ينعكس اللون الزاهي على الروح والفكر، ويضفي جمالاً طبيعياً في دخوله مجالات عدة أدبية وإنسانية واجتماعية.

حول أهمية اللون وكيف كتبت عنه الكاتبة "فوز ابو ترابي" مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 9/6/2013 الشاعرة "ربيعة غانم" عضو اتحاد الكتاب العرب فقالت: «يقول الفيلسوف "غوته": "إن عالم الألوان ليس موجوداً في محيطنا وليس في داخلنا فقط بل هو اللب والقشرة، وقصد باللب نفسية الإنسان"، وانطلاقاً من ذلك فإن اللون يدخل في دراسته عوالم مختلفة من حياتنا الفكرية والثقافية والاجتماعية، وقد درست الأديبة "فوز أبو ترابي" اللون من منظور أدبي ونقدي حيث استقت معلوماتها من باحثين كثر وعمدت إلى ربط اللون بأنواعه مع الحياة اليومية والأدبية والنفسية وبدراسة لغوية متمكنة فيها الرغبة الجامحة لمعرفة ماهية اللون وانعكاسه على طبيعة الحياة».

يقول الفيلسوف "غوته": "إن عالم الألوان ليس موجوداً في محيطنا وليس في داخلنا فقط بل هو اللب والقشرة، وقصد باللب نفسية الإنسان"، وانطلاقاً من ذلك فإن اللون يدخل في دراسته عوالم مختلفة من حياتنا الفكرية والثقافية والاجتماعية، وقد درست الأديبة "فوز أبو ترابي" اللون من منظور أدبي ونقدي حيث استقت معلوماتها من باحثين كثر وعمدت إلى ربط اللون بأنواعه مع الحياة اليومية والأدبية والنفسية وبدراسة لغوية متمكنة فيها الرغبة الجامحة لمعرفة ماهية اللون وانعكاسه على طبيعة الحياة

حول اللون وأهميته التقت مدونة وطن eSyria الأديبة "فوز أبو ترابي" وكان الحوار التالي:

الأديبة ربيعة غانم

  • كيف ترين اللون في الحياة والشعر؟
  • ** لا يمكن تصور الحياة من دون ألوان، فهي تبدو لوحة باهتة ضبابية سديمية أو صحراء قاحلة لا نبت فيها ولا ثمر، ولا حتى حجر. فللون أهمية كبيرة في حياتنا وهو يحيط بنا كيفما اتجهنا، فكل شيء من حولنا ملون وكأن اللون رداء أو ثوب جمالي مفعم بالحياة والحركة، يحيط بالأشياء، ويعطيها قوة ذاتية في ذاتها وقوة سطوع وإيحاء في وهجها، فالطبيعة من حولنا تعطينا إحساساً بالجمال والحياة من خلال ألوانها حتى إننا نحس أن كل لون يمنحنا إحساساً مغايراً ومميزاً عندما نقترب منه أكثر، فاللون هو حالة نعايشها، نحسها، نتذوقها، نتأملها، ونتكيف معها تكيفاً نفسياً، بل تقتبسها أرواحنا فنتماهى مع ذراتها وتذوب فينا، هذه الحالة أي اللون تشكل عالماً خاصاً متأنقاً من الجمال ينطق ويحيا ويوحي ويعطي الإحساس بالحب والفرح والموسيقا والنشاط، يحرك مشاعرنا، فكيف إذا اختارته عين رسام بارع، أو مشاعر شاعر مرهف، أو نسقته ذائقة فنية مبدعة، فاللون ذوق واختياره المناسب قمة الذوق، علينا تذوق اللون تذوقاً سليماً وتوخي الدقة في اختياره وبالتالي الإحساس بقوته وجماليته، سواء أكان في بيوتنا أم في أماكن عملنا أم أزيائنا وصحفنا ومجلاتنا وأفلامنا، وكل مكان نستطيع اختيار ألواننا المناسبة لنا فيه، وبهذا يرتقي ذوقنا الجمالي وتزداد ثقافتنا اللونية إن صح التعبير، يدخل اللون في كل العلوم ويتلاقى معها، فهو في الأدب عامة وفي الشعر خاصة يمثل قوام الجمال في الصورة الشعرية ويعطيها حركة وسحراً وحياة وفي الفن يضفي الوضوح والقوة والتمايز في الآثار الفنية من لوحات وفنون مسرحية وسينمائية، وله إطلالة ساحرة في الفلسفة وعلم النفس حتى إنه يدخل في الطب وقد تداوت بإشعاعاته الشعوب القديمة.

