بعشق كبير لقراءة وكتابة الشعر، استطاع الشاعر الشاب "خالد أبو حجيلة" أن ينظم العديد من القصائد، ليعبّر عن مكنوناته شعراً ونثراً، ويجعل من كلماته موسيقا تمتع القارىء في كل حرف منها.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 17 تموز 2018، وعن دوافعه لكتابة الشعر يقول: «بدايتي مع الشعر كانت عندما سمعت ذات مرة الشاعر الكبير "نزار قباني" يلقي قصيدة "زيديني عشقاً" على شاشة التلفاز، كنت حينئذٍ في السابعة من العمر، ولفتتني تلك الموسيقا التي تنساب بلغة لا تقاومها الآذان، وكنت عائداً إلى "سورية" بعد ست سنوات في "ليبيا" مع عائلتي التي كان لها دور كبير في تنمية موهبتي الشعرية، فوالدي المعلم "ثابت أبو حجيلة"، ووالدتي "سميرة أبو الحسن" التي كانت متابعة جيدة لنشاطات المراكز الثقافية، وكانت تأتينا دوماً بقصص الأطفال التي تنمي الخيال، ومنذ ذلك الوقت اعتدت المطالعة، وعندما أصبحت في التاسعة بدأت كتابة أبيات بسيطة من دون علم والديّ، شعرت دوماً بفيض عميق بداخلي، أشبه بصوت صدى يصعد إلى مخيلتي فيرسم العديد من الصور، وكنت بحاجة إلى أداة أفرغ من خلالها هذا الصخب الداخلي، فالشعر حالة من التوتر والانفعال والتمرد على الذات؛ تمكنني من رسم مشاعري، وعندما اكتشفت أمي كتاباتي الشعرية البسيطة بعد مراقبتي، لأنني كنت أطيل الجلوس مع أوراقي تحت شجرة اللوز بجانب منزلنا، أخبرت أبي الذي شجعني على المتابعة، ولم يصدق أساتذتي في المدرسة أنني أنا من أكتب الشعر، واتهمت بسرقة أبيات الشعراء، لكنني لم أتوقف، بل تابعت كتابة وقراءة الشعر، والتعرف إلى الشعراء والأدباء في العصر الجاهلي؛ من خلال الكتب المتوفرة في مكتبة أبي، وبدأت عندها تعلّم العروض».

لم يمنعني تدريس اللغة الإنكليزية في الثانوية التي كان "خالد" أحد طلابها من أن ألحظ شغفه باللغة العربية، جمعنا هذا الشغف، ومن خلال الفسحة الصغيرة التي سمح لنا بها الوقت عرفت أنه يحب الشعر ويكتبه، قرأ لي ولرفاق الصف بعضاً مما حوى دفتره السميك، ثم سرعان ما انتقل هذا الدفتر إلى منزلي، حيث أحب "خالد" وأحببت أن أقرأ المزيد، لمست بمجرد القراءة بذور موهبة واعدة، أحببت قدرته على تجسيد الفكرة، التي كانت دوماً جديدة ومبتكرة، لم يعبها بعض الخلل في الأوزان، ولا محاولات قسر القافية، فحداثة التجربة كانت تغفر له، واللافت فيه أنه اجتهد ليتخلص من تلك العثرات، وبعد سنوات قليلة مضت يفاجئني بشاعرية حقة، وبساطة وعمق، وغنائية وموسيقا تمسك بها، ترافق القارىء من السطر الأول في قصيدته حتى آخر كلمة فيها، لقد دعم موهبته بالاجتهاد؛ أليس هذا ما يحتاج إليه الشاعر؟

وفيما يتعلق بمشاركاته وأسلوبه الشعري، يقول: «في عام 2010 لاحظت معلمتي "امتثال الكفيري" تميزي في اللغة العربية، فاقترحت اسمي للمشاركة في المسابقة الوطنية لتمكين اللغة العربية على مستوى الرابطة، وحصلت على المركز الأول، وشاركت في عام 2012 بحملة "صوت نساء الوطن" في المسابقة الأدبية الأولى، بعنوان: "المرأة السورية والأزمة"، وحصلت على شهادة تقدير في مجال تنمية المهارات، وفي ذات العام حصلت على المركز الأول في مسابقة شعرية أقيمت في "مدينة الشباب" بـ"دمشق"، وتم تكريم المراكز الأولى في محافظة "السويداء" على خشبة "مسرح التربية"، بتاريخ 4 تموز 2012، ولديّ الآن ما يكفي من القصائد لطباعة أول ديوان لي، ومن عناوين قصائدي: "العابرون"، "ستكبر"، "عروس النور"، "بندقية". وقليل من النصوص النثرية، منها: "تفجيران وموت"، "مخيلة"، "عبور"، وليس لدي أسلوب معين في الكتابة، بل أترك القصيدة لكي أنساب على سجيتها، لكن عند الكتابة بعمق أكون بحاجة إلى مساحات واسعة، فأفضّل النثر لكي أتعمق بالفكرة، فالشعر الموزون أحياناً يشكل قيداً على الفكرة ويحد من سقف القصيدة، لكن يبقى لكل أسلوب ميزاته وجماليته، وعلى سبيل المثال في قصيدة "تفجيران وموت" أقول:

