يصعب على الكاتب أن يحمل البعد الواقعي كما يحمله المترجم الناقل لأدب لم يعشه ولم يعاصره، بل أحاطه بثقافته الخاصة لربط أحداث ووقائع تاريخية، جراء ترجمته لأحداث رحلة مضى عليها قرن ونصف في سهل حوران وتحديداً عام 1874.

وعن أهمية تدوين رحلة الدكتور "وليم رايت" بيّن مترجم الرحلة الأستاذ "كمال الشوفاني" قائلاً لموقع eSwueda: «إن كتاب "مغامرات بين خرائب باشان" للرحالة "د. وليم رايت" يؤرخ لمرحلة مفصلية في تاريخ جبل حوران، حيث كان نجم الأسرة "الحمدانية" يأفل لتحل محلها الأسرة "الطرشانية" وعلى رأسها الشيخ "إبراهيم إسماعيل الأطرش"، أما في الجزء الآخر من حوران، في السهل، فقد كانت الناس مهتاجة وساخطة على الإدارة العثمانية بسبب سياستها التعسفية، من فرض للضرائب وتنكيل بالسكان ومحاربتهم في لقمة عيشهم، ونلاحظ التفاعل والتعاضد بين السهل والجبل من خلال الرسل المتبادلة بين الطرفين لرفض سياسة الدولة، وقد سمع "رايت" بنفسه ما قاله شيخ "عرمان" حول تلك الحوادث بقوله: "إن الصراع في حوران هو صراعنا نحن أيضاً وسوف نتحد مع إخوتنا المنكوبين في حوران"، ويتابع "د. وليم" بالقول: "الشيخ، الذي لم يتعلم أبدا فن الملاطفة لسماع همس أحد النبلاء والذي لا يخاف حاكما، أعلن لنا بكل صراحة سبب الهياج المحيط بالمكان، إن الحكومة في "حوران" اعتزمت فرض ضريبة على البلاد، لقد جمع الحاكم شيوخ القرى وطلب منهم تقدير قيمة الأراضي، اغتاظ الأهالي من الموقف وقتلوا اثنين من الشيوخ وفر الحاكم ناجيا بنفسه، ثم شفا الناس غليلهم بأي رمز مر بطريقهم يمت للحكم العثماني بصلة، لقد قطعوا أربعة عشر ميلا من خطوط البرق، وفر جميع الموظفين بأرواحهم، استدعت الحكومة الجنود وجهزت المدافع ووعدت بالانتقام، ورد أهل حوران أنهم في الرابع عشر من نيسان سيغادرون حوران بشكل كامل، لقد أشار الشيخ للرسول الذي جاء بالخبر، وختم كلامه بتصريح مشبوب بالعاطفة: "إن الصراع في حوران هو صراعنا نحن أيضاً، إن فرضوا ضرائب عليهم سيفرضون ضرائب علينا، لم تفعل الحكومة لنا شيئا، لم تحمنا من البدو، لم تشق لنا الطرق، وقد شردتنا من بلاد أهلنا في لبنان، وها هم الآن يتبعوننا إلى هذه الصحراء، التي استصلحناها بكدنا وعرقنا وفديناها بأرواحنا، هل سيكون أولادنا مظلومين كما نحن؟ لا، يا أولادي، سوف نتحد مع إخوتنا المنكوبين في حوران، سوف نلاقي عدونا على عتبة دارنا قبل أن يدخل حرمتها. ولأن الحق معنا، والله إلى جانبنا، فإننا لن نقهر أبداً"».

يحوي العمل الكثير من العبارات المقتبسة مباشرة تم وضعها بين قوسين من الكتاب المقدس أو أبيات شعر من قصائد معروفة لشعراء إنكليز أو من مسرحيات وكتب أخرى، وقد ذكر بعضا من أصحابها، وترك بعضهم الآخر للقارئ دون ذكر صاحبها، وقد حاولت معرفة أصلها وأشرت إليها في حواشي الكتاب، أما الحواشي التي أضفتها، فقد كان لزاما علي فعل ذلك لزيادة معرفة القارئ ببعض الحقائق التي لم يأت عليها الكاتب بالتفصيل، أو أنه لم يكن على دراية كاملة بها، أو فسرها بشكل خاطئ، وكان لا بد من توضيح بعض المعاني وإلقاء الضوء على بعض الشخصيات التي قابلها والأماكن التي مرَّ بها الرحالة، ولكون الكاتب لديه هوامش خاصة به، فقد قصدت أن أضعها في نهاية كل فصل، والحواشي الخاصة بي ثبتها في متن الكتاب وأعطيتها أرقاما متسلسلة من بداية الكتاب إلى آخره، وليس ضمن الفصل الواحد، أما التعريف بالشخصيات المحلية فتوخيت الاختصار في الحديث عنها كي لا اشغل القارئ عن الموضوع الأساسي للرحلة كما أضفت ملحق صور ووثائق تتعلق بالأماكن والشخصيات التي وردت في العمل وأشرت إلى مصدرها، إذ لا يقف الراحلة "د.وليم رايت" في حياته النشيطة على السنوات العشر التي قضاها في سورية، بل إن مكانته الحقيقية كرجل عرف على نطاق واسع في العالم كانت خلال عمله اللاحق في إشرافه على ترجمة الكتاب المقدس إلى عشرات اللغات في العالم

وحول الإضافات الزائدة على العمل المترجم بين المترجم "الشوفاني" بالقول: «يحوي العمل الكثير من العبارات المقتبسة مباشرة تم وضعها بين قوسين من الكتاب المقدس أو أبيات شعر من قصائد معروفة لشعراء إنكليز أو من مسرحيات وكتب أخرى، وقد ذكر بعضا من أصحابها، وترك بعضهم الآخر للقارئ دون ذكر صاحبها، وقد حاولت معرفة أصلها وأشرت إليها في حواشي الكتاب، أما الحواشي التي أضفتها، فقد كان لزاما علي فعل ذلك لزيادة معرفة القارئ ببعض الحقائق التي لم يأت عليها الكاتب بالتفصيل، أو أنه لم يكن على دراية كاملة بها، أو فسرها بشكل خاطئ، وكان لا بد من توضيح بعض المعاني وإلقاء الضوء على بعض الشخصيات التي قابلها والأماكن التي مرَّ بها الرحالة، ولكون الكاتب لديه هوامش خاصة به، فقد قصدت أن أضعها في نهاية كل فصل، والحواشي الخاصة بي ثبتها في متن الكتاب وأعطيتها أرقاما متسلسلة من بداية الكتاب إلى آخره، وليس ضمن الفصل الواحد، أما التعريف بالشخصيات المحلية فتوخيت الاختصار في الحديث عنها كي لا اشغل القارئ عن الموضوع الأساسي للرحلة كما أضفت ملحق صور ووثائق تتعلق بالأماكن والشخصيات التي وردت في العمل وأشرت إلى مصدرها، إذ لا يقف الراحلة "د.وليم رايت" في حياته النشيطة على السنوات العشر التي قضاها في سورية، بل إن مكانته الحقيقية كرجل عرف على نطاق واسع في العالم كانت خلال عمله اللاحق في إشرافه على ترجمة الكتاب المقدس إلى عشرات اللغات في العالم».

