رسم "أكثم الحسين" ومجموعة من الطلبة بمواهب مختلفة فكرته لتجسيد المسرح التفاعلي والخروج من الحالة التقليدية للمسرح، وتأسيس خشبة متفاعلة وفق رؤى الشباب وتطلعاتهم.

ضمن هذه الرؤى كانت عملية الجمع بين الفن التشكيلي والموسيقا والمعالجة المسرحية بنصوص أولية، لتكون حالة العرض لجمهور يستقر في الوسط، وتدور حوله حبكة مسرحية خارج حدود النص المسرحي المعتاد.

تجربة جديدة طرحت مواضيع لامست حياتنا اليومية، من فكرة الطموح عند الشباب الذين تحكم عليهم الظروف بالفشل أو النجاح، وظروف البلد أو الظروف الاجتماعية والمادية التي تقيدنا وتتحكم بقراراتنا المصيرية، وكثير من المواضيع التي تحدثت عن معاناتنا وحاجاتنا. استمتعت معهم لأنني شعرت بأنني جزء من العرض، وشاركت تجربتي، وهذا ما قدم اختلافاً حقيقياً عن المسرح التقليدي، حيث أكون متلقية أحب العمل أم لا، أتأثر بنسب وقد لا أتأثر، لكن في المسرح التفاعلي فلي حصة من المشاركة بسؤال، أو حديث، أو فكرة تقدم محوراً لحوار إضافي، وهذا بالذات ما رفع حالة المتعة وأطال وقت العروض

مجموعة عروض اعتبرت أولى خطوات تجسيد المسرح التفاعلي على ساحة المحافظة لشريحة الشباب؛ وفق ما حدثنا "أكثم الحسين" طالب دبلوم وكاتب مسرحي ومصمم الفكرة من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 تموز 2017، وقال: «بدأ المسرح التفاعلي في ستينات القرن الماضي كمسرح لمعالجة المشكلات، وقائم على أن يكون المتلقي جزءاً من العمل يتحدث ويقدم مشكلته، هي نقلة نوعية على مستوى المسرح، وهو من أصعب أنواع المسرح ليكون المخرج محيطاً بفكرته، وقادراً على إدارتها وفق غاية العرض، هي حالة ذكاء متبادل ليعرف المخرج ما يدور في ذهن المتلقي ويقدمها في السياق المنسجم معها.

الكاتب والمخرج أكثم الحسين

هذه التجربة شبابية بكل المقاييس اعتمدنا فيها الإبحار من دون حواجز، وعندما نصل إلى الفكرة نرتب تكنيك النص، والجميل أن هناك كادراً من الطلبة امتلك من المواهب ما أتم الفكرة واستطاع المشاركة كل في حدود موهبته وإبداعه، وكان للموسيقا والفن التشكيلي حضور؛ وهو ما ساعدنا على إنتاج مسرح تفاعلي لاقى استحسان جمهور متنوع من شباب وكبار مثقفين، وقراء ومهتمين؛ وهذا ما شجعنا على متابعة التجربة».

عن التجارب السابقة وإمكانية إعداد نص للمسرح التفاعلي، يضيف: «بالنسبة لما قدمناه في الأعمال التي انطوت تحت فكرة هذا المسرح كان النص عبارة عن نوتة، حيث تناولنا في العمل الأول فكرة فلسفية تناولت فيها فئة معينة من الشباب، وألقينا الضوء على حالة الإحباط، وحمل العرض اسم: "بروفا 99 للخلق"، وهو من بطولة مجموعة من الشباب نفذوا هذا العدد من النوتات، ولم يصلوا إلى النص المطلوب، وهو كتابة نص عن السعادة، وكان محور العرض السبب والمانع من عدم قدرتهم على الكتابة، ليتحدث كل عن وجعه بمنطقه الخاص. مدة العمل نصف ساعة لكنه استمر لساعة ونصف الساعة، جمعت الممثلين الشباب وشارك عدد من المتلقين، وكان بحثاً عن السعادة بتنقية ما بداخلنا لعلنا نوفق بالوصول إليها، وكان في العمل وباقي الأعمال اختلاف كبير بالأعمار، خلق متعة بتنوع الأحاديث وعمقها بسرد تجارب ذاتية. والعرض الثاني كان بعنوان: "وليمة انتقام ولكن" عن الزواج المبكر.

