"عبد الرزاق صبح" كاتب سوري، احترف كتابة القصة القصيرة، التي تعد من أهم أنواع الأدب في منحى القصة السورية المحكمة بزمان ومكان وحدث في سطور قليلة، يعرف عن القاص اهتمامه بالهم الإنساني وقضايا الظلم والاستبداد ومعاناة الشعوب المحتلة في الأرض.

كما وصفه البعض بالمشاغب لكونه متمرداً على ما حوله، لا يخضع للخطيئة أو الضغوط المجتمعية، حاد في آرائه، يناضل بشدة في سبيل تحقيق قضيته وغايتها النبيلة في تحرر الإنسان من القهر والاستعباد، وانطلاقه إلى عالم أرحب فيه الصفاء والهدوء والاتزان، بعيداً عن الشر والأحقاد المتوالدة.

زرت العديد من الدول العربية، وأمتعها كانت زيارتي إلى "الإمارات العربية المتحدة"، التي أعتبرها من الدول الحضارية الراقية خاصة الشارقة، التي تهتم بالثقافة والعلم والأدب

لم يكن له مخاض مع الرواية رغم شوقه الكبير لكتابتها، ترى ما الأسباب؟ يقول القاص "عبد الرزاق صبح" لموقع eSuweda وذلك أثناء لقائه في 8/10/2008: «العمل الروائي هو الأهم في نظري، لكنه يحتاج إلى مزيد من التأمل والهدوء وزمن أطول في العمل، وهو في النهاية يعبر عن تسجيلي لفترة زمنية محددة أو غير محددة، وهذا الاستغراق يتطلب ظروفاً أفضل من التي نحيا بها الآن».

وحول اهتمامه الشديد بالقصة، يقول: «الوقت والعصر لا يحتملان القراءات الطويلة، وأنا من الكتاب الذين انساقوا خلف القصة القصيرة لأنها الأمتع والأكثر قراءة، وتتطلب تحدّياً في رصد الزمان والمكان والحدث في عدة جمل تحمل سطورها ذلك الحلم أو اللا متوقع الذي أناشده، وهي اللحظة السريعة التي لا تحتمل الإطالة، أو التعبير عن موقف حياتي ما أو متخيل يعني للقارئ الكثير في جمله القليلة، لهذا اعتبرني البعض من الأدباء المشاغبين جداً أو المتمردين، وكتب ذلك في أحد المواقع السعودية».

يسود علاقاته المجتمعية بعضاً من الصراع، حول هذا الجانب، يقول: «تسود حياتي علاقات مجتمعية جيدة إلا أنها ملأى بمحاورات لينة تطغى عليها الحدّة مع البعض الذي عجز أن يصل، وصراع دائم حول مسألة الإبداع والأدباء الذين لا يمسّون هذه المسألة، فهناك من كتبت لهم نصوص وسجّلت على أنها من نتاجهم الأدبي وهذا نفاق، وبعضهم الآخر استحوذ على كتابات للآخرين ونال عليها جوائز على أنها من كتابته، كل ذلك يجعلني في حالة احتدام ومواجهة مع الخطأ الذي لا ينتهي».

وعن الدول التي زارها، يقول: «زرت العديد من الدول العربية، وأمتعها كانت زيارتي إلى "الإمارات العربية المتحدة"، التي أعتبرها من الدول الحضارية الراقية خاصة الشارقة، التي تهتم بالثقافة والعلم والأدب».

ويضيف: «يتبادر إلى ذهني تساؤل، "دمشق" عاصمة للأدب والفكر، فلماذا لم تأخذ حقها الكافي من حيث الإعلام المحلي والاهتمام الأدبي والانعكاس الثقافي؟ حتى الآن مازال هناك رقيب يضع عراقيل وحدوداً خانقة أمام العمل الأدبي، وجوده فقط يقلل من تنامي الوجهة الأدبية ويعيق حركة التبادل الثقافي في القطر، فماذا يحدث لو أزيل، وبات هناك حقوق فعلية ودعم لهذا المنحى الهام الذي يزيد في رقي الأمة ونبوغ حضارتها؟».

لدى القاص اهتمام في قراءة الأعمال الأدبية، حول ذلك، يقول: «قرأت الكثير من الأعمال الروائية، منها رواية "جسر بنات يعقوب" للروائي الالفلسطيني "حسن حميد"، "وسباق المسافات الطويلة" للروائي "عبد الرحمن منيف"، وقرأت رواية "المجوس" للروائي الليبي "إبراهيم الكوني"، وغيرها العديد من المؤلفات، فالقراءة زادُ الفكر وسبيله الأمثل نحو الانفتاح على شرفات الخيال واستلهام البعيد ليصبح كلمات تخطها بنان صادقة، ولا أتصور أديباً له مكانته دون قراءة وبحث واطلاع، فالتنوع والمعرفة في مداركها توصلنا إلى مجتمع حضاري هاجسه الوحيد القراءة والاكتشاف والاعتراف بالآخر وحفظ حقوقه، عدا ذلك أنها وسيلة تدفعنا إلى احترام الأديان السماوية وآدابها الخلقية والإلهية».

حول أعمال الأديب السوري، يقول الكاتب "عماد البني": «يأخذنا القاص "عبد الرزاق صبح" إلى عوالم الحرية والمواجهة للكشف عن الخطيئة وإظهار المكنون النبيل في التصرف والتفكير والمعاملة، يضعنا عبر مجموعاته القصصية في مواجهة مع أنفسنا ومع الواقع الذي تسوده الأهواء والأفعال الخبيثة، يحيلنا خلال خيوطه الخفية إلى التفكير العميق في كيفية التنحي عن الخطر القادم من تلك الأحوال المتردية في مجتمعنا، ويؤكد في قضيته الإنسانية على السلام والفعل المتزن الذي يرقى بآداب النفس فضلاً عن المجتمع. "عبد الرزاق صبح" هكذا أعرفه جريئاً متمرداً في طرح مقولاته وآرائه، صاحب قلم عنيد لا تعيقه مذام الأفعال والأخطاء».

شارك القاص في مهرجانات دولية عديدة للقصة القصيرة، ونال جوائز مختلفة، وهو العضو في اتحاد الصحفيين العرب، وطالب سنة أخيرة في كلية التربية جامعة "دمشق"، وهنا الأمر المثير للغيرة فما أسمى العلم والأبهى الحصول عليه بعد بلوغ الخمسين من العمر.

بقي أن نذكر أن "عبد الرزاق صبح" في "القنيطرة" عام 1958، تربى في حواريها ومن خلالها بدأت موهبته، تأثر بالأديان السماوية، وبالأدب السوري المعاصر، فعمل على دراسة كل جزء منهما بعمق، باحثاً في محتواهما الفكري والميثولوجي، وبعد مراحل متفاوتة من الدراسات التي أجراها صدر له العديد من المجموعات القصصية منها "الذئاب" ومجموعة أخرى مشغولة مع عدد من الأدباء السوريين بعنوان "بروق"، ومجموعة مشتركة بعنوان "جنوب القصة السورية"، كما له جديد قيد الطبع بعنوان "ثيابي العارية" وهي قصص متعلقة بالهم الإنساني وأدب السجون والظلم والاستبداد، والدولة البوليسية التي تقمع المواطن ولا تعترف بالآخر.