التقط اللغة العربية عن أبيه وأمه منذ الصغر.. وتعلم كيف يغرم في العزف على العود ويتذوق الموسيقا مبكراً.. فلماذا لا تنساب من بين شفتيه أشطر الشعر الموزون العذب؟!. هي حكاية الشاب "مهاب الراشد" الذي يتحضر لإصدار أول مجموعة شعرية ليكون واحداً من أصغر الشعراء الشباب قرر أن الشعر حرفته.

مدونة وطن eSyria التقت الشاعر الشاب "مهاب الراشد" يوم الأربعاء الواقع في 28/8/2013 فكان الحوار التالي:

لا شك أننا أمام شاعر مبدع يعرف ما يريد، ويحلق بألوان من الشعر حتى يأسرك! وتكمن أهمية إنتاجه بالثقافة العالية التي يمتلكها باقتدار. ولا شك أيضاً أن التعليم الأكاديمي الذي تلقاه في جامعة "دمشق" ترك بصمته على أشعاره. ويلاحظ المتابع له التطور والتنوع في القصيدة.. فمن العمودي إلى شعر التفعيلة إلى الشعر الصوفي إلى الشعر الحر! وكأن هذا الرجل خلق ليكون شاعراً وشاعراً فقط

  • كيف تلقفت هذا الجنس الأدبي باكراً؟.
  • مع الشاعر والناقد الأدبي "حسين ورور".

    ** ولدت في قرية "نمرة" عام 1991 والتي تقع على بعد 7 كم من مدينة "شهبا"، ومنذ الصغر استيقظت على سماع والديّ يتداولان اللغة العربية بكثير من الاهتمام على الرغم من أن التحدث بالفصحى في مجتمعاتنا يجلب الانتقاد للعائلة أياً كانت! ولكن أبويّ اعتادا على ذلك، وأدخلا حب اللغة العربية من باب المنزل بعد أن كانت تتسلل من النوافذ ومداخن المدافئ.. وكان أن رحت أستقبل كل ما يتعلق بالثقافة بشغف بالغ، وكان سماع القصائد الشعرية في المرحلة الابتدائية يمثل حلماً جميلاً، ومواضيع التعبير التي كنت أكتبها تنال اهتمام المدرسين وتدهشهم في بعض الأحيان.

  • كيف تعلمت العروض والبحور، ومن الذي واكبك شعرياً؟.
  • ** قبل الشعر بدأت العزف على العود والغناء، وكانت ميولي الموسيقية أسبق من الشعر، وما زلت مولعاً بهذه الآلة الشرقية الساحرة.. كانت كتابة الشعر في بداية المرحلة الثانوية مهمشة وسيئة الملامح ولكنها قاعدة لا بد من الولوج فيها لاكتساب الخبرة والمعرفة، تعلمت العروض والبحور في المدرسة، وكنت في كل يوم أنتظر الحب الموعود فكانت المحاولات الأولى بالغة الصعوبة، ومتكسرة.. غير أن الحب جاء وأتت معه المعاناة والسهر والجفاء وطول الليالي... والشعر الموزون الذي رافقه الشجن الصاعد من أوتار عودي..كل ذلك ولم يكن أحد يعرف عني شيئاً، أو أعرض ما أكتب على أحد إلا عندما دخلت الجامعة وفي الفرع الذي أحب اللغة العربية.

  • ماذا أعطتك دراسة اللغة أكاديمياً؟ وما الذي قدمته لك شعرياً؟.
  • ** اطلعت على الأجناس الأدبية كافة، ودرست الشعر والنثر بكل أبعاده وقضاياه وأنماطه، ودرست الآداب العالمية بشكل أكاديمي. كل ذلك يصب في خانة الموسوعة الثقافية أو المخزون الأدبي. وقد استفدت منها في منحيين أولهما المنحى الفني أو صناعة الشعر. والثاني امتصاص وجذب الأعمال الأدبية السابقة، أو ما نطلق عليه (التناص). وقد عرضت عدداً من أشعاري على الدكتور "نبيل أبو عمشة" الذي أعطاني دفعة إلى الأمام. باختصار؛ جعلتني الجامعة أطور أدواتي الشعرية وأمتلكها.

