عرف بأمانته وصدقه، وتميز بإخلاصه لعمله وهذا ما جعله موضع ثقة الجميع، فرصيده الغني من محبة الناس وثقتهم منعوه من التقاعد والراحة بعد سنوات طويلة من الغربة، ولا زال على رأس عمله ناشطاً في مجتمعه وداعماً لكل عمل خيري.

"مروان أبو خير" المغترب سابقاً في دولة "الكويت"، ومن أبرز المهتمين والداعمين للعمل الخيري في "السويداء"، قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 أيلول 2020 عن مرحلة الاغتراب الطويلة: «غادرت "السويداء" بتاريخ 17 آذار عام 1977 قاصداً "الكويت"، وبعد عشرة أيام بدأت العمل بوظيفة بائع قطع غيار لدى وكيل "تويوتا" مؤسسة "محمد ناصر الساير"، إلى أن أنهيت عملي بتاريخ 12 أيار 2017. لن أقول أن عملي مريحاً لأنه لا يوجد أي عمل مريح بالمطلق، ولكن ضميري كان مرتاحاً جداً لأني قمت بعملي على أكمل وجه، في الأحوال العادية لا يحضر صاحب الشركة لوداع الموظفين قبل مغادرتهم، فقط يحضر حفل الوداع لكبار المدراء وأنا لم أكن منهم؛ إلا أن صاحب الشركة حضر حفل وداعي بعد انتهاء عملي، أذكر أنه خاطب الموظفين يقول لهم بأنني ظاهرة لن تتكرر في الشركة منذ تأسيسها عام 1955، ولم يعثر في ملف خدمتي على مدى أربعين عاماً سوى على إجازة مرضية بسبب عمل جراحي، ويوم مرضي واحد فقط».

زارني أًصدقاء كثر بعد عودتي من السفر وسألوني ماذا استثمرت في بلدك بعد غربة أربعين عاماً؟ فأجبت أنني استثمرت في أبنائي وسقف يقيهم الحر والبرد. لم أكمل دراستي في الجامعة لظروف خاصة، كنت في السنة الثانية قسم التاريخ عندما غادرتها، حاولت تعويض النقص بأطفالي، وسافرت لتأمين عيش كريم لهم وتحقيق ما لم أستطع تحقيقه، لدي ابنتان هندسة عمارة، وابن مهندس طيران، وابنة خريجة كلية الفنون، وابنة في كلية اعلام

ويتابع قائلاً: «زارني أًصدقاء كثر بعد عودتي من السفر وسألوني ماذا استثمرت في بلدك بعد غربة أربعين عاماً؟ فأجبت أنني استثمرت في أبنائي وسقف يقيهم الحر والبرد.

"مروان أبو خير"

لم أكمل دراستي في الجامعة لظروف خاصة، كنت في السنة الثانية قسم التاريخ عندما غادرتها، حاولت تعويض النقص بأطفالي، وسافرت لتأمين عيش كريم لهم وتحقيق ما لم أستطع تحقيقه، لدي ابنتان هندسة عمارة، وابن مهندس طيران، وابنة خريجة كلية الفنون، وابنة في كلية اعلام».

عرف "أبو خير" بأمانته وصدقه، وهو يروي حادثة حصلت معه بعد عودته من الكويت حيث قال: «عدت إلى بلدي مع زوجتي وأطفالي براً، لأجد في "السويداء" غرفتان بأثاث بسيط، حتى الثلاجة والغسالة غير متوفرة، رغم أن بيتي في "الكويت" كان يضم كافة المستلزمات، ولعدم قدرتي على شراء أثاث جديد لقلة المال، عزمت على العودة إلى "الكويت" أثناء فترة الغزو العراقي لجلب أثاث منزلي، في طريق ذهابي براً إلى "الكويت" مررت للتعزية بصاحب البيت الذي أسكنه والذي توفي في "الأردن"، قمت بواجب التعزية لزوجته وأبنائه، وقالت لي زوجة صاحب المنزل أريد أن أئتمنك على أموالي وأموال أولادي، هذا مفتاح منزلنا في "الكويت" وفيه خزنة حديدية يوجد بها جميع ما نملك، أرجو أن تضعها في مكان آمن، وكان ذاك حملاً كبيراً وأمانة في عنقي، وصلت "الكويت"، وبمساعدة صديق مؤتمن استطعنا جر الخزانة بعد وضعها على سجادة صغيرة إلى فتحة الصرف الصحي، داخل سور البيت ورميناها بها، وكم كانوا سعداء بها بعد التحرير، وبسبب ذلك الموقف لازالت العلاقات قائمة بيننا حتى الوقت الحاضر».

المتحف المصغر في مضافته

عرف "أبو خير" بنشاطه في ميدان العمل الإنساني والخيري، وبشكل خاص في ظل الظروف الحالية، حيث أضاف: «عملي في الميدان المجتمعي هو بأهمية بناء أولادي، محبة وثقة الناس كنز حقيقي، أعمل ضمن لجنتين خيريتين من خير الناس والمغتربين، فلا أتكلف بدفع أي مبلغ، وأنا مؤتمن على الأموال لإيصالها لمستحقيها.

نقوم ومجموعة متطوعة بدراسة واقع الأسر الفقيرة وتحديد احتياجاتها، نملأ استبيانات لهذه الحالات ليتأكد المتبرع وصاحب المال أن ما يتبرع به يذهب للمكان الصحيح، لأن حتى المغتربين والمتبرعين معظمهم ليس غنