" استطاعت إجراء دراسة علمية مفصلة في هذا المجال وهو بحث أكاديمي مميز في المقاربات الفكرية والرؤى لعلماء وفنانين، حيث قدمت لنا عملاً له الأهمية الكبيرة في حياتنا الثقافية».

وحول علاقة اللون بالأدب أشارت الشاعرة "ربيعة غانم" عضو اتحاد الكتاب العرب قائلةً: «كثيرة هي الصور الشعرية ذات الدلالة والانزياحات الدلالية الحاملة في مضمرها الإبداعي ألواناً، فقد رمز اللون في الماضي لوقائع وأفعال شكلت في الشعر العربي معاني عديدة، أهمها أنه يحمل في مضمونه الخير والعطاء والخسارة والربح، واللون حامل لاستعارات شعرية وقد جرت بحوث أدبية ونقدية متعددة فيه، كما فعلت الباحثة "فوز أبو ترابي" بدراستها الهامة».