ترك بصمة خاصة خلال مدّة قصيرة، جعلته واحداً من الأشخاص القادرين على تصوير الوجع السوري خلال الحرب، حيث صوّر سلسلة من اللوحات التي نالت الإعجاب والاهتمام؛ لإيمانه بأن الفن قادر على زرع السلام والمحبة في "سورية" على الرغم من كل شيء.

"نمر هلال" الذي ترك دراسته الأكاديمية بسبب موقف فني بحت، وجد في المدرسة الواقعية طريقاً للخلاص، لا تجاريها أي مدرسة أخرى، تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 تشرين الثاني 2018، عن الهدف من مشروعه الذي يتابع العمل فيه منذ مدة، فقال: «كانت صورة تلك السيدة السورية التي تودّع ولدها الجندي عاملاً حاسماً في هذه السلسلة من اللوحات، حيث كان تأثيرها كبيراً، ولم أستطع تجاوزها إلا في رسمها كما هي، مع الكلمات التي ذكرت على لسانها، بعد ذلك قررت توثيق ما يجري في الوطن ضمن قصص إنسانية تخاطب القلب والعقل، وتوثق "سورية" الحضارة والسلام، وعندما أنتهي من السلسلة التي باتت في رأسي، يمكن أن أضع كل الذي أنجزته في معرض فردي. اللوحات التي رسمتها كانت قياساً واحداً، والهدف أن تكون فيما بعد عبارة عن كتيب صغير يحكي القصة، ويصبح في متناول الناس أيضاً».

تجربة "نمر" تنبئ بمستقبل فني واعد، والمراهنة هنا على إيمانه القوي بإمكانياته وموهبته المتفردة، واعتماده الأسلوب الأكاديمي في إخراج العمل الفني، إن كان في النحت أو التصوير؛ إذ يجب أن نؤمن بوجهة نظره باعتماده الأسلوب الكلاسيكي في تنفيذ العمل، لأنها صحيحة، وهي الوحيدة التي تمكّنه من امتلاك شروط بناء العمل الفني بأسلوب متوازن، ومن بعدها المضي في تطوير أسلوبه الخاص

المتابع لعمله الفني يجد خطاً من القهر والحزن لا يمكن نكرانه حتى لو كان العمل الفني مشبعاً بالأمل والألوان الزاهية، حيث يقول عن ذلك: «أعيش حالة انعزال عن البشر وكل ما حولي، وهو ما يؤثر في العمل الفني، فالخطوط هي اللا وعي في النهاية، ويمكن أن تتفلت من عقالها حتى لو كانت الفكرة عن الفرح أو الشمس. ما جرى في وطني محرض كبير على صنع شيء، وعلى الرغم من الوضع المادي الذي يحكمنا ويسيطر على تفكيرنا وتحركاتنا، إلا أن الهاجس الدائم للعمل والإبداع حاضر بقوة؛ لذلك تراني منعزلاً عن العالم لإنجاز المزيد من العمل، وفي الوقت نفسه لتأمين لقمة العيش بمصالح أخرى تقيني الحاجة والعوز».

اللوحة التي تمثّل السيدة السورية الصابرة

ترك كلية الفنون الجميلة من السنة الأولى لأسباب خاصة، معتمداً في مشواره ما اكتسبه من موهبة فطرية، ودراسة أكاديمية لتطوير عمله، وكان لأوقات طويلة معيناً لزملائه في التسويق، وهو ما ترك أثراً كبيراً من المحبة لشخصيته، حيث قال: «قد تبدو الحالة في ترك الكلية والدراسة فريدة وغير مفهومة للكثيرين، لكنني اتخذت طريقي وحيداً، والمشكلة الأساسية كانت عن الفن الواقعي، حيث عدّه الأكاديميون في الكلية تقنية فقط، وأنا أعدّه فناً خالصاً، وتمسكت برأيي على الرغم من علمي بأنني سوف أرسب وأخرج خالي الوفاض. لكن الأمر لم يكن كما ظنه الزملاء، أو أنه خارج من عقل صغير، فهو تحدّ أواجه تبعاته يومياً، وأحاول أن أثبت أنني على صواب من خلال عملي وفني في النحت والتصوير.

وفيما يتعلق بتسويق الأعمال الفنية لي ولزملائي، فهو أمر أعدّه مكملاً لرسالتي الفنية، فالتسويق حق مشروع لنا كي تظهر أعمالنا وتنتشر، وفي الوقت نفسه نعيش بكرامة، فنحن كباقي البشر بحاجة إلى المادة كي نستمر».

عائلة سورية صامدة

يؤكد "هلال" أنه نحات أولاً، ومصوّر ثانياً، لكن مشاريعه في النحت مؤجلة حالياً حتى يحقق ما يفكر فيه، ويقول عن رأيه في المدرسة الواقعية: «أحبّ النحت كثيراً، وهو حلمي؛ فالرسم والنحت متلازمان بالنسبة لي، لكن طموحي أن أختص بالنحت على الرخام فقط، أعشق الحجر الرخامي كثيراً، لكنه بحاجة إلى إمكانيات كبيرة. كما أنني من عشاق المدرسة الواقعية والتفاصيل الصغيرة والدقيقة، أحاول في أعمالي نشر الجمال، وأشعر بأنني نقطة صغيرة في بحر هذا الفن الواسع، وهناك لقطات واقعية عظيمة لا أحد يستطيع التحوير فيها؛ لأن الواقعي أبو الفنون، وهو الفن الذي نقل حضارات الشعوب بكل أمانة».

الفنان التشكيلي "طلعت كيوان"، تحدث عن تجربة "هلال" الفنية بالقول: «تجربة "نمر" تنبئ بمستقبل فني واعد، والمراهنة هنا على إيمانه القوي بإمكانياته وموهبته المتفردة، واعتماده الأسلوب الأكاديمي في إخراج العمل الفني، إن كان في النحت أو التصوير؛ إذ يجب أن نؤمن بوجهة نظره باعتماده الأسلوب الكلاسيكي في تنفيذ العمل، لأنها صحيحة، وهي الوحيدة التي تمكّنه من امتلاك شروط بناء العمل الفني بأسلوب متوازن، ومن بعدها المضي في تطوير أسلوبه الخاص».

قلم رصاص

الجدير بالذكر، أن المصوّر الشاب "نمر هلال" من مواليد قرية "خلخلة" في الريف الشمالي لمحافظة "السويداء"، عام 1998، شارك في العديد من المعارض الفنية الجماعية، وأقام معرضين فرديين، وتنتشر أعماله في المنازل وصالات العرض في "السويداء" و"دمشق".