    الأديبة فوز أبو ترابي

  • ذكرت أن اللون يدخل في العلوم والأدب فهل اللون يدخل في الحياة؟
  • ** اللون لغة صفة للجسم لا تدرك إلا بالنظر كالبياض والسواد والحمرة، واللون الأولي أحد أقسام الطيف الأصلية، الجمع ألوان، اللون يساوي النوع يقال: عنده ألوان من الطعام والشراب والثياب أي أنواع، لون البلح يظهر فيه أثر النضج، لون الشيب فيه بدا الشيب في شعره. لون الشيء جعله ذا لون أو ألوان، تلون الرجل أي لم يثبت على خلق فهو متلون.

    * هل للون تعريف؟

    ** إن للون أكثر من تعريف حسب العلم الذي يعرّفه. وقد عرفه كتاب الألوان بأنه شعور مجرد كالعدد فمثلاً نقول: لون أخضر تماماً كما نقول رقم ثلاثة، واللون شعور لا يمكن تقسيمه، فشعورنا بلون الشعاع الأبيض لا يسمح لنا بتحويل هذا الشعاع إلى مركباته.

    والتعريف العلمي للون هو أثر فيزيولوجي ينتج في شبكية العين، حيث يمكن للخلايا المخروطية القيام بتحليل ثلاثي اللون للمشاهد، سواء أكان اللون ناتجاً عن المادة الصباغية الملونة أم عن الضوء الملون.

    واللون في علم الفيزياء هو شكل من أشكال الضوء فقد أثبت ذلك العالم "إسحاق نيوتن" حين سلط حزمة من الضوء على موشور زجاجي فقام الموشور بتحليل حزمة الضوء إلى مكوناتها الأساسية وهي ما يعرف بألوان الطيف السبعة، فاللون يملأ عالمنا بالجمال فنحن نتأثر بألوان غروب الشمس الرائع وباللون الأحمر والأصفر الذهبي لأوراق الخريف، ونسحر ونفتن بالنباتات الزهرية الجميلة وألوان قوس قزح الأخاذة المتلألئة، فهي مناظر طبيعية ساحرة تحيط بنا وتجمل مشاهدتنا وتنطبع في ذاكرتنا ليحيلها خيالنا إلى لوحات خاصة وملائمة لذواتنا.

  • ما أهمية ووظيفة اللون في حياتنا؟
  • ** تؤدي الألوان دوراً مهماً في حياتنا فهي تجملها وتضفي عليها الإحساس بالفرح والسعادة، وللون وظائف متعددة في الحياة والطبيعة، أولها وظيفة جمالية فاللون يضفي على حياتنا الجمال والروعة والأناقة وإعطاء الإحساس بالفرح والسعادة والانبهار، فكل شيء حولنا يزدان بالألوان الثابتة والصافية والمتناغمة فمثلاً يختار كثير من الناس ألوان ملابسهم بعناية تامة ويزينون منازلهم بألوان تحدث وقعاً جميلاً في النفس.

    ويحاول الفنانون جعل رسوماتهم أكثرَ واقعية، باختيارهم وترتيبهم للألوان بتمعن ودقة شديدين، وهناك وظيفة رمزية تصلح الألوان وسيلة للاتصال والإخبار ففي الرياضة توضح الألوان المختلفة لأزياء اللاعبين الِفرق التي ينتمون إليها، وفي الطرق تفيد إشارات المرور الملونة السائق ولها دور رمزي في الخرائط الملونة فاللون الأزرق يرمز للأنهار والأخضر للغابات وهكذا، كما تؤدي الألوان دوراً هاماً في الطبيعة فألوان الأزهار البراقة تجذب نحوها الحشرات التي تساهم في تلقيحها وبالتالي إنتاج الثمار والبذور، أما عند الطيور فتساعدُ الألوانُ في جلبِ قرائنَ لها فمثلاً ينشر الطاووس ريشه الملون بأروع الألوان الساطعة والزاهية عندما يغازل أنثاه، وتساعد الألوان في تخفي بعض الحيوانات دفاعاً عن نفسها وتفادي الأعداء وذلك بتغيير لونها حسب لون منطقتها أو بيئتها. كذلك الأرانب في القطب الشمالي لها فراء ذو ألوان سمراء داكنة في الصيف وتتحول في الشتاء إلى اللون الأبيض ما يجعل من الصعوبة بمكان رؤية هذه الأرانب في الثلج. كذلك للون وظيفة درامية في المشهد السينمائي إذ يقول المخرج السينمائي "ايزنشتاين" في كتاب "مذكرات مخرج سينمائي": اللون يجب أن يكون أولاً وإلى أقصى حد عاملاً درامياً واللون في هذا المقام مثل الموسيقا، فالموسيقا في الأفلام تتسم بالجودة عندما تكون ضرورية. واللون كذلك يتسم بالجودة عندما يكون ضرورياً، أي عندما يفسر ما يجب نقله أو قوله في اللحظة المحددة من تطور الفعل.