شهادة تقدير

"لا ذنب لي فيما حدث

على المسرح

سوى أني كنت أحد العابرين

من شهادات التقدير

وقضت الأسباب أن أشهد.. مجزرة"

ومن إنتاجاتي النثرية، أذكر: "مساء دمشقي"، وأقول فيها: "عندما يطل القمر شاحباً على شرفات الأثير

والليل مشغول يحيك عتمته.. ويخبز الصراخ يتداخل الصمت.. في عروق الورد"».

وعن المواضيع التي يتناولها، يقول: «الشاعر ابن شعوره؛ أي موضوع أو قضية تحرض شعوره للكتابة، ويجب أن يكون قادراً على وصفه وكتابته، وهناك العديد من المواضيع التي يجب التطرق إليها، ومنها الوطن، وهو الكلمة الأولى والأخيرة التي ينشد فيها الشاعر أجمل ما عنده، والمرأة الملهم الأول؛ فمعظم كتاباتي الأولى كانت شعراً غزلياً للمرأة. وبالنسبة لموضوع الشهيد، برأيي لو اجتمع كل الشعراء ونظمت القصائد، لن تستطيع أن تنسج حول مثواه عقد غار واحداً كالذي ألبسه هو لوطنه، ومن المواضيع التي تستحق الانطلاق منها أيضاً، أطفالنا في الحرب ولغة السلاح التي فتحوا عليها أعينهم في وقت مبكر، وطرحت العديد منها في مجموعة "بناة الفكر" الثقافية، فالأزمة حملت تطورات وأدوات جديدة في لغتنا وأدبنا، وكان لمجريات الواقع أثر بالشعور العميق بالحزن جراء معايشته بكل تفاصيله، ومن خلال شعري أحاول أن تكون رسالتي التعبير عن الناس وأكون صوت الفقير، والمظلوم، والعاشق، أو الطفل في الحرب، وغير ذلك، أطمح أن يصل شعري إلى عامة الناس، ومثالي الأعلى الشاعران: "نزار قباني"، و"محمود درويش". ومن الصعوبات التي تواجهني كشاعر شاب عدم وجود منبر يرعى المواهب الشابة ويحتضنها، ويفسح لها المجال لتطوير أساليبها لضمان مستقبل أفضل لها».

الشاعرة "مها هنيدي" تقول عنه: «لم يمنعني تدريس اللغة الإنكليزية في الثانوية التي كان "خالد" أحد طلابها من أن ألحظ شغفه باللغة العربية، جمعنا هذا الشغف، ومن خلال الفسحة الصغيرة التي سمح لنا بها الوقت عرفت أنه يحب الشعر ويكتبه، قرأ لي ولرفاق الصف بعضاً مما حوى دفتره السميك، ثم سرعان ما انتقل هذا الدفتر إلى منزلي، حيث أحب "خالد" وأحببت أن أقرأ المزيد، لمست بمجرد القراءة بذور موهبة واعدة، أحببت قدرته على تجسيد الفكرة، التي كانت دوماً جديدة ومبتكرة، لم يعبها بعض الخلل في الأوزان، ولا محاولات قسر القافية، فحداثة التجربة كانت تغفر له، واللافت فيه أنه اجتهد ليتخلص من تلك العثرات، وبعد سنوات قليلة مضت يفاجئني بشاعرية حقة، وبساطة وعمق، وغنائية وموسيقا تمسك بها، ترافق القارىء من السطر الأول في قصيدته حتى آخر كلمة فيها، لقد دعم موهبته بالاجتهاد؛ أليس هذا ما يحتاج إليه الشاعر؟»

الجدير بالذكر، أن الشاعر الشاب "خالد أبو حجيلة" من مواليد "السويداء"، عام 1995.