بدأنا مع الأستاذ الشاعر "خالد أبو خالد" بعد أمسيته الشعرية التي ألقاها بمناسبة المهرجان السياحي الثقافي الأول في السويداء في يومه الثاني (الثلاثاء 3/6/2008)، وعن الحنين إلى السويداء الذي عبر عنه قبل اللقاء، بحجارتها وآثارها، بطبيعة ناسها ومضافاتها، سألناه: أين السويداء من "خالد أبو خالد" وماذا تعني له؟ فقال: بدأت علاقتي بالسويداء قبل أن أعرفها، حيث كنت ممتلئا ثقافيا بالثورة السورية الكبرى وقيادتها في الجبل.

وفي دولة "الكويت" (المنفى القصري الأول) تعرفت على سوري من "آل الأطرش" أصبح فيما بعد عضوا في المجلس النيابي وهو "فندي الأطرش" وكان معه في الغربة ابن عمه "أسد الأطرش" شاعر الربابة المعروف، وربما تعلمت منه الكثير.

إلى أن أتيت إلى سورية، حيث رحّلت من الكويت عام 1966، فمررت بالسويداء حيث كانت موقعا للعمل الفدائي، ثم عبرت إلى الأردن ففلسطين..

فاعتبرت مروري بالسويداء هو فاتحة علاقة معها تواصلت تاريخيا خصوصا إن الثورة الفلسطينية في الثلاثينيات كان أحد قادتها والدي "أبو خالد" وأحد قادة الفصائل فيها من جبل العرب في السويداء هو الشهيد "فايز حذيفة"..

وبعد ذلك عدت من العمل الفدائي فتعرفت إلى الشاعر "فؤاد كحل" وكنت قبلها آتي إلى المركز الثقافي العربي الذي كان مديره الأستاذ "فندي أبو فخر".

وكنا نأتي إلى المضافات ونقوم بإنشاد الشعر والغناء فيها، وفيها ننام ونأكل ونعود إلى دمشق بعد يوم أو اثنين أو ثلاثة فلا مشكلة.

فالسويداء هي صورة متجذرة للثورة في داخلي، وصورة متجذرة للشعر الشعبي الجميل، حتى إنني أذكر أن الكثير من القصائد التي كان يرددها الناس في قرانا من جوفية إلى هجينة إلى شروقي، هي نفس الكلمات الموجودة في تراث السويداء مثل:

يا الله عليك الستر يا رب يا رحماني/ تنصر جيوش لنا بالحرب والكواني.

وتعرفت إلى نخبة من أهل السويداء المثقفين، ويبدو أن الزمن يترك تأثيره علينا ثقافيا أحيانا، فأنا لم أزر السويداء منذ مدة طويلة، ولكن لم أحس يوما أنني غادرتها.

وعن الغربة والفنادق والمنافي قال الشاعر أبو خالد: إنني لا أحس بالغربة في بلاد العرب.

وعلى الرغم من الفنادق التي زرتها في أوروبا وكمبوديا وفيتنام، إلا أنني ممتلئ بالعزيمة، والقدرة على التواصل والحياة، فأنا الشاعر العربي من فلسطين.

وعن الشعر كان الحديث مختلفا، فالشاعر ابن الثالثة والسبعين عاما، أصبح بحق له أن يتكلم بعد هذه التجربة الطويلة حيث قال:

إن الشعر أزمته من أزمة الواقع، فإذا كان الواقع مهزوماً فالشعر مهزوم.

في ظروف المد الثوري والسياسي يأتي الشعر ليمده بالقوة، وفي ظل الهزيمة ينحني الشعر ليكون رافعة! وإذا قرأتم تاريخ الأدب والفن في العالم تجدون أن التميز يأتي في ظروف التراجع السياسي والتقهقر.

لكن يجب أن ننتبه إلى أن الشعر الشعبي أكثر قدرة على الوصول لأنه يتحدث بلغة المتلقي، أكثر من الشعر باللغة العربية، لأن جمهوره أضيق.

وكان للأغنية السياسية حديث يطول، فتح من خلاله باب الأشجان والأحزان في ذاكرة ذلك المناضل حيث قال عنه:

إن شعراء الأغنية السياسية هم الذين تراجعوا وعلى ما يبدو أن المال هو السبب، وليس تراجع القضية، لأن القضية باقية ولم تحل.

ومن الأشياء التي لا يعرفها الناس، أن لي أكثر من عشرين أغنية سياسية غنتها فرقة "الجذور" طوال عقود من الزمن مثل أغنية "جدلي يام الجدايل جديلي" والتي أخذت حيزا كبيرا في وسائل الإعلام المقاومة، ولكن الزمن تغير الآن والظروف أصبحت لا تحتمل هذه الأغاني.

أسئلة من جملة واحدة:

1- هل شاخ المقاوم "خالد أبو خالد"؟!

مازلت في سن الثامنة عشرة وأحلم أن أحمل سلاحي في كل لحظة.

2- وهل تخاف الموت؟!

مادام هناك حياة هناك موت وهو لا يخيفني أبدا لأنني مؤمن.

3- من من شعراء السويداء أقرب إلى قلبك؟!

فؤاد كحل وثائر زين الدين ونزار بريك هنيدي.

4- أين محمود درويش؟!

خرج من قصيدة المقاومة.

5- وأدونيس؟!

أفلس.

6- سميح القاسم؟!

حاول تقليد محمود درويش فسقط.

7- أين أنت من السلام، وهل تؤمن أنه قادم؟!

عن أي سلام تتحدث، والدمار والاحتلال، وهناك القدس وبغداد تحت الاحتلال؟.

8- هل أنت متفائل بالمستقبل؟!

لدرجة لا حدود لها، فأنا أحس أن هذا الجيل هو الذي سوف يحقق أحلامنا وطموحاتنا ويعوض خيباتنا...

ومن أجواء أمسيته التي ألقاها في المهرجان نقتطف هذه السطور:

وحدي على الجسر المدمر.... في الجسد

وحدي.. ويقلقني نعاسي.....

هذا فراغ الروح من لغة القصائد.... والقصائد لا تجيب/ ... ولا تجيء..... وليس من سفر إليها..../ أغلقت جهة علي.... فأغلقت كل الجهات../ تهجأت رئتي السماء.... لكي أرى.../ غامرت في الزمن الجميل .... بلا مرايا... أو ولد/ يتضامن الأعراب – من عجز- معي... يتبعثرون/ على خرائطهم بقايا... أو سبايا.... انتبهوا بددا على تيه النوايا.