مازالت الرواية العربية عامة، والسورية خاصة، تدرس من قبل العديد من النقاد، بهدف إيجاد نظرية نقدية عربية أولاً، وتطوير الرواية العربية عبر "التجريب" ثانياً، حيث إن قيمة روايات "التجريب" تكمن في إنجازها الفني الذي حاول رفد المعرفة بالمتعة ضمن شكل جمالي يحمل خصوصية الروائي ويميزه عن سواه.

ضمن محاولات "السرد والتجريب" عمل الناقد والروائي "محمد رضوان" على "التجريب وتحولات السرد" في الرواية العربية ضمن دراسة له تحمل تجارب العديد من الروائيين العرب، مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9/11/2013 الناقد "محمد طربيه" عضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو جمعية النقد في اتحاد الكتاب العرب ليتحدث عما قدمه الناقد "محمد رضوان" فقال: «هو واحد من الروائيين والنقاد، فهو عضو في جمعية النقد، وله رؤيته النقدية ودراسته الأخيرة "التجريب وتحولات السرد في الرواية العربية" الواقعة في أكثر من /250/ صفحة وصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، تأتي ضمن سياق الدراسات النقدية الجديرة بالقراءة، إذ ينطوي العمل على قراءات مرجعية عديدة تناول فيها أعمال روائيين لهم حضورهم الثقافي في الساحة الأدبية عامة والروائية خاصة، وقد قدم أفكاراً وتجارب في التجريب الروائي معتمداً أن الرواية كفن هي من الأجناس القابلة للتجريب بشكل كبير فيه الغرائب والعجائب والمتخيل والسرد ومقومات العمل السردي المتميز».

هو واحد من الروائيين والنقاد، فهو عضو في جمعية النقد، وله رؤيته النقدية ودراسته الأخيرة "التجريب وتحولات السرد في الرواية العربية" الواقعة في أكثر من /250/ صفحة وصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، تأتي ضمن سياق الدراسات النقدية الجديرة بالقراءة، إذ ينطوي العمل على قراءات مرجعية عديدة تناول فيها أعمال روائيين لهم حضورهم الثقافي في الساحة الأدبية عامة والروائية خاصة، وقد قدم أفكاراً وتجارب في التجريب الروائي معتمداً أن الرواية كفن هي من الأجناس القابلة للتجريب بشكل كبير فيه الغرائب والعجائب والمتخيل والسرد ومقومات العمل السردي المتميز

مدونة وطن "eSyria" حول "التجريب في الرواية العربية" التقت الناقد والروائي "محمد رضوان" عضو جمعية النقد في اتحاد الكتاب العرب وكان الحوار التالي:

الأستاذ محمد طربيه

  • ما مفهوم "التجريب" في رؤيتك النقدية؟
  • ** يقول "آلان روب غرييه" من أجل رواية جديدة: "إن قوة الروائي هي في أن يخلق.. بكل حرية ودون نموذج"، برأيي هذه العبارة تؤسس للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها مفهوم "التجريب" الروائي، فالتجريب قرين الإبداع لأنه ينهض من ابتكار طرائق وأساليب جديدة في أنماط التعبير الفني المختلفة، إذ هو جوهر الإبداع وحقيقته حين يتجاوز المألوف ويغامر في قلب المستقبل، متوغلاً في المجهول، إنه فن قائم بذاته، دائم التحول والتجاوز، يخترق مساره ضد التيارات السائدة بصعوبة شديدة، ونادراً ما يظفر بقبول المتلقين دفعة واحدة إذ يثير توجسهم ويحرك خيالهم ورغبتهم في التجديد باستثمار ما يسمى جماليات الاختلاف.

    العمل المدرس

  • لماذا اخترت الرواية ولم تختر الشعر أو القصة مثلاً؟
  • ** فن الرواية هو في محصلته فن تجريبي بامتياز كامن في دينامية الخلق ذاتها، ينهض من مغامرة التداخل بين أنواع السرد مغادراً أطلال "السرد الكلاسيكي"، وفي هذا السياق ليس بوسعنا الآن أن نرسم خارطة تحولات هذا التيار "التجريبي" في جميع المراحل، لأن طرفاً منه سرعان ما يندثر، وطرفاً منه سرعان ما ينشر ليدخل بدوره إلى نسيج التقاليد المستقرة، مع الإشارة إلى أن الرواية التجريبية ليست أسيرة مذهب أدبي أو تيار أو مصطلح، بل هي مناخ مقيم، وهاجس يحضر بكل ألقه في ذات الكاتب الإبداعية.

