كثيرة هي الدراسات حول المسرح وربما تزداد مع تقدم الحركة النقدية في المشهد الثقافي الفني، ولعل أسئلة كثيرة تطرح بمدى علاقة "الحكي والقص" بالمسرح السوري، وارتباطهما بالحركة الفعلية من منظوري النقد والقيم الفنية على خشبة المسرح.

تلك الأفكار أضاء عليها الناقد والباحث "جمال عبود" برؤية نقدية مشهدية معتبراً أن الحركة المسرحية تتطور بمواكبة النقد، بدورها "مدونة وطن "eSyria" التقت الناقد "محمد طربيه" من جمعية النقد في اتحاد الكتاب العرب بتاريخ 1/11/2013 فبين رؤيته في موضوع "الحكي والقص" في المسرح قائلاً: «يعد الناقد والباحث "جمال عبود" واحداً من الباحثين المهتمين في مجال النقد المسرحي وبشكل أكاديمي، وهو يساهم في تنشيط وتفعيل الحركة النقدية المسرحية من خلال موقعه مقرر جمعية النقد الأدبي في اتحاد الكتاب العرب، إذ له كتابات عديدة في هذا المجال، وتسلم رئيس تحرير مجلة المسرح الصادرة عن وزارة الثقافة وغيرها من الدوريات العلمية، وهو يبحث لتوثيق وتدوين الحركة المسرحية في "سورية" ويضع ملامح الارتباط الوثيق بين "الحكي والقص" في المسرح السوري المعاصر وهو عمل يستحق الوقوف عنده باحترام وتقدير لأهميته الثقافية على الصعيد الإبداعي والفني».

يعد الناقد والباحث "جمال عبود" واحداً من الباحثين المهتمين في مجال النقد المسرحي وبشكل أكاديمي، وهو يساهم في تنشيط وتفعيل الحركة النقدية المسرحية من خلال موقعه مقرر جمعية النقد الأدبي في اتحاد الكتاب العرب، إذ له كتابات عديدة في هذا المجال، وتسلم رئيس تحرير مجلة المسرح الصادرة عن وزارة الثقافة وغيرها من الدوريات العلمية، وهو يبحث لتوثيق وتدوين الحركة المسرحية في "سورية" ويضع ملامح الارتباط الوثيق بين "الحكي والقص" في المسرح السوري المعاصر وهو عمل يستحق الوقوف عنده باحترام وتقدير لأهميته الثقافية على الصعيد الإبداعي والفني

حول ملامح "الحكي والقص" في المسرح السوري التقت المدونة الناقد والباحث "جمال عبود" عضو اتحاد الكتاب العرب ومقرر جمعية النقد الأدبي في الاتحاد بالحوار الآتي:

الأستاذ محمد طربيه

  • ما الملامح التي تسعى إلى توضيحها من وراء "الحكي والقص" في المسرح السوري؟
  • ** أي دارس معاصر للمسرح المعاصر يعرف جيِّداً أن ما بقي من المسرح القديم، بكل تاريخه الموزع على عدد من الشعوب والأمم، هو نص المؤلف وأداء الممثل، في حين إن التطور الكبير الذي شهده العرض المسرحي المعاصر يكاد يكون مستقلاً تماماً عمَّا كان يسمى عرضاً مسرحياً في القرون الماضية، ومعروف أن مخرج العرض المسرحي هو آخر الوافدين إلى الأسرة المسرحية، وعمره حديث جداً؛ لا يتعدى القرن الواحد، في حين أن عمر المسرح يرجع إلى خمسة وعشرين قرناً هذا أولاً، ثانياً ليس الهدف إثبات أن لدى العرب، كما لدى معظم الأمم والشعوب، ظواهر يمكن أن تعدَّ مسرحية بحكم أنَّها تماثل بعض مكونات المسرح، خاصة بعدما ترسخت للمسرح تقاليد وأعراف باتت جزءاً من بنيته وتكوينه وذلك مهما حاول التجريبيون التقليل من شأنها.

