نقل من مخيلته طفلاً عشق الأناقة، تصاميم لأزياء ملكية فرنسية طبقها وعاد بها "همام نضال الطويل" إلى عصر اكتملت أركان جماله في عينيه، وتحولت إلى موهبة صمّم بفضلها عشرات القطع والألبسة النادرة.

يقتنع "همام" بأن البحث عن الجمال مصدر للراحة والإبداع، وما صمّمه وارتداه كان بداية لمشروعه الكبير، كما تحدث من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 شباط 2019، وقال: «في الخامسة من عمري رسمت تصاميم التيجان والملابس الراقية والمزخرفة، فمنذ صغري جذبتني الألبسة الأنيقة والمطرزة والمميزة، خاصة ألبسة المسرحيات القديمة، حتى تمكنت من رسمها على الورق. تشدني فخامة الأزياء ودقة العمل والزخارف وكمال المظهر؛ لذلك أحببت أزياء العصور الوسطى، وبدأت أصمّم تبعاً لنمطها ومخيلتي. لا أحب المظهر غير المتكامل، وأحب في الوقت المناسب ارتداء القبعات الأنيقة والقديمة كي يكتمل مظهري.

عندما عملت في هذا المجال كان لخلق أجواء مريحة تناسب ذوقي خاصة في مكان سكني، إنه عالمي الخاص الذي أحب الاحتفاظ بجزء كبير منه لنفسي، وسأتابع في مجال تصميم البدلات والفساتين الضخمة للحفلات الراقية

مخيلتي أخذتني إلى عالم الأزياء الفخمة، ولم ألجأ إلى مراجع أو إلى شبكة الإنترنت أو أي دورات لتصميم الأزياء، هي موهبة أعمل على تطويرها بمفردي».

همام الطويل في غرفته التي صممت على شكل متحف

صمّم مخدعه الخاص وألبسته الفاخرة، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا الأزياء الفرنسية التي طالته بالسحر؟ فأجاب: «أحببت الأزياء الفرنسية القديمة، وليس الحديثة، وتأثرت بها كثيراً؛ لأنها أقرب إلى ما هو في خيالي من تصاميم وأفكار، ولما تحمله من تفاصيل صغيرة ورائعة، وقد عرف عني حب التفاصيل الصغيرة، إضافة إلى اعتبار "باريس" عاصمة الأزياء العالمية في عهد الملك "لويس الرابع عشر"؛ لأعيش في عالم العصور الوسطى وعصر "الباروك" بوجه خاص؛ كان عصراً يهتم بالتفاصيل، وبالغ مصمّموه بالزخارف والنقوش والمطرزات، والفن الراقي يجذب انتباهي، لقد كان عصراً مذهلاً من الناحية الفنية، وظهر فيه الكثير من الأعمال الضخمة على جميع الصعد الفنية، التي مازلنا حتى وقتنا هذا نزور المتاحف لرؤيتها والتمتع بجمالها وتميزها».

تفاصيل شكّلها بيديه وكوّنها لتكون ضمن مجموعته الغنية، ليجسّد أجواء تلك العصور، كما قال: «أميل إلى التصميم والرسم، أرسم ما ينسجم مع خيالي وذاكرتي. أحببت صنع كل تلك الأغراض والملابس والاحتفاظ بها لغاية إنشاء عالمي الخاص الذي يحاكي ما أعشق وأحب، وقد صمّمت تلك الملابس لنفسي، وقد قام بخياطتها خياطون أعرفهم وتابعت معهم كل تفصيل، لينقلوا ما رسمت على الورق وراقني، وبعض القطع حصلت عليها جاهزة، وأنا نسقت بعضها مع بعض وأضفت إليها لمسات لأكمل المظهر الجميل والمنسجم مع رؤيتي لتلك العصور، بحالة فطرية لم أقارنها مع أي فكرة خارج أفكاري؛ لأحافظ على عمل خاص وذاتي بكل المقاييس.

