تعلمت "رباب الياسين" و"مرح أبو فخر" أنّ البيئة صديقةٌ تحتاج للرعاية والحبّ والعمل، وجسدتا ذلك في مبادرة شابة لتأسيس مشتلٍ يعتني بإنتاج ورودٍ ضمن أصص صديقة للبيئة.

المشتل الذي احتل ركناً من حديقة المنزل؛ يعبر عن رؤيتهما للتعامل بشكل سليم وصحي مع المحيط البيئي، والحدّ من التلوث، ونشر المعرفة العلمية والزراعية، كما تحدثت "رباب الياسين" خريجة العلوم الحيوية فرع "السويداء" لمدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 30 أيلول 2019، وقالت: «بعد رفقةٍ طويلة ودراسة جمعتني مع "رباب أبو فخر" في كلية العلوم الحيوية فرع "السويداء"، وبحثاً عن عمل يشغل أوقات الفراغ، أخذنا نجمع أفكارنا عن أكثر الأعمال المحببة لنا، وعلاقتنا مع الورود والزراعة بشكل عام، لنعمل شيئاً خاصاً بنا يشبهنا وقريباً من اختصاصنا، فكان مشروعنا الجديد لزراعة الورد ونباتات الزينة والنباتات الطبيّة بأصيص مصنوع بشكل يدوي، ولكن لماذا بشكل يدوي؟ فهو شعور لدينا أنّ ما يحتضن الوردة أو أيّ نبتة يجب أن يعبر عنها ويتلاقى معها بالتصميم واللون والمادة.

حاولنا أن يكون المشروع متكاملاً بأن نفرد مساحة للنباتات الطبية التي بتنا نعرف عنها الكثير، وأثرها في التغذية أو العلاجات، فقد باشرنا بزراعة أنواع مختلفة نحاول نشرها وتسويقها للتعريف بها، خاصة النباتات التي يجب أن تتوافر في كل المنازل كعلاجات سريعة متداولة، وأثبت العلم فائدتها، وأدخلنا أنواعاً جديدة تلك التي دخلت إلى المنطقة مؤخراً ولا يعرفها الناس. كل هذه التفاصيل يتضمنها المقرّ الحالي، وطموحنا أن ننتقل لمقر دائم ومعروف للجميع، وقد بدأنا بخطوات لذلك لكن الأهم بالنسبة لنا أن نحقق الهدف العلمي والبيئي الذي عملنا لأجله، ومع الزمن والعمل لدينا أمل باستكمال كل المراحل

ولأنّ عملنا محوره وهدفه الأول نشر اللون الأخضر والاهتمام بالبيئة، ورعايتها بالوقت الذي ابتعدنا كثيراً عن الطبيعة مصدرنا الأفضل للراحة والطاقة، حرصنا أن يكون الأصيص مصنوع من الطبيعة نفسها، وصديق للبيئة لا يحمل الضرر للمحيط الموجود به، وتعمّقنا أكثر بتفاصيل النبات بشكل عام، والورد بشكل خاص، مع العلم أنّ لدينا هواية للزراعة سابقة، ومعلومات جيدة لكن للعمل وتطبيق الفكرة على الأرض أجرينا دراسة مفصّلة للمشروع الذي سنعتمد عليه كعمل يضاف لأعمالنا الخاصة، كوننا لم نتعين بعد بشهاداتنا الجامعية».

رباب الياسين ومرح أبو فخر أثناء العمل

وتابعت عن مراحل العمل: «بدأنا خطوة خطوة لنتعلم زراعة وردة لمشتل صغير، ونتعرف على طرق مراقبتها ورعايتها واحتياجات الحصول على ورود متميزة ونضرة من شتول أو بذور مناسبة، لنقدم النبتة مع معلومات علمية وافية عنها والمناخ المناسب، وكل ما تحتاج من معلومات لنشر المعرفة والمعلومة العلمية الزراعية والتعريف بها، بعدها انتقلنا لتحضير الأصيص المناسب بالنوع والحجم وتشكيله وتزيينه لنزرع ورودنا بالشكل المناسب في أصص من الفخار أو من الخشب أو أي مواد تالفة سليمة ونظيفة، ومن ثمّ ندخل عليها تصاميمنا للشكل واللون والتزيين الذي نحاول تحميله رسائلنا عن البيئة. كانت مرحلة قصيرة، لكنها مرهقة كوننا أعدنا التجربة لنمتلك الثقة بقدرتنا على العمل والنجاح في تحقيق الفكرة التي رسمناها بالخيال وتحقق باسم "Nilover"».

وعن المواد الأولية والتكلفة والتسويق، تحدثت "مرح أبو فخر" عنها وقالت: «لم تكن مرحلة سهلة أبداً فقد جربنا كثيراً حتّى وصلنا للشيء الأنسب، لأنّنا بداية ننطلق من رأس مال صغير، فقد جلبنا البذار، وزرعنا بالشيء الموجود بين أيدينا، وواجهتنا الكثير من الصعوبات حتى استطعنا أن نحدد ماذا نختار وكيف نزرع.

