لم ينتظر "علاء الجغامي" و"مرح القضماني" سنة التخرج، لتقديم أفكارهما العلمية، وعرضا أول إنتاج لهما؛ جهاز تخطيط القلب بتقنية حديثة هيأت سهولة الاستخدام بتكلفة أقل، بل قاما بعرض ذلك الاختراع في معرض يتواجد فيه آلاف الزوار.

الجهاز الذي شغل تفكيرهما كان من صلب التخصص في بحث جادّ لابتكار تصاميم تضيف إلى التجهيزات الطبية جديداً، يكفل خدمة المريض والطبيب، وتؤسس لأفكار مرنة تساعد على الاستفادة من علومهما على أرض الواقع.

أهم الصعوبات عدم توفر بعض الدارات الإلكترونية المتكاملة الضرورية، التي لا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها؛ وهو ما أوقف المشروع عدة أسابيع بانتظار وصول العناصر الإلكترونية من مصادر خارجية، وبما أن العمل كان على تكلفتنا الخاصة، فإننا نأمل بالحصول على دعم لتميكن أفكارنا التي نضعها لتطوير الجهاز بمشاريع قادمة، فهذا الشكل الأولي للجهاز، ولدينا فرص علمية كبيرة لإضافة الأفكار

الجهاز تجربة مبشرة لأجهزة قادمة، كما تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 18 أيلول 2018، "علاء ممدوح الجغامي" (سنة رابعة هندسة طبية) خلال تعريفه بالجهاز الذي صممه وزميلته "مرح"، وعرض في "معرض دمشق الدولي" في دورته الأخيرة هذا العام ضمن معرض "الباسل للإبداع والاختراع"، وقال: «جهاز تخطيط قلب محمول صغير الحجم وسهل التنقل، بفكرة اقتباس جديدة وخارجة عن المألوف للشكل الذي تعودناه لهذا الجهاز.

مرح القضماني وعلاء الجغامي

وتعتمد طريقته على مقابض عالية الناقلية يكفي أن يلتقطها المريض بين راحتي كفيه لتظهر إشارة من خلال شاشة الحاسوب، لتكون من أيسر الطرائق لإنجاز تخطيط القلب بمدة زمنية جيدة، بالاعتماد على جهاز صغير جداً يمكن نقله بسهولة، إلى جانب طريقة الاستخدام البسيطة، فهذا الجهاز لأول مرة يطبق في جامعة "دمشق" أو جامعة "تشرين" في قسم الهندسة الطبية بشقيه البرمجي والمادي».

ويتابع عن فكرة الجهاز: «أفكار كثيرة كانت خلف اختيار هذا الاختصاص لما له من أهمية لمراقبة فيزيولوجيا الجسم البشري، ولقدرة الطبيب على تشخيص العديد من الأمراض بمراقبة مخطط القلب وعدّ النبضات التي لها مدلولات طبية مهمة، ومنها استوحينا فكرة الجهاز، وهي الاستعاضة عن (الإلكترودات) والتوصيل الصدري والطرفي باستخدام مقابض ذات ناقلية عالية؛ إذ يتم التخطيط فقط بالإمساك بها، وقد تم إعداد ورقة بحثية في إحدى الجامعات الكندية لتناقش هذا التطوير باستخدام أجهزة المراقبة والتشخيص القلبية؛ وهو ما خلق الحافز للعمل على هذا المشروع، وهناك فكرة مشروع ستكون الأولى من نوعها، سيتم العمل عليها من أجل مشروع التخرج من ناحية، ومن أجل التقديم والمنافسة للمحافل التقنية المقبلة من ناحية أخرى، فالهدف ليس الحصول على معدل مناسب للتخرج، بل إيجاد أفكار قابلة للتطبيق وتقديم الفائدة العلمية».

الجهاز الذي تم تصميمه

ويضيف "علاء": «من وجهة نظري ما يحفز طالب الهندسة الطبية أمور كثيرة تبدأ من الدارسة، وما يطلع عليه من مناهج يستطيع من خلالها التعاطي مع كمّ كبير من الأفكار التي يمكن البحث والدراسة وتطبيقها بحلم كبير، وأن تكون له بصمة في مجال تقديم أفكار جديدة تساهم في تحسين وتطوير التجهيزات الطبية، وإنتاج ابتكارات محلية، وعدم الارتهان للتقنية القادمة من الخارج، ففي هذا المجال كغيره من التخصصات فرصة للتجربة والبحث لتحقيق هذا الحلم، وكطلاب وضمن التحضير لمشروع تطبيقي مقرر للسنة الرابعة، عملنا بعزيمة كبيرة لنحصل على أي فكرة تدعم مشروعنا، فهو ركن أساسي في عملية التحضير للتخرج، ولا ننكر أنه كان تجربة غنية أتعبتنا كثيراً لنصل إلى مرحلة تكوين الفكرة، والنتائج كانت مرضية، لكنها ليست نهاية المطاف».