من الألبسة الملكية التي صممها وارتداها همام الطويل

خططت لأعيش مرحلة حلمت بها كثيراً، ويبقى أجمل أوقاتي ظهوري بأزياء ملكية فخمة أمارس من خلالها فنون التصميم، لإنتاج جمال قد لا يروق أو قد يستغربه بعضهم، لكنه عالمي الذي أخطط لتطويره ويكون بوابتي للتعريف بموهبتي في التزيين للأزياء والمنمنمات، وقطع أطليها بالألوان وأشكلها لتزين أركان غرفتي، ومنزلي الذي يحتوي عشرات القطع واللوحات التي تحاكي عصري الجميل عصر "الباروك"، وجانباً من تقاليد الملوك الشرقيين مع العباءة و(الطربوش)، ومن جمال اللمسات الفنية التي ظهرت بها في مناسبات، ومنها ما اكتفيت بارتدائه وتصويره، وأتوقع أن يكون رسالتي وتعريفاً واضحاً عن العمل الذي أقوم به، ويكفي أن يرى الزائر لغرفتي التي كونت السرير فيها على شكل مخدع، وزينتها بالمرايا و(المعاطر)، وقطع صنعتها بيدي وزينتها لتكون مكاناً متكاملاً يصلح لتصوير الأفلام أو المشاهد الملكية».

يختم بالقول: «عندما عملت في هذا المجال كان لخلق أجواء مريحة تناسب ذوقي خاصة في مكان سكني، إنه عالمي الخاص الذي أحب الاحتفاظ بجزء كبير منه لنفسي، وسأتابع في مجال تصميم البدلات والفساتين الضخمة للحفلات الراقية».

أشرف أبو سعدة

المصور الفنان "سامر بلان" اطلع على تجربة "همام" وقال إنها موهبة مميزة، وأضاف: «"همام" شاب طموح ظهرت موهبته في مرحلة مبكرة من حياته، وقد تكون هذه الموهبة أو الهواية غريبة بعض الشيء لدى محيطه، لبعدها كل البعد عن المألوف وما لدينا من هوايات ومواهب.

هو مهتم ومتعلق بأزياء وحياة الطبقة الأرستقراطية والمالكة في "أوروبا" بفترة العصور الوسطى، ونستطيع أن نقول إنه يعيشها في حياته اليومية تقريباً، وتظهر موهبته بتصميم ملابس وإكسسوارات تلك الفترة، بتفاصيل دقيقة، ولديه مقتنيات تحاكي مقتنيات تلك العصور، وقد صنعها بيديه واهتم بأدق التفاصيل.

وأتصور أن لديه مقومات تطوير الموهبة ليستثمرها من خلال تصميم الملابس الأوروبية الملكية والأرستقراطية للتلفزيون والسينما والمسرح والمهتمين بتوثيق أزياء القرون الوسطى، وقد تكون فاتحة جيدة للعمل بهذا المجال من خلال السفر إلى "أوروبا" و"فرنسا" تحديداً؛ فهناك يجد مكاناً أنسب لتنمية موهبته النادرة، ويستثمرها فنياً وتجارياً الاستثمار الأنسب».

في الوقت الذي يرى صديق همام "أشرف أبو سعدة" (طالب معلم صف) موهبته نادرة ومميزة، وقال: «منذ عدة سنوات تعرفت إلى "همام" وتأثرت بأحاديثه عن الألبسة الأرستقراطية الملكية ومعرفته الواسعة بها، وطقوسها ألوانها وأصول (الإتيكيت) وكل ما كان في تلك العصور من جمال تعرفته من خلاله، وبقي الحديث عبارة عن تفاصيل حتى تابعته يعمل وينفذ ما رسمه خياله من تصاميم وأشكال لقطع أضاف إليها لمساته، ولمجموعات شكلها بدقة بداية من القطع الصغيرة إلى الأزياء والغرفة التي جعلها كمتحف راقٍ.

الغرفة احتوت تصاميم وأفكاراً مميزة تجذب الزائر إلى التبحر أكثر في كل ما صمّمه من صولجانات و(معاطر) ومرايا، والأجمل التيجان والقطع المذهبة التي توحي بالفخامة والذوق، أتوقع أن له مستقبلاً جميلاً في هذا المجال ليحقق حلمه بتجسيد كل ما يروقه من تصاميم، تنقل المتابع إلى عالم جميل، ويكفي أن نتابعه لنعرف أصول (الإتيكيت) والتعامل التي ارتقت في تلك العصور».

ما يجدر ذكره، أن "همام الطويل" من مواليد "السويداء" عام 1997، طالب أدب فرنسي سنة ثانية، يتحدث الفرنسية، ولديه طموح لتأسيس مشروعه الخاص في مجال التصميم.