  • قبل هذه المرحلة كيف كنت تكتب؟.
  • ** كنت أكتب الشعر العمودي، أكتبه بعد أن ينضج الشعر في عقلي وقلبي، وبعد قراءة معمقة وكثيفة في الشعر والرواية، فأنا لست شاعر حدث أو مناسبة، فقط تأتيني دوافع معنوية وعاطفية، كما في قصيدتي المعنونة (على أطلال أنثى):

    وأعدت لي كل الهدايا والصور / ورحلت قبل وصول هذا المنتظر

    الحب..... كنا بانتظار شيق / فمتى يجيء الصحو في ثوب المطر

    لا ترجعي تلك الهدايا... إن لي / روحاً تئن... أسرتها منذ الصغر

    فإذا الهوى قد كان أخلف موعداً / فهنا بقلبي..... كل ذنب يغتفر

    بعد ذلك بت أقرض الشعر الصوفي وشعر التفعيلة والنثر، ولكني ما زلت ملتزماً ومغرماً بالشعر العمودي. ورحت أبث الناس أشعاري لأعرف ردود الأفعال، وأنشر الشعر في الدوريات الأدبية. ومن قصيدة صوفية بعنوان (شيء) أقول: شيء كشيء! كالسلام ظله.. أحلى من النشور من وجودي.. كمثلنا.. أغلى.. من الأمثال بل.. أسمى من الحدود.. فمن أنا؟ خذني إلينا من دموع المقل.. من منزلي لمنزلي! خذني كبعضي.. أو ككلي.. أو كدوني، أو بدوني.. خذني إليّ لحظة.. من علم علمي... لا لشيء إنما كي تنجلي.. وأنجلي...عن عشقك المنشود.

  • كيف تتعامل مع المتلقي أو الناس، وكيف تستطيع أن تلبي رغبات الجمهور الشعرية؟
  • ** أنت كشاعر تجد طريقك بشكل جيد وواضح عندما تعلم أن المتلقي الذي يأتي إلى أمسية شعرية في مركز ثقافي ما راض عما تقدمه، وبالتالي يشعر بالنشوة والرضا، ولا يشبع من الكلام! وعندما تجد أن الصالة مثلاً كانت تهمهم بكلام غير مفهوم صادر عن الجمهور يعلم الشاعر أن هذا الحشد قد بدأ الملل يتسرب إليه؟؟! عندها يجب أن يتصرف باحترافية تامة والانتقال إلى قصيدة أخرى وجو آخر يعيد الجمهور إلى النشوة الشعرية السابقة.

  • ما هي قصتك مع الشاعر "حسين ورور"؟.
  • ** هي علاقة روحية صافية نشأت هكذا بلا مقدمات مع رجل معطاء فيض من الحب ومنهل من العطاء، ويمتلك ناصية الأدب بكل أجناسه.. شاعر وأديب متميز.. أخذ بيدي واقتنع بموهبتي الشعرية، ومن خلاله بدأت بنشر مجموعتي الشعرية الأولى، وكانت بصماته واضحة في تكويني الشعري الجديد وتعريف الناس بإنتاجي.

    الشاعر والناقد الأدبي "حسين ورور" تحدث عما وجده في أشعار "مهاب الراشد" ورأيه بما يقدمه من ألوان شعرية، فقال: «لا شك أننا أمام شاعر مبدع يعرف ما يريد، ويحلق بألوان من الشعر حتى يأسرك! وتكمن أهمية إنتاجه بالثقافة العالية التي يمتلكها باقتدار. ولا شك أيضاً أن التعليم الأكاديمي الذي تلقاه في جامعة "دمشق" ترك بصمته على أشعاره. ويلاحظ المتابع له التطور والتنوع في القصيدة.. فمن العمودي إلى شعر التفعيلة إلى الشعر الصوفي إلى الشعر الحر! وكأن هذا الرجل خلق ليكون شاعراً وشاعراً فقط».