قبل أن تجتاز "لبابة الباروكي" عامها الأول في الدراسة الجامعية، نجحت في تحقيق حلمها مع الموسيقا، وتحولت من طالبة إلى معلمة تحيي ولعها الموسيقي مع الكمان.

فعلى يدي والدها العازف "أيمن الباروكي" نشأت؛ مستعينة بموهبة كبرت معها بالدراسة والجدّ، حيث قالت لمدونة وطن "eSyria" التي التقتها بتاريخ 15 كانون الثاني 2019: «كانت سنواتي الست كافية لأتابع والدي؛ وهو العازف الذي يحيا مع الموسيقا بروحها وعظمة عطائها للإنسان والحياة. وبالنسبة له لا يكفي أن نعرف الموسيقا بأنها لغة الشعوب، فقد نهلت منه معاني كثيرة لها، وكانت رسالته الرائعة لروحي ليعلمني ويقربني أكثر من الأنغام.

من الظلم أن نعيد تفوق "لبابة" إلى البيئة الموسيقية التي نشأت بها ورعايتي فقط، الحقيقة إنها موهوبة، وقدمت دليل نجاحها منذ الطفولة، فهي موسيقية بالفطرة؛ لأنها كانت قريبة بالإحساس والتماهي مع اللحن. فرضت حضورها بحكم اندفاعها للحصول على المعرفة، وكانت تنسجم مع التدريب وتتفاعل بطريقة مختلفة عن طلاب كثر، واليوم تقدم مهارتها إلى طلابها بذات الطريقة، وتستعد للمشاركة في كافة الحفلات التي تقدم الموسيقا برقي، ومع الفرق التي تعطي للموسيقا وزنها

تابعته، وعشقت علاقته الجميلة مع آلاته، وقام بجهد كبير لأكون رفيقة للوتر عن معرفة وعلم، مهيئاً فرصة التدريب وتقديم معرفة مبكرة، لأكون في الصف الخامس عازفة جيدة، ومن دون انقطاع التدريب والتعلم والتفاعل مع الكمان. هذه الآلة التي حركت مشاعري وسرقت بها ذكريات من جمال الطفولة، ومرّنتُ أصابعي معها برشاقة من دون حساب للسنوات.

العازفة لبابة الباروكي

تقدمت إلى معهد "فريد الأطرش" في "السويداء"، وقبلت فيه، وكانت البداية لدراسة متخصصة مع الآلة التي اخترتها. سنوات غنية بالبحث والدراسة والتدريب على يدي مدربين محترفين أعترف بفضلهم، مثل: الموسيقار "معين نفاع" مدير المعهد، وفي الصولفيج اعتنى بي عازف العود "أدهم عبيد"، ومدرسون أكن لهم الاحترام والتقدير على جهود جعلت رحلة السنوات التسع شائقة ومفيدة؛ تخرجت فيها بتقدير امتياز».

وتضيف: «عنوان الرحلة متعة مع آلة رافقت والدي في صناعتها بيديه، وتعرفت إلى كل الأجزاء والأنواع منها، وسمعت عن تفاصيل وقصص عشاقها الكثير، لكنني لم أصل إلى مرحلة الاندماج الحقيقي إلا بعد الدراسة، والاستفادة من التمارين، التي كانت مواعيدها مقدسة، ليس لي فحسب، بل لعائلتي، لأنها رسمت معي الحلم، وكانت البيئة المحيطة خلاقة ومنتجة لأجواء لا يتوافق معها إلا نغم حساس، إذ لا يعني كثيراً أن نطبق نوتة معينة أو نجيد في إظهار المهارة، بل هي لمحات من فرح، خلق هذا النغم لسردها. حتى في لحظات الحزن؛ به يرسم الأمل، لأنه حالة إحساس ترتقي في قلب العازف، وتمكنه من إسعاد من حوله. وبالنسبة لي كان إسعاد من يتابعني غاية، وتفاعله مع العزف دليل إجادة وسعادة حقيقية أعيشها».

لوحة التكريم من معهد فريد الأطرش

طالبة الشهادة الثانوية المتفوقة والعازفة تضيف: «تخرّجت في المعهد، ولدي رغبة كبيرة بالعطاء، وكنت مشاركة دائمة في حفلات المعهد، ومع عدة فرق إلى جانب نشاطي الخاص في حفلات الصولو، ودعيت للتدريس في المعهد لأنتقل من مقعد الطالبة إلى المدرّسة أقدم ما اكتسبت من مهارات إلى طلاب جدد، في مرحلة كنت فيها أستعد للدراسة الثانوية، لأقوم بالمهمتين معاً؛ أدرس وأدرّس، وأشغل وقتي بالكامل، وكانت النتائج أيضاً جيدة أرضت طموحي، لأتمكن من التسجيل في جامعة "دمشق" هندسة طاقة، وفي الجامعة الافتراضية، هندسة معلوماتية».

"لؤي عماد" رئيس القسم الشرقي في معهد "فريد الأطرش" يرى أن الكمان جزء لا يتجرأ من روحها، ويقول: «"لبابة" العازفة الأولى في الفرقة الشرقية التي كان لي شرف قيادتها لأكثر من حفلة، كنت أراقب عزفها لتنقل لي شعوراً أن هذا الكمان جزء لا يتجرأ من روحها، فهما واحد، وتجد حالة من الاندماج تدل على رقي هذه العازفة وتفوقها.

رئيس القسم الشرقي بمعهد فريد الأطرش لؤي عماد وأعضاء فرقته

موهبة واعدة تبشر بمستقبل موسيقي جميل على صعيد العزف، وعلى صعيد التأليف عازفة من الطراز الأول في الإحساس والتكنيك بذات الوقت. تمتلك ذهناً موسيقياً نيراً يتناول الموسيقا كعلم وموهبة، انتقلت معها بالوراثة كيف لا؟ ووالدها رباها على جميل النغم، وما للموسيقا من أهمية وقيمة لديه، ولجيل من العازفين الكبار، الذين عانوا الكثير في مسيرهم للمحافظة على الموسيقا الأصيلة والراقية، و"لبابة" نموذج جميل لجيل تربى على يديه».

يعيد النجاح إلى موهبتها وقدرتها على التنظيم بين الدراسة والموهبة، حيث يقول والدها العازف "أيمن الباروكي": «من الظلم أن نعيد تفوق "لبابة" إلى البيئة الموسيقية التي نشأت بها ورعايتي فقط، الحقيقة إنها موهوبة، وقدمت دليل نجاحها منذ الطفولة، فهي موسيقية بالفطرة؛ لأنها كانت قريبة بالإحساس والتماهي مع اللحن.

فرضت حضورها بحكم اندفاعها للحصول على المعرفة، وكانت تنسجم مع التدريب وتتفاعل بطريقة مختلفة عن طلاب كثر، واليوم تقدم مهارتها إلى طلابها بذات الطريقة، وتستعد للمشاركة في كافة الحفلات التي تقدم الموسيقا برقي، ومع الفرق التي تعطي للموسيقا وزنها».

ما يجدر ذكره، أن "لبابة الباروكي" من مواليد مدينة "السويداء"، عام 1999.