على رؤوس الأصابع محلقة بروحها إلى الأعلى لقادم أجمل، تقتنع "يارا خضير" أن الباليه سيقودها إليه، وهي إحدى الراقصات الشابات انتمت إلى الباليه الفن والرياضة، وسعت إلى نشره بهمة وعطاء.

كانت بداية المشوار مع الجمباز الراقص لتكون بين صفوف لاعبات الجمباز الراقص في الاتحاد الرياضي وتؤسس تجربة تصاعد إنجازها بدافع كبير من شعورها بأهمية الباليه وحظوظه كفن بقي مغيباً عن المساحة الجماهيرية، محاولة تقديم فرصة نشره لشابات من مختلف الأعمار برغبة التأسيس لفرص انتشار أوسع، كما تحدثت من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 31 آب 2018، وقالت: «بدأت مع الجمباز الإيقاعي بداية وسجلتني أمي في تدريب تابع للاتحاد الرياضي في "السويداء" قبل عشر سنوات، كنت متحمسة لهذه الرياضة ألتزم بالتدريب وأعطيه الوقت المناسب والكافي لأتطور باستمرار؛ وهو ما أهلني إلى المشاركة بعدد من البطولات بوصفي بطلة منتخب، حيث تمكنت من الفوز بالمركز الثاني في بطولة الجمهورية عام 2011. الفكرة لم تتوقف عند المشاركة بالبطولات، وهذه اللعبة التي منحتني المهارة الرياضية اللازمة، لأتحول إلى الباليه الذي كان منذ البداية رياضتي المفضلة التي أطمح إلى إتقانها.

عندما باشرت التدريب التقيت شابات كانت لديهن رغبة في الالتحاق بالتدريب، ولأنني أثق بأن الرياضة لكل الأعمار وفي أي مرحلة، افتتحت صفوف باليه لمجموعات متعددة لصبايا فاتتهم فرصة التدرب في الصغر ليحققن هذا الحلم، ويتشاركن معي عشق الرقص على رؤوس الأصابع بخفة وجمال

فقد تكون صور الراقصات العالميات على المسارح وشفافية البالورينة وخفتها مما جذبني إلى هذا العالم الشيق واللطيف، الذي يتفاعل به الجسد مع الموسيقا ليرسمان معاً لوحة فنية، تطلق فيها الراقصة أحلاماً ورسائل إنسانية راقية تتحدث عن المرأة كطاقة جمال وحنين وحب تتنقل بعشق وتوق إلى الجمال، ليبقى هذا الجمال عالمي المسحور الذي حول اهتمامي إلى التدرب والمتابعة مع الباليه بمفردي؛ فهذه الرياضة الفنية لغاية هذه المرحلة لم تجد الظروف المناسبة للانتشار، مع العلم بوجود مواهب متميزة لكنها بقيت تعاني ندرة المراكز المتخصصة والمدربين والمدربات.

"البالورينة" يارا خضير

وبقيت أعمل بإصرار لأضع بصمتي الخاصة في هذا المجال وأتابع المشاركة مع عدد كبير من الفرق والفعاليات في فقرات الباليه على المسارح، مؤدية رقصات أتدرب عليها بمفردي، وقد شاركت ببطولات على مستوى القطر مع وجود مدربين روس وحصلت على نتائج جيدة، واتبعت عدداً كبيراً من دورات التحكيم والتدريب بمجالي، ومنذ عام اعتمدت مدرّبة من الاتحاد الرياضي».

انتقلت إلى القرى لتدريب الهواة، وأسست مشروعها الرياضي الخاص لتحقق حلمها في نشر اللعبة، وقالت: «بعد اعتمادي كمدربة باتت فرصي أكبر لنشر الباليه والتعريف به، حيث انتقلت إلى عدد من القرى، مثل: "الكفر"، و"رساس"، و"قنوات"، و"القريا"، و"الرحى". وكوّنت مجموعات من هواة الباليه، وقمت بوضع برامج تدريبية لتكون مهمتي تدريب عدد كبير من الهواة؛ وهذا ما جذب الكثيرات بأعمار مختلفة للتواصل معي والالتحاق بالتدريب والتعرف إلى هذه الرياضة الراقية، وبالفعل كان لهذه المرحلة أثر كبير في التحضير لمشروعي الخاص، حيث افتتحت مركزي الخاص لأقدم تدريباً دائماً وأبدأ مع أطفال صغار وأحضرهم لبطولات ومشاركات رياضية جديدة، ووصل عدد طلابي الملتحقين بالتدريب إلى 300 طالب خلال عام واحد؛ وهذه خطوة أعدّها جيدة».