من إنتاج الشابات

حصلنا على المكان بمساعدة أهلنا، ودعمهم الكبير، واستطعنا أن نجهز ركناً للعمل، خاصة أن الفكرة لاقت تأييداً كبيراً من الأهل والأصدقاء، وتشجيعاً لنعرض منتجنا على الناس، كان الإقبال كبيراً جداً، والفكرة لاقت صدى فاق توقعاتنا، فقد كان للفكرة أثر مهم لأننا حرصنا على خلق فرصة وعمل خاصة بنا مع الاستفادة من دراستنا وشهاداتنا، وبذات الوقت لجذب الانتباه للطبيعة من حولنا وقيمتها الجوهرية، إضافة إلى أن الوردة عندما تتقدم كهدية تحمل معها معانٍ جميلة وتستحق أن تكون ذكرى لمناسباتنا، كل هذه الأفكار دعمت عملنا وهيأت للانتشار.

وبما يخص التسويق فقد كان التعريف من خلال الأصدقاء والمحيط، لكن طبعاً هذه طريقة اعتيادية، لذا فقد بدأنا التسويق من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وخصصنا رقم خاصاً للطلبيات إضافة إلى أننا ومن خلال هذه الشبكات نعرض إنتاجنا الذي لاقى استحساناً، وبدأ الإقبال يتطور بفوارق جيدة جداً.

الدكتورة ربيعة زحلان

وأيضاً عملنا على تشكيل فريقنا الخاص والداعم لنا الذي نتلاقى معه بالحماس ليكمل عملنا، ويصل للزبائن بالصورة الأمثل كمنتج زراعي بيئي مشغول بثقة، إلى جانب الرسالة البيئية التي هي الهدف والمحور الأهم، ومن الداعمين من يساعد في صناعة أصص الفخار والخشب وبقية العمليات».

فكرة الشابتين لم تقتصر فقط على إنتاج الورود والأصص، وكان للنباتات الطبية حصة تتحدث عنها "رباب" بالقول: «حاولنا أن يكون المشروع متكاملاً بأن نفرد مساحة للنباتات الطبية التي بتنا نعرف عنها الكثير، وأثرها في التغذية أو العلاجات، فقد باشرنا بزراعة أنواع مختلفة نحاول نشرها وتسويقها للتعريف بها، خاصة النباتات التي يجب أن تتوافر في كل المنازل كعلاجات سريعة متداولة، وأثبت العلم فائدتها، وأدخلنا أنواعاً جديدة تلك التي دخلت إلى المنطقة مؤخراً ولا يعرفها الناس.

كل هذه التفاصيل يتضمنها المقرّ الحالي، وطموحنا أن ننتقل لمقر دائم ومعروف للجميع، وقد بدأنا بخطوات لذلك لكن الأهم بالنسبة لنا أن نحقق الهدف العلمي والبيئي الذي عملنا لأجله، ومع الزمن والعمل لدينا أمل باستكمال كل المراحل».

الدكتورة "ربيعة زحلان" أستاذة في كلية الزراعة وداعمة للمشاريع البيئية التي قدمت لهم النصيحة وتابعت عملهم، قالت : «أشجع هذا النوع من المشاريع لسببين، الأول أنها أفكار من إنتاج خريجين وشباب لديهم حماس وطموح كبير للعمل والتخصص، فقد حدثتني "رباب" قبل إطلاق المشروع، وشجعتها؛ لأن الفكرة أن خريج العلوم ينحصر عمله في التدريس، وهذه الفكرة هي أسلوب جديد للعمل يخلق مجالات أخرى جديدة ومنتجة، بالإضافة إلى أن المشروع جميل ومتطور، وفيه لمسة أناقة، فهناك الكثير من المشاتل الزراعية التي تؤمن الغراس ونباتات الزينة، لكن تفتقر إلى الوصف العلمي للنبات. لذلك ما يميز المشروع المرجعية العلمية والدراسة الشاملة للنبتة، بالإضافة لتبيان فيما إذا كان المكان مناسباً لها أم لا مع اللمسة الفنية للأصيص.

من وجهة نظري ومن خلال المتابعة على أرض الواقع فلكي تنجح هذه المشاريع فإنّها تحتاج لدعم مؤسساتي، كأن تتبنى بعض الجهات الرسمية أن تستجلب منتجات المشروع، كنوع من الدعم مثل الجامعات أو المشافي حتى تنتشر الفكرة، مع استمرار المؤسسين بتوخي الحرص على الناحية العلمية، وتدقيقها لإعطاء المعلومة العلمية ما يساهم بنشر التصنيف النباتي والخبرة الزراعية وهنا نحقق الغايتين العمل ونشر المعرفة».

ما يجدر ذكره أنّ "رباب الياسين" من مواليد "الثعلة" عام 1995، و"مرح أبو فخر" من مواليد "السويداء" عام 1996 وتحملان إجازة في العلوم الحيوية "بيولوجيا" فرع "السويداء".