    الناقدة نوال الحلح

  • هل يعني "التجريب الروائي" انهيار الثوابت فيه؟
  • ** الرواية كفنّ لا ينقطع عن "التجريب" لأنها ذات حرية وهي تؤسس لقوانين ذاتية وتنظر إلى سلطة الخيال، وتتبنى قانون التجاوز المستمر الذي ينهض بمجموعة من الخيارات الواعية المتعمدة، التي تقلقل طمأنينة القارئ المعتاد على الحبكة التقليدية، والشخصيات الواقعية، لكنها تقوم قبل كل شيء على التجريب، لذلك فهي ترفض أي سلطة خارج النص، فكل رواية جديدة تسعى إلى تأسيس قوانين اشتغالها في الوقت الذي تتيح فيه هدمها، لأن تجارب منها سرعان ما تندثر، وتجارب أخرى لا تلبث أن تنتشر في نسيج التحولات المستمرة في واقع مأزوم ومتغير على الدوام، أصبح من الصعب الإمساك به وتحديده، فالرواية العربية، باعتبارها رواية تجريبية، استطاعت أن تحقق ثراء فنياً متميزاً، بعد خروجها من قميص "البلزاكي"، بالتالي يصبح الخطاب الروائي العربي المعاصر -والسوري خاصة- بنية مفتوحة على جملة من التحولات في المنجز الفني السردي بشقيه اللغوي والجمالي والتخيلي بمختلف تجلياته الاجتماعية والسياسية والثقافية.

  • ماذا عن "التجريب" في الرواية السورية؟
  • ** في دراستي تناولت "التجريب" في الرواية السورية عبر ثلاثة مستويات منها: ابتكار عوالم متخيلة جديدة لا تعرفها الحياة العامة ولم تتداولها السرديات السابقة مع تخليق منطقها الداخلي وبلورة جمالياتها الخاصة، ثانياً: توظيف تقنيات فنية محدثة لم يسبق استخدامها في هذا النوع الأدبي، مع ملاحظة أن وجود بعضها في ثقافات أخرى لا يسلب منها الطابع التجريبي للمغامرة الروائية، وثالثاً: اكتشاف مستويات لغوية في التعبير تتجاوز نطاق المألوف في الإبداع السائد، ويجري ذلك عبر شبكة من التعالقات النصية التي تتراسل مع توظيف لغة التراث السردي أو الشعري أو اللهجات الدارجة أو أنواع الخطاب الأخرى لتحقيق درجات مختلفة من شعرية السرد، وهنا لابد من الإشارة إلى أن النزعة التجريبية في الرواية السورية لم تكن مرتهنة بزمن معين أو بجيل روائي محدد.

    كما التقينا طالبة الدكتوراه في النقد الأدبي "نوال الحلح" لتحدثنا عن رأيها في "التجريب الروائي" فقالت: «لأن الشكل هو شكل المضمون، فإن "رواية التجريب" حاولت تحميل المضمون الجديد المختلف عن المضمونات التقليدية التي كانت تدور في فلك الرواية "الأيديولوجية" أو التاريخية أو الرومانسية، ضمن أشكال جديدة غير خاضعة إلى المواضعات التقليدية.

    و"التجريب" في الرواية هو تجاوز التقاليد الروائية السائدة، الذي عمد إليه الروائي العربي عندما أدرك أن العناصر السردية التقليدية في الرواية من شخصيات نموذجية وفضاء واقعي وزمن متسلسل رتيب تنظمه حبكة قائمة على السببية، لم تعد تثير اهتمام القارئ النخبوي، كما أنها لم تعد تتسع إلى إشكاليات إنسان هذا الزمن، لذلك أخذ يجرّب طرائق بديلة، تسعى إلى إحداث تراكم كمي لعله يؤدي في النتيجة إلى تغيير نوعي في بنية الرواية واشتغالها الفني. لذلك نجد أن التجاوز الذي قاربه هؤلاء الروائيون كان في سبيل مقاربة شكل فني يتسع إلى المضمونات الجديدة التي بدأت الرواية تخوض فيها».

    وتابعت "الحلح": «حاول الروائي العربي، بناء على مقولة إن الأدب هو (رؤيا الإنسان للإنسان)، وانطلاقاً من تأثره بالآداب الغربية الخوضَ في تأملات عميقة حول القضايا الإنسانية التي تخص الإنسان العربي في واقعه المأزوم وإشكالاته التي تدور في فلك الحرية والاستبداد، والعلاقة بين الرجل والمرأة، ومفهوم الأدب، والموقف من الآخر، وتساؤلات الهوية، ومساءلة التاريخ، وحضور الماضي في الحاضر وغيرها، لكن هذه الرواية ظلت مأسورة ضمن أزمات الفرد العربي ولم تستطع البحث في هموم الإنسان المصيرية الكبرى مثل قضايا الموت والوجود والعدم ..إلخ. لكن هذا لا ينفي محاولة الروائي السوري تناول قضاياه الخاصة بتقنيات فنية وأسلوبية جديدة تتسع إلى مقولاته وتفرض قيمها الجمالية، بسبب تساوق شكلها مع مضمونها، وتلاحمهما في بنية فنية فرضت حضورها على الساحة الأدبية».