يعبّر "حسين السنيح" عن إدمانه القراءة بطريقة يرغب بتعميمها لدى الشباب، والخروج برؤية قائمة على الأدلة والثوابت مقدماً ثلاثة إصدارات فلسفية قبل تجاوزه الربيع الثاني والعشرين.

فقد التحق بركب الثقافة بجهود ذاتية، فشغل أفكاره وسار به إلى مجالات عميقة في دراسة العلوم، وأصول البحث، معللاً اهتمامه بالدراسة بأسلوب وافق ميوله وتجربة قرر خوضها بدافع التخلص من الرؤى والمعلومات المعولبة، والمسلمات الاجتماعية التي ظهر تأثيرها السلبي بالمجتمع. وتحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 31 آب 2018، عن ذلك بالقول: «دفعني الفضول لمعرفة قدرات الإنسان، وقراءة كتاب عن طاقته الخفية وجدته في مكتبة المنزل لأذاكره بعمق وأتشرب أفكار كاتبه، في تعطش للمزيد واختبار الكثير من التجارب التي طرحها الكتاب كمنهج للحياة والتفكير الصحيح، وأخذت بناء على هذه التجربة أجمع ما يؤيدها أو ينفيها لأصل في النهاية إلى أن ما جاء في مرجعي الأول عبارة عن مغالطات وأفكار ليس لها سند واضح في العلم، وأكدت تجربتي الخاصة ذلك، لأنقد في النهاية ما ذاكرت في هذا الكتاب، ولم أشعر بالأسف، لأن هذه التجربة أزالت غمامة كبيرة عن عيني وأخذتني باتجاه البحث لغاية البحث والمعرفة ووضع اليد على إجابة شافية مقرونة بالدليل والبرهان.

لن أقيس تجربتي الشخصية على كل الشباب، ومن هم بعمري، لكن في مرحلة كنت فيها طالباً في قسم الآثار والمتاحف في جامعة "دمشق" فرع "السويداء"، ولم أتمكن من إكمال الدراسة لأنني لم أجد رابطاً حقيقياً بين ما أرغب في تحقيقه من تغيير، وبين الدراسة الجامعية بمناهج عفا عليها الزمن ولم تتطور. ليس هذا السبب الوحيد، لأننا كطلاب درسنا وفق نماذج أتصور أنها بعيدة إلى درجة معينة عن فكرة جذب الطلبة للكتاب والمطالعة، ليس لغاية إشغال الوقت بقدر تأسيس شخصية الشباب والتعود على البحث، وتعزيز السؤال لديهم عن أي فكرة، لتكون لديهم قدرة على النقد ومعرفة الخطأ من الصواب، وليس أفكاراً مسلمة تعاد وتلقن، لذا نجد الشباب بعيدين عن الكتاب والقراءة بوجه عام؛ وهذا ما يمنع عنهم فوائد الكتاب وما يقدمه من فرص لحياة معرفية وسليمة

كل ذلك لم يكن ليتحقق لولا مطالعات بدأت ببحوث "البارا سيكولوجي"، وما وراء الطبيعة، وعناوين تتلاقى على فكرة البحث العلمي والفلسفة والمنطق والعلوم الطبيعية، وأصول البحث العلمي، ليكون لكل مرجع تتمات علمية أسير وفقها لأصل إلى ضالتي. في هذه المرحلة كانت شبكة الإنترنت نافذة غنية ومرجعاً استطعت من خلاله -مع مهارة الترجمة من الإنكليزية- الحصول على ما شعرت بأنه كفيل ببناء رؤيتي الشخصية وتأسيس أفكاري الخاصة التي تخرج من إطار التصلب وعدم الخضوع للفكرة السائدة لتكون "لماذا" باباً عريضاً لأفكار جديدة».

حسين السنيح في توقيع كتابه الأول

بين استسهال الشباب والتهام الثقافة السطحية والتماهي إلى العمق فرق يعيده إلى أسباب يوضحها بالقول: «لن أقيس تجربتي الشخصية على كل الشباب، ومن هم بعمري، لكن في مرحلة كنت فيها طالباً في قسم الآثار والمتاحف في جامعة "دمشق" فرع "السويداء"، ولم أتمكن من إكمال الدراسة لأنني لم أجد رابطاً حقيقياً بين ما أرغب في تحقيقه من تغيير، وبين الدراسة الجامعية بمناهج عفا عليها الزمن ولم تتطور.

ليس هذا السبب الوحيد، لأننا كطلاب درسنا وفق نماذج أتصور أنها بعيدة إلى درجة معينة عن فكرة جذب الطلبة للكتاب والمطالعة، ليس لغاية إشغال الوقت بقدر تأسيس شخصية الشباب والتعود على البحث، وتعزيز السؤال لديهم عن أي فكرة، لتكون لديهم قدرة على النقد ومعرفة الخطأ من الصواب، وليس أفكاراً مسلمة تعاد وتلقن، لذا نجد الشباب بعيدين عن الكتاب والقراءة بوجه عام؛ وهذا ما يمنع عنهم فوائد الكتاب وما يقدمه من فرص لحياة معرفية وسليمة».