وعن مزايا الجهاز، تحدثت "مرح بسام القضماني" (سنة رابعة هندسة طبية)، وشريكة "علاء" بمشروع تصميم وتطبيق الجهاز، وقالت: «تميزت هذه الفكرة بعدة ميزات؛ أولها صغر حجم الجهاز مقارنة بأجهزة التخطيط المستخدمة، إلى جانب التكلفة المادية الزهيدة جداً مقارنة بأسعار الأجهزة في المستشفيات والعيادات، سهولة وبساطة الاستخدام مع إمكانية تعديل الإشارة والتحكم فيها، والحصول على إشارة واضحة من خلال برنامج سهل الاستخدام لأي شخص، وعليه هذا الجهاز يحقق إمكانية الاستخدام في المكتب والعيادة والشارع وأي مكان يستعمل في حالات المراقبة والحالات الإسعافية، وتشخيص بعض أمراض القلب الواضحة، التي يمكن أن ترى بمركب الإشارة، ولغة البرمجة باستخدام برنامج الماتلاب، فبعد اقتباس الإشارة يتم إدخالها إلى الحاسوب ومعالجتها وتنقيتها بشكلها الأمثل باستخدام هذا البرنامج، وهو يتعامل بأسلوب الواجهات الرسومية سهلة الاستخدام من قبل غير الخبير بالبرمجة».

سامح صلاح الدين

وعن أهم الصعوبات، تضيف: «أهم الصعوبات عدم توفر بعض الدارات الإلكترونية المتكاملة الضرورية، التي لا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها؛ وهو ما أوقف المشروع عدة أسابيع بانتظار وصول العناصر الإلكترونية من مصادر خارجية، وبما أن العمل كان على تكلفتنا الخاصة، فإننا نأمل بالحصول على دعم لتميكن أفكارنا التي نضعها لتطوير الجهاز بمشاريع قادمة، فهذا الشكل الأولي للجهاز، ولدينا فرص علمية كبيرة لإضافة الأفكار».

عن الجهاز وبعد متابعة عملية عرضه تحدث "سامح صلاح الدين" (طالب في السنة الخامسة للهندسة الميكانيكة) في "السويداء"، وقال: «كنت من المشاركين بمعرض "الباسل"، وتابعت مجريات "معرض دمشق الدولي" في دورته الستين عندما قام "علاء" و"مرح" بعرض الجهاز، وسمعت آراء الزوار به، وقد استهلك الكثير من الوقت للخروج بهذه النتيجة المميزة، لكونه جهازاً يعتمد لغة برمجية سهلة، ويمكن استخدامه في أي مكان، فهو مؤهل للاستثمار كجهاز صغير لديه قابلية النقل والحمل بتكلفة لا تقارن مع الأجهزة الاعتيادية، وهنا لن ننسى الدقة، ويكفي لك أن تمسك الجهاز براحتيك ليتم التخطيط من دون أي عمليات معقدة.

فقد قام زوار من "لبنان" والدول المجاورة باختباره، وهم من أصحاب التخصص، وعرضوا أفكاراً لاستثمار المشروع، لكن الطالبين رفضا العرض لكون المشروع قابلاً للتطوير، ولديهما أفكار قادمة ستكون أكثر تأثيراً من التجربة الأولى، مع العلم أن المشروع تمّ على نفقتهما الخاصة وبحثهما الطويل، لكنه من وجهة نظري يؤسس لتطور علمي مهم يمكن أن يحقق خطوات أوسع على مستوى هذه الأجهزة في تخصص أمراض القلب والشرايين في حال توفر الدعم اللازم لإطلاق ورشة صغيرة للتطبيق ودعم خطواتهما».

ما يجدر ذكره، أن "علاء ممدوح الجغامي"، و"مرح بسام القضماني" من مواليد "السويداء" عام 1996، سنة رابعة في كلية الهندسة الطبية الحيوية بجامعة "دمشق"، وقد أعدّ هذا الجهاز من أجل نيل علامة مقرر مشروع تطبيقي في السنة الرابعة في كلية الهندسة الطبية الحيوية، جامعة "دمشق"، وقد شارك هذا الجهاز بمعرض "الباسل الدولي للإبداع والاختراع" في قسم الاختراعات في المجالات الطبية، ونال علامة 93% بتقدير لجنة المناقشة من قسم الهندسة الطبية؛ وهي أعلى علامة تمّ منحها للمشاريع التطبيقية هذا العام.