"بين اللقاء والوداع.... يتعلم المرء طقوس المسافة" هي كلمات الشاعرة الشابة على الدوام سميرة عزام، تلك المرأة المجبولة بلحظات الكمال... تستفزك اينما عبرت في كلماتها الشعرية وتحرض فيك شياطين اشعارك النائمة منذ قرون.

والمتصفح لحياة سميرة عزام في كتابها الشعري الاول (سيرة الآس) يدرك فورا انه اما مشروع جريء بل مشاريع.. فالكتاب ذو الثمانين صفحة يشي باللهفة والحب والعذاب والفرح والاسى والظلم والتوحد والانبعاث.. وكلما قلبت صفحة منه ترسم لك الاخرى فضاءات لم ترها بلغة بسيطة كأنها وشوشات سنونوة عالقة في قفص ذهبي ولك ان تطير ان استطعت الى الصفحة التالية.

وما شهادات الراحلين ممدوح عدوان ومحمد الماغوط، واحتفاء شوقي بغدادي وعدد كبير من النقاد، بشعرها إلا دلالة واضحة على تميز هذه السيدة المجبولة بالاحلام والحياة.

ففي قصيدة امل تلاحظ التكثيف والشفافية التي لا تجدها إلا في شعر عزام بعيدا عن المراوغة والضبابية والاستعارات المبهمة، فهي تقول: ولك ما يشتهي الجسد/ فتعال قبل رحيل النهار/ او في ليلة ينعس فيها القمر/ تعال واطلق ظبي قلبك/ فغابتي مازالت تحتفظ ببراعم خضراء...

عزام المولودة في إحدى قرى السويداء عام 1967 من عائلة محافظة بدأت قرض الشعر في سنوات مبكرة، ساعدها اهتمام الاديب ممدوح عزام وتشجيعه لها على الاستمرار، ورغم عثراتها في الحياة ومرضها الذي أقعدها طويلا إلا أنها وقفت كالشجر الذي لا يموت متحدية شللها بإرادة لا تلين.

فهي تمارس عملا كصحفية لها وزنها في محافظة السويداء ولها بصماتها في الحياة الاجتماعية ونادرا ما تكتشف انها غائبة فهي الحاضرة على الدوام في كل التفاصيل اليومية للمدينة التي تحب.

على الرغم من اعباء الحياة اليومية فهي أم وربة منزل، ورغم ذلك تجتهد لتجهز مولودها الشعري الثاني.

تقول سميرة عزام لـ eSuweda عن الكتابة والشعر إنها الاغواء اللا منتهي، والقابض على الكلمة كالقابض على الجمر أبداً.

وكثيرا ما حاولت الافلات من عالم الكتابة ومن صمت الورق، ولكن ضجيج العالم كان يجبرني دائما على العودة الى الهدوء، هدوء عالمي الداخلي ومشاعري التي تشبه كثيرا هذا البياض.

وكلما توغلت في العمر اجدني كأني اتسلق السماء بحثا عن مكان يتسع لحلمي وفضاء يتسع لفضائي اللامحدود، واردد قول القائل: (انا اكتب اذا انا موجود).

وعندما سألناها عن القصيدة وعن ردود الناس واستقبالهم لها قالت: كتبت القصيدة لتدخل القلوب كما هي داخل قلبي، لأن القصيدة تجعلني امرأة بلون العشق.

وحده الشعر استطاع ان يحرض اصراري على الحياة، معاً وضعنا صورا للحياة كما نحب من خلال القصيدة استطعت الاصغاء الى الواقع ومراراته وعذاباته.

انخرطت في المجتمع اكثر، وجدت نفسي وكأني مسؤولة عن قضاياه، فالكتابة تمتلك سلطة او ملكة تغيير الواقع والانشداد الى همومه ومآسيه، والهروب من عبثيته وفوضاه وكي لا يضيع العمر هباء.

وتختم الشاعرة سميرة عزام بمقولة طاغور (يا ايتها الروح لا تخلدي حتى تستنفدي حدود الممكن).