نالوا شهادات جامعية ومتوسطة وبقي حلم التحصيل الأكاديمي ضمن المجال الفني دافعاً للدراسة، ظاهرة تكررت مع شباب تحولوا رغم صفتهم الوظيفية إلى طلاب على مقاعد الفن الجميل.

مدونة وطن "eSyria" رصدت بتاريخ 6 تشرين الثاني 2014 عدداً من الحالات التي تحكي عن طلاب عادوا إلى مقاعد الدراسة ليحققوا أحلامهم وطموحاتهم، بعد أن كانوا قد قطعوا شوطاً في حياتهم العملية، وكانت البداية مع الفنانة النحاتة "هويدا أبو حمدان" مدرّسة في كلية "الفنون الجميلة"، وتقول: «هناك بعض الطلاب الذين لم يكن خيارهم الأول للدراسة هو "الفنون الجميلة"، ويعود السبب ربما إلى ظروف لم تساعدهم في ذلك فاضطروا إلى اختيار كلية أخرى، لكن ذلك لم يطفئ رغبة في داخلهم وتعطش للحصول على تحصيل أكاديمي في الفنون الجميلة التي تنسجم مع هوايتهم، فهو الحلم والهدف الذي يسعون إليه ولو بعد حين، رغم أن بعضهم فُتحت لهم فرص التوظيف في مجالات مختلفة، لكن كل هذا لم يروِ تعطشهم لدراسة الفن دراسة أكاديمية قيمة تؤسس لمستقبل فني ناجح، وقد نحجت هذه الشريحة من الطلاب ومنهم: "أمل أبو فياض"، و"ميساء الزغير"، و"أمجد السليمان"، وعدد كبير من طلاب هذه الكلية المتميزين، من حيث الأداء والمتابعة والطموح الكبير والقدرة على ممارسة العمل الوظيفي والقيام بفروض الدراسة الجامعية بنجاح وثقة في الوقت ذاته».

حصلت على الوظيفة في عمر مبكر لكوني تخرجت في الثانوية المهنية اختصاص اتصالات، وهو عمل أحببته وأرتاح لممارسته، لكن الطموح بمتابعة الدراسة الجامعية حرضني للحصول على الشهادة الثانوية مرة ثانية وبمعدل جيد، فاخترت الاتجاه إلى الفنون لكونها تخصصاً جميلاً يتلاقى مع هوايات وتجارب سابقة لي، خاصة أن والدي نحات فلم أكن بعيداً عن أجواء الفنون

"ميساء الزغير" تخرجت في معهد "الفنون التطبيقية" وعُينت كمدرسة في مديرية التربية، لكنها لم تبتعد عن مقاعد الدراسة لتعود مع طلابها فتحصل على الشهادة الثانوية وتحجز لها مقعداً في كلية "الفنون الجميلة"، وعن تجربتها تقول: «بعد الحصول على الشهادة الثانوية للفنون النسوية التحقت بمعهد "الفنون التطبيقية"، وكان منسجماً مع هوايتي وحصلت على الوظيفة التي ساهمت في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمادي لي، لكن علاقتي مع الفن ورغبتي بتعلم المزيد جعلتني في العام الأول الذي أمارس به التدريس أستعد لامتحان الشهادة الثانوية من جديد، باحثة عن حلم رسمته للحصول على شهادة عليا تؤهلني للعمل الفني، وكان لي ما حلمت بعد جهد كان أكبر من تحملي في تلك المدة لكنني تجاوزته بنجاح.

ميساء الزغير

وبالنسبة لي فإن الدراسة للفنون الجميلة حلم يستحق العمل، حيث سعيت للتخصص في مجال الإعلان الذي أجده متوافقاً مع ما مارسته خلال دراسة المعهد وهواياتي الفنية، ورغم تشابك الاهتمامات وما يرتبط بظروف الدراسة والتدريس التي تستهلك وقتي إلى جانب رعاية ابني لكن العمل اليومي بات منظماً، وحالياً تجاوزت الصعوبات التي هددت دراستي وأرهقتني، لكنها لم تحد من رغبة المتابعة والعمل، خاصة بعد أن ترفعت للسنة الثانية وباشرت الدوام وتنفيذ المشاريع العملية وتطبيق حالة من العمل الميداني في المراسم والمشاركة في معارض الكلية، كل ذلك مدني بطاقة إضافية وكرست حلمي بالتخرج ومتابعة مشواري مع الفن الذي حلمت بها».

"أمجد السليمان" يتحدث عن تجربة مشابهة، ويقول: «حصلت على الوظيفة في عمر مبكر لكوني تخرجت في الثانوية المهنية اختصاص اتصالات، وهو عمل أحببته وأرتاح لممارسته، لكن الطموح بمتابعة الدراسة الجامعية حرضني للحصول على الشهادة الثانوية مرة ثانية وبمعدل جيد، فاخترت الاتجاه إلى الفنون لكونها تخصصاً جميلاً يتلاقى مع هوايات وتجارب سابقة لي، خاصة أن والدي نحات فلم أكن بعيداً عن أجواء الفنون».

أمجد السليمان

ويضيف: «لكن المحاولة والاستمرار في الدراسة خاصة في تخصص الإعلان يحتاج إلى جهد كبير، هنا عمل مكثف وعلى الطالب إنجاز عدة مشاريع معقدة، لكنني مستعد ولدي طاقة كافية للتنسيق بين العمل الذي ساهم في تأمين متطلبات الدراسة المادية ولا مجال للاستغناء عنه، وبين حلم قدم لي الكثير، واستهلك ساعات الفراغ والراحة أيضاً بطقس من المتعة تمدني بالحيوية للمتابعة ومنافسة زملاء أصغر مني سناً وليست لديهم انشغالات عن الدراسة، لكن أشعر بأن ما أقدمه يدرج ضمن مستويات الأداء الجيد، وهذا ما يخلق لدي حالة من الرضا والارتياح وثقة بالنجاح وتحقيق الحلم».

الجدير بالذكر، أننا لم نتمكن من الحصول على إحصاء دقيق لعدد الطلاب في مختلف السنوات ممن خاضوا التجربة، لكن المتابع للكلية وأحاديث الطلبة يتمكن من تلمس شريحة كبيرة من هؤلاء الطلاب أثبتوا حضورهم وتميزهم.