لعل الفرح الذي يأتي مع لحظات يكرم فيها متفوق في سن مبكرة لا يضاهيه شعور، لا بل إن الأمور تذهب باتجاه الحث والدفع على مواصلة العمل وبذل الجهد لمواصلة النجاح في جميع مراحل الحياة.

وتفوق "صبا التقي" الطالبة في الثاني الإعدادي بعد خوضها مسابقة تحريرية وشفهية ضمن نهج تمكين اللغة العربية، بإشراف اتحاد شبيبة الثورة في محافظة "السويداء" كان له تلك النكهة من الفرح لتنال هذه الفتاة التي تقطن في قرية "امتان" المرتبة الثانية بتلك المسابقة، وصولاً إلى مستوى القطر ليتم تكريمها في حفل رسمي في "دمشق" الفيحاء.

أساتذتي لم يبخلوا عليّ بتقديم خبرتهم لمساعدتي في اللغة العربية حيث قدموا لي دروساً مجانياً للوصول إلى الهدف الذي أنشده، وقد شكل ذلك رافداً حقيقياً لي أثناء مشاركتي، فكنت أكثر ثقة وواثقة من النجاح

الطالبة المتفوقة "صبا عصام التقي" أوضحت سبب اهتمامها باللغة العربية لموقع eSwueda قائلة: «بداية اهتمامي باللغة العربية كانت مع القصص والروايات الأدبية، حيث شعرت بميل نحوها، وعند انتقالي إلى المرحلة الإعدادية كنت قد هيأت نفسي لقراءة كتب فقه اللغة مثل "الواضح في البلاغة" وقصة الإعراب، و"الإنشاء والبلاغة" والإملاء والمجموعة بكاملها، إضافة إلى الأعمال الكاملة "لجبران خليل جبران"، فواظبت على ارتياد المركز الثقافي في قريتي التي أعشقها لأنهل من الكتب اللغوية والشعرية المتوفرة فيه، وأهمها كانت أعمال "نزار قباني" الكاملة، مع كتب في التاريخ، وبعد فترة شعرت أن لغتي بدأت تأخذ سيرها نحو الأفضل».

عصام التقي

تدين "صبا" بالفضل لوالدها فكان أول من قام بتشجيعها انطلاقاً من حبه للقراءة والمطالعة، تقول: «لم يبخل والدي عليّ بشراء الكتب الثقافية واللغوية، فكان يجلس معي ويساهم في تلقيني العديد من المعلومات القيمة، خاصة أنه يحمل شهادة جامعية ويدرك البعد الثقافي الذي يعانيه طالب العلم، أما والدتي فكانت تشحنني بعطفها وحنانها وتؤكد أن علي تحقيق التفوق، لما تبذله الأسرة من عناء للوصول لهدفها المتجسد بنجاحي، لعل عامل الأسرة بالتشجيع على العلم هو العامل الأساسي في متابعة المعرفة العلمية، وهذا لمسته في عمي شقيق وقبله جدي "عبد الله التقي" الفلاح الذي عمد على تعليم أولاده، ولم يكن يغفر ذنب التقصير في العلم».

ولم تنس "صبا" أن مدرستها ساهمت فيما وصلت إليه، واعتبرت أن فضل تفوقها يعود إلى أساتذتها لاسيما بعد ترشيحها للمسابقة على مستوى القطر، تقول: «أساتذتي لم يبخلوا عليّ بتقديم خبرتهم لمساعدتي في اللغة العربية حيث قدموا لي دروساً مجانياً للوصول إلى الهدف الذي أنشده، وقد شكل ذلك رافداً حقيقياً لي أثناء مشاركتي، فكنت أكثر ثقة وواثقة من النجاح».

الجد عبد الله التقي

الأستاذ "عصام التقي" والد "صبا" وصف شعوره بما حققته ابنته قائلاً: «لاشك أن شعوري هو شعور كل أب أراد التفوق لابنته، و"صبا" لم تنل التفوق دون معاناة فقد عانت الكثير وسهرت وقرأت واجتهدت حتى وصلت لهدفها، ونحن في الريف ربما نبتعد عن المدينة قليلاً وأكثر تعاملنا مع السهول والبيادر، وأحياناً مع الصخور البازلتية، لكن "صبا" وأمثالها ممن يحبون اللغة أثبتوا أنهم أقرب إلى المعاصرة، ولهذا كرمت وهي في الصف الثامن الإعدادي».

وحول موضوع المسابقة بيـّن الأستاذ "معن جابر" نائب أمين رابطة "صلخد" لاتحاد شبيبة الثورة قائلاً: «أقام اتحاد شبيبة الثورة مسابقة للمرحلتين الإعدادية والثانوية في تمكين اللغة العربية وانحصرت المسابقة للصفين الثامن للإعدادية والعاشر للثانوية فقط، حيث تم اعتماد أربع مراحل من وحدات مدرسية إلى الروابط ثم الفرع أوالمحافظة ونهاية بالقطر، جرى اختبار بطريقتي التحريري والشفهي، وأثناء الامتحان قام العديد من الجهات الرسمية بزيارة قاعات الامتحان للإشراف والتدقيق، وكان حصيلة الاختبار فوز خمسة طلاب على مستوى المحافظة حيث جرى تكريمهم مع الفريق الوطني على مستوى القطر، ومن بينهم الطالبة "صبا التقي" إحدى المكرمات اللواتي قدمنا لها شهادة تقدير وهدايا أخرى تقديراً لجهودها، لكن ما يميز "صبا" في تعاملها مع اللغة وهي في المرحلة الابتدائية عشقها للغة فما أن انتقلت إلى المرحلة الإعدادية حتى بدأت تقرأ كتباً ومراجع في اللغة وفقها».

الأستاذ معن جابر

وعن الاجتهاد والمثابرة بين جد "صبا التقي" المعمر "عبد الله التقي" قائلاً: «نحن جيل لم تتح لنا فرصة التعلم كما هي متاحة اليوم، لذلك كان هدفي تعليم أولادي والحمد لله والد "صبا" "عصام" نال إجازة في الاقتصاد، وعمها "أركان" نال إجازة في الفيزياء والكيمياء، وهي كحلت عيني برؤيتها تتقن اللغة العربية بتفوقها في لغة الأم العربية التي علينا أن ننطلق منها إلى العالم حاملين معنا خصائصها وتاريخها المشرف».

وعن انعكاس تفوق "صبا التقي" على أفراد العائلة تحدث عمها الأستاذ "أركان التقي" قائلاً: «استطاعت "صبا" بتفوقها أن تكون نموذجاً للطالبة المجتهدة، حيث انعكس تكريمها على الأطفال من داخل منزلنا وخارجه، وشكلت حافزاً لدى أبناء جيلها للمثابرة نحو التفوق والاجتهاد، تمنياتي لها أن تستمر بالاجتهاد في لغتها والمواد الدراسية الأخرى لتساهم برفد المجتمع بكوادر علمية تكون فاعلة في تنمية المجتمع وتطوره اجتماعية وثقافياً».