الرحالة الدكتور وليم داريت

وعن وقائع رحلته وما يميزها عن الرحالة الذين زاروا "جبل حوران" في القرن التاسع عشر بين المترجم الأستاذ "كمال الشوفاني"قائلاً: «رغم صعوبة المسالك ووعورة الأرض وخطورة السير فيها، ظل ذلك الشاب المفعم بالنشاط والحيوية، مغامراً بحياته وحياة زملائه في كثير من الأحيان لدخوله تلك الأرض الوعرة الموحشة التي لم يسلكها من قبل، ورغم أن رحلته حملت بين مضامينها مهمه تبشيرية لكنيسته المشيخية من أجلها فقد شغل نفسه وشغل الناس معه خلال عشر سنوات قضاها في دمشق خبِر خلالها الحياة في البلاد وتفاعل مع أهلها فعاش بينهم ردحا من الزمن وكأنه واحد منهم، مع حفاظه على نظرته الفوقية كشخص أوروبي ورجل دين بروتستانتي، ولكن في رحلته إلى حوران وجبل العرب أماط اللثام عن بعض الحقائق التاريخية التي ذكرها، ولم تذكرها كتب التاريخ، أو ذكرتها بشكل مختلف تبعا لأهواء معينة، أو لجهل المؤرخ، أو اكتفائه بتدوين ما سمعه من الناس وحسب، وأكثر ما يلفت النظر في رحلته التصويب لحادثة تخطئ عشرات الكتب في تحديد تاريخها لاعتماد كتابها على كتاب غير موثق بأي مصدر أو مرجع، وأقصد بالحادثة نهاية حكم أسرة الحمدان في جبل حوران، والكتاب "جبل الدروز" للكاتب "حنا أبي راشد"، الذي يعيد الحادثة إلى عام 1869، بينما نرى "د.وليم رايت" زار "السويداء" في الثاني عشر من نيسان عام 1874 وحل ضيفا عند شيخها "واكد الحمدان"، ونجد تأكيدا لذلك في الوثائق التي ذكرها الدكتور "فندي أبو فخر" في كتابه "تاريخ لواء حوران الاجتماعي" الذي يذكر أن أسرة "الحمدان" انتهى عهدها عام 1876».

وعن العمل المترجم بين الأستاذ "محمد طربيه" عضو اتحاد الكتاب العرب والمدقق اللغوي للعمل المترجم بالقول: «شغل المترجم العمل بعناية وتقانة وحاول توثيق الوقائع والحوادث كما وردت بأمانة علمية وتاريخية، حتى إن الحواشي الخاصة به جعل لها هامشاً كي لا يتم إقحام نص على نص، ربما هذا نوع من المصداقية في أعمال الترجمة، وفي الحقيقة لقد أضاء لنا ترجمة رحلة غنية بأحداثها وهامة في دلالتها التاريخية والعلمية لرحالة يعتبر من أهم الرحالين في القرن التاسع عشر والذي يُعدّ أول من اعتبر الحثيين أصحاب امبراطورية عظيمة، وقد قام بأبحاث عديدة حول الحثيين أثناء وجوده في سورية شملها في كتابه الأول "الأمبراطورية الحثية" الذي صدرت طبعته الأولى عام 1884، وأعيدت طباعته خمس مرات أخرى، أما كتابه الثاني عن عائلة برونتي الشهيرة بعنوان "آل برونتي في ايرلندة" فصدر عام 1893، وقد تركز حول علاقة الأديبات الشهيرات "إميلي، تشارلوت وآن برونتي بايرلندة" والعائلة ذات أصول "إيرلندية"، أما آخر أعمال "رايت"، وهو نتاج آخر بعد "الأمبراطورية الحثية" من خلال وجوده في سورية، كتاب "تدمر وزنوبيا" الذي أضيف إليه جزء كبير يعتبر كتابا بحد ذاته بعنوان "مغامرات بين خرائب باشان" وهو الكتاب الذي بين أيديكم، وقد اعتبر الرحلتين الأخيرتين اللتين قام بهما ربيع 1874، قبل عام من مغادرته الأراضي السورية، عماد هذا الكتاب، انقضى عشرون عاما حتى رأى هذا الكتاب النور عام 1894 قبل وفاة "رايت" بعدة سنوات، ولهذا استحق المترجم الأستاذ "كمال الشوفاني" الثناء للجهد والأمانة العلمية لما قدم».

العمل المترجم.

الجدير بالذكر أن ترجمة كتاب "مغامرات بين خرائب باشان رحلة حوران عام 1874" للأستاذ "كمال الشوفاني" يأتي بعد عمله الأول "مذكرات غير ترود بل في جبل الدروز".

الأستاذ محمد طربيه