من عروضها في دمشق

الباليه لكل الأعمار فكرة عبرت عنها بالعمل والتواصل مع المجتمع، وقالت: «عندما باشرت التدريب التقيت شابات كانت لديهن رغبة في الالتحاق بالتدريب، ولأنني أثق بأن الرياضة لكل الأعمار وفي أي مرحلة، افتتحت صفوف باليه لمجموعات متعددة لصبايا فاتتهم فرصة التدرب في الصغر ليحققن هذا الحلم، ويتشاركن معي عشق الرقص على رؤوس الأصابع بخفة وجمال».

عن رقصتها على أضواء وزينة "القيميرية" في "دمشق" التي شغلت وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان: "فتاة ترسم الفرح"، قالت: «الفنان التشكيلي يعبر باللون، والمغني يستمتع بصوته يفيض طرباً مع أجواء الفرح، وراقصة الباليه مثلي وسيلتها حركات رشيقة عبرت فيها عن فرحي بزينة "القيميرية" مع العيد وانتظارنا لعيد نخرج معه من حالة الحزن إلى عالم تسطع فيه أضواء الفرح والبهجة، وقد تناول الصحفي الأستاذ "رامي كوسا" هذا التفاعل وكتب عنه من وجهة نظره وعدد من الصحفيين، وقد كانت الفكرة بين تأييد ورفض، ومن وجهة نظري لم أكترث كثيراً لردود أفعال غريبة؛ فمن وجهة نظري الأداء كان عفوياً بكل المقاييس، الجمهور متنوع، ومن الطبيعي جداً أن تكون ردود الأفعال متنوعة، ولماذا يكون الاستغراب؟ ففي كل دول العالم يحتضن الشارع أجمل المواهب وتجد تقديراً من المارة، وإن رفضها بعضهم، وهناك من احترم المشهد وأعطاه حقه من التعبير الجميل، ولن يغير ذلك من قناعتي بأنني عبرت في المكان المناسب عن رشفة فرح بسيطة رقص قلبي معها في مدينة "الياسمين" التي حزنت كثيراً وآن لها أن تفرح».

مع طالباتها هيا القضماني وبلقيس جعفر أثناء التدريب

"هيا القضماني" إحدى طالباتها التي انتقلت معها من "قنوات" إلى "السويداء" لمتابعة التدريب، قالت: «كانت المدرّبة "يارا" أول مدرّبة باليه توجد في نادي قريتي "قنوات"، وكان أهلي بانتظار هذه الفرصة لألتحق بها وأحصل على فرصة تدريب مناسبة لكوني أعشق الجمباز، ورغبت بالتدرب على الباليه، معها بدأت أتعلم بسرعة أصوله وأهتم بالاستفادة من كل ما تقدمه من تدريبات ومعلومات مميزة تدل على خبرتها، وقد التزمت مدة طويلة بالنادي ودربت عدداً كبيراً، وقد أسست لهذه اللعبة جيداً بأسلوب جميل جعلني أتابع معها، حيث انتقلت معها إلى ناديها الخاص لأكمل تدريباتي لكوني في مرحلة عمرية مبكرة ولدي فرصة للتطور والمشاركة ببطولات قادمة، وأعدّ نفسي وفقت وأنا طالبة الصف الثامن بالحصول على هذه الفرصة خاصة معها؛ لكونها تهتم بالتدريب والطالب لتكون معه في كل التفاصيل».

"بلقيس جعفر" وجدت فرصتها للتدريب على الباليه وهي على أبواب التخرج، قالت: «أنا طالبة في كلية العمارة ترفعت إلى السنة الخامسة، بقيت أمنية منذ الطفولة أن أتدرب على رقص الباليه، وكانت أمنية تشبه المستحيل مع ندرة النوادي والمدربين، وعندما أعلنت "يارا" عبر صفحتها عن استعدادها لتدريب مختلف الأعمار، تواصلت معها وأكدت لي أنها قادرة على افتتاح صفوف لأعمار مختلفة، وبالفعل تابعت معها وأكدت فكرتها وحققت لي أمنية كبيرة، وقد باشرت مع زميلات من عمري، وقد استفدنا كثيراً من هذه الفرصة.

اليوم وبعد أشهر من التدريب نؤدي حركات متنوعة لم أتوقع أنني سأمتلك المرونة لتأديتها، لكن التدريب واهتمامها بنا جعل التجربة تتطور لأشجع صبايا غيري على الالتحاق، والاستفادة من التدريب المتميز، وجعل الباليه إحدى وسائل التعبير لديهن لكونه رياضة وفناً راقياً جميلاً».

ما يجدر ذكره، أن "يارا خضير" من مواليد "الكفر" عام 1998، طالبة معلم صف في جامعة "دمشق"، و"إعلام" في التعليم المفتوح في سنتها الأولى، شاركت مع عدد من فرق الفولكلور والفرق المسرحية أحلامها الكبيرة مع الباليه، كرمت من عدة جهات.