ساندي نصر الدين

في عمر مبكر دخل دور النشر ككاتب، وتمت الموافقة على نشر كتبه الثلاثة، كما قال: «تعلمت المبادئ ومنهجية كتابة الأبحاث، وبحثت في الهوامش وضعت مخططاً للكتاب لأطرح كتباً تأسيسية للفكر تعتمد الموضوعية وتجمع حصيلة إلى جانب ما عملت على البحث في أصوله وترجمته، ليكون كتابي الأول بعنوان: "العدم الخلاق" الذي يتحدث عن نشأة الكون وتشكل الأرض، ويعرف العدم فيزيائياً والتموجات الكمومية والبلازما الكونية ونشأة الكون وتشكل الذرات والإلكترونات وما تبعتها من مراحل سجلها العلم، وأجزاء من كتب مهمة ترجمتها ضمن الكتاب لتكون مفهومة للجميع بطريقة مبسطة.

كتاب "جذور المعرفة" زمنياً هو الكتاب الأول الذي ألّفته، لكن نشره تأخر من قبل هيئة الكتاب، ومن خلاله حاولت الإجابة عن سؤال: كيف نبني تفكيرنا ونقيم أي حدث؟ وكيف نتحقق ونصحح المغالطات المنطقية والحجج المفرغة من المعنى ونبني فكرة نقيم من خلالها الصالح لزمننا والتركيز على خصائص المنهج العلمي وتعريف النظرية العلمية بالاعتماد على قاموس "أكسفورد". والفصل الأخير يتحدث عن العلم والدين والعلم والمجتمع والعلم والأيديولوجية.

وتحت عنوان: "الذرة البيولوجية" تناولت علم الخلية والعمليات الداخلية البيولوجية داخلها، والمراجع التي تحكي عن نشأة الخلية التي تكونت منها أجسادنا، ونتطرق إلى علم "الابجينتك" تأثيره بالسلوك والهندسة الوراثية، في حالة مرض السرطان مثلاً، لعلها تثير الانتباه إلى العلوم الزائفة، والفصل الأخير عن الشيخوخة، وهل سنصل إلى الخلود؟».

حس ثقافي يفتقد إليه الكثيرون من الشباب، فكرة تحدثت عنها "ساندي نصر الدين" منسقة مركز الشباب في جمعية تنظيم الأسرة في "السويداء"، وقالت: «الثقافة سلوك اجتماعي، ومعيار موجود في المجتمعات البشرية، كل شخص منا لا يشعر بقيمة الحياة وقيمته إلا من خلال عمل يمارسه، وإن كان هذا العمل من الأعمال المحببة إليه يشعر بلذة ومتعة خاصة. وبالنسبة للشاب المتطوع "حسين السنيح" من خلال أول جلسة قدمها في مركزنا مركز شباب جمعية تنظيم الأسرة فرع "السويداء" تحت عنوان: "الاعتقاد والوعي الزائف". رأيت أن لديه حساً ثقافياً يفتقر إليه الأغلبية من شبابنا، وغنى واسعاً ورؤية جميلة تجسدت من خلال شغفه الواسع وعمق حبه، وتطلعه للعلم والمعرفة، ومن هنا تتالت عدة جلسات أخرى له، مثل: "العلم مقابل الخرافة، والذاكرة والتذكر". وشارك بعدة ورشات إضافية مع فريق "ثريا" حول أهمية التنوع الثقافي، وكذلك ورشة بعنوان "المواطنة".

ولم تكن مفاجأة بالنسبة لي تبنيه للكتابة ونشر أول كتاب له، فقد لمست ما امتلك من ثقافة تدل على نموذج من الشباب الواعي على الرغم من صغر سنه، ونعلم أهمية دور الشباب في تنمية المجتمعات وبنائها، والمجتمعات التي تحتوي نسبة عالية من الفئة الشابة المثقفة هي مجتمعات قوية؛ لأن طاقة الشباب الهائلة هي التي تحركها وتجسدها».

ما يجدر ذكره، أن "حسين السنيح" من مواليد عام 1996، دخل عالم الكتابة والنشر ليوقع كتابه "العدم الخلاق" في معرض مكتبة "الأسد" للكتاب هذا العام، والصادر عن دار "ظمأ"، بانتظار إصدار كتبه الباقية، مؤكداً أن كتبه عبارة عن ولوج إلى عالم أساسيات البحث العلمي ومبادئ العلوم الأساسية بجهد ذاتي، ودراسة لما نشر على هذا المستوى للتوجه إلى دراسة أكاديمية.