من العروض

ونحن لا نتقصد التقديم للنخبة، وهدفنا كان المجتمع لنجد المهتم وغير المهتم، فمنهم من تابعنا لعدة مراحل فحفزنا على استجراح أفكار جديدة، فما نسعى إلى تقديمه مسرح تفاعلي لكننا لم نحدد الاسم بعد، المهم أننا في حالة بحث لتكون الأعمال وفق طموحنا، وحالة المسرح الذي يقتنص اهتمام شريحة كبيرة ويغتني برؤى رواده ومتابعيه، خارجين عن جمود الفكرة ومنح الخشبة مرونة الحركة النابعة من روح المتفاعلين على مبدأ الدائرة والمركز».

ومن متابعي مشروع الشباب الفني نستشف أن المتابع كان جزءاً من العرض، كما تحدثت "نسرين أبو فخر" المهتمة بالحركة المسرحية والشبابية، وقالت: «تجربة جديدة طرحت مواضيع لامست حياتنا اليومية، من فكرة الطموح عند الشباب الذين تحكم عليهم الظروف بالفشل أو النجاح، وظروف البلد أو الظروف الاجتماعية والمادية التي تقيدنا وتتحكم بقراراتنا المصيرية، وكثير من المواضيع التي تحدثت عن معاناتنا وحاجاتنا.

استمتعت معهم لأنني شعرت بأنني جزء من العرض، وشاركت تجربتي، وهذا ما قدم اختلافاً حقيقياً عن المسرح التقليدي، حيث أكون متلقية أحب العمل أم لا، أتأثر بنسب وقد لا أتأثر، لكن في المسرح التفاعلي فلي حصة من المشاركة بسؤال، أو حديث، أو فكرة تقدم محوراً لحوار إضافي، وهذا بالذات ما رفع حالة المتعة وأطال وقت العروض».

"إيناس رشيد" طالبة أدب إنكليزي شاركت كممثلة، وأدت بجانب معين جزءاً من تجربتها الذاتية، قالت: «فكرة المسرح التفاعلي حقيقية أكثر وفيها تبادل أفكار، وهي تجسيد للمسرح الحر بالنسبة للممثل والجمهور المتلقي، فهنا لا يتكرر العرض مرتين، فلكل عرض فكرة أساسية تضاف إليها أفكار تختلف كل مرة وفق الجمهور المتلقي، والممثل المؤدي، والسياق الفكري الذي يتطور، لكن يبقى للمخرج والمؤلف وسائله للتحكم بالنص، ليقدم فكرته الخالصة على لسان المشاركين.

ولهذا المسرح حرية مادية ومعنوية، مادية من حيث المكان واللباس وكل الأشياء الأخرى، ومعنوية تفيض بها التفاصيل، وهذا ما قدم المسرح كنافذة لنتحدث عن همومنا كجيل ونتلاقى هواة تمثيل مثلي ومثل: "محمد خاشمان"، و"فادي المعاز"، و"دولامة صعب"، و"مناهل السهوي"، وفنانون وطلاب في كلية الفنون الجميلة "فرح العربيد" و"أمل جعفر"، وعازفون، مثل: "يامن أبو منصور"، و"كنان مهنا"، ويقوم "أكثم الحسين" بالكتابة والإخراج والموسيقا؛ لنقدم مجموعة أعمال نرسم لها المستقبل بألوان مواهبنا».

الجدير بالذكر، أن "أكثم الحسين" من مواليد عام 1989 "المزرعة"، خريج جامعة "دمشق" كلية الآداب، قسم اللغة العربية، له مشاركات مسرحية، ومؤلف مسرحيات، منها: "حكايات من الشرق"، و"سبات وطن" كوميديا سوداء، و"مرض الفيل يا موت"، وكانت أولى مسرحياته على مسرح كلية الآداب الثانية، تحت عنوان: "نبوءة زيتونة" في عمل مشترك مع "كنان حرب".