    الناقد جمال عبود

  • إذاً أين تكمن إشكالية المسرح؟
  • ** إن الإشكالية ليست في إثبات صلة المسرح مع ما لدى الأمم من تراث في الأدب والفن بقدر ما هي في تخليصه من شوائب هذه الصلة، والأمر مرهون أساساً في فهمنا للمسرح ذاته، فإذا كنَّا نقصر مفهوم المسرح، وخاصة المعاصر، على الصيغة التي بلغها المسرحيون المعاصرون في الخمسين عاماً الأخيرة، فإن هذا المفهوم جديد حتماً، ومستقل أيضاً عن كل الظواهر الحكائية التي سبقته، أما إذا كنَّا نأخذ بالمفهوم الأوسع، الذي يمضي بمفهوم العرض المسرحي ليشمل أي عمل مرئي يصدر عن شخص، بوعي منه، ليراقبه شخص آخر باهتمام واستمتاع، فإن تفهمنا للظواهر المسرحية، عند العرب وسواهم، يكون مقبولاً، وقد لا يحتاج إلى برهان.

    من عرض مسرحي

  • ما السمّاجة التي ذكرتها، وما الرابط بين المسرحة الهزلية والنص المسرحي، وما درجة التماهي بينهما؟
  • ** السمَّاجة أعني المتنكرين بالأقنعة أو أنَّهم كانوا كالممثلين الهزليين حتى في وقتنا هذا، يطلون وجوههم بالأصباغ، أما المسرحة فكانت ممكنة حتى في ذاك الوقت البعيد، والمسرحة هي كل إضافة، غير أدبية، على النص المحكي أو المكتوب، كالحركة والتعبير بالجسد أو بالأصباغ، أو بالأزياء أو بالأدوات أيَّاً تكن. وفي هذا المعنى نفهم كم كان "أبو خليل القباني"، الذي تجمع المصادر الحديثة على دوره التأسيسي الرائد في المسرح العربي المعاصر، وكيف اهتم بداية بمراقبة عروض "الكراكوزاتية" واستلهم منهم تصوره الأول لعرض مسرحي تشخصه أجساد حيَّة لممثلين من البشر، وليسوا صوراً ترسم على الجلود وينعكس خيالها على قماش. وقد جاء في كتاب (تاريخ المسرح السوري ومذكراتي) لرائد أيضاً من رواد المسرح السوري والعربي، هو "وصفي المالح"، أن "محرك خيالات الظل السيد "علي حبيب" أثَّـر كثيراً في نفسية "أحمد"، يقصد "أحمد محمد آغا آقبيق"، الشهير باسم "أبو خليل القباني"، بالتالي لا نبغي إثبات أو نفي تأثير المحاولات التراثية العريقة بالتعبير بالصورة والحركة في نشوء وتطور المسرح، قديماً وحديثاً، فتلك مسألة أخرى، لها مقامها الخاص فيها، لكن يهمنا تتبع جذور الحكاية في "القص المروي والقص المرئي" إن صح التعبير، واللافت هنا تماهي مصطلحي "الحكي والقص" تماهياً تاماً.

  • هل "الحكي" يرافق المسرح في الحركة أم في النص برأيك النقدي؟
  • ** يورد السيد "أحمد القاسمي" صاحب كتاب "جمالية الحكي بين الصياغة اللغوية والمعالجة السينمائية" أننا عندما نقص أو نحكي فإننا نقول إلى حدٍّ ما، أما إذا سردنا فإننا نظهر بقدر ما مواهبنا باعتبارنا فصحاء أو كتَّاباً، ومنظِّرو الأدب والفن الحديث يعيدون إلى مصطلح "الحكي" اعتباره الأول في بناء المشهد الحركي المسرحي والسينمائي فهم يرون أن الأدب ما عاد مصدراً لـ"الحكي" الضروري لحياة المجتمعات، إنما للسينما، فبينما يقص علينا السينمائيون الحكايات يلهوا الكتَّاب بالكلمات، بل إن بعضهم يؤكد الصفة الحكائية للمسرح، حيث يحدد مفهوم "الحكي" بما يلحقه التعاقب المفترض بشخص أو بأمر معيَّن وتقتضيه صيرورته دون أن ننسى بالطبع أن ثمة من مايزال مصرَّاً على أن "الحـكـي" مقتصر على اللغة فقط، ولا شأن له بالحركة، بالتالي فإن صلة الحركة بـ"الحكي" هي أنها تعيد بناء الحكاية التي يقدمها الحكواتي مبنية جاهزة، والسينما تفعل ما يفعله الحكواتي لكن بوسيلتها هي: بالصورة، فهي تقدم الحكاية جاهزة، ولا تعيد بناءها كالمسرح، ولا تحتاج إلى حكواتي يفترض أنَّه يتلبس كل شخصيات الحكاية ويحاول أن يأتي بمثل أفعالها، ولنعترف أننا نحن العرب تأخرنا كثيراً في تأمل هذه الموضوعات ومناقشتها، إلى مطالع القرن الماضي أو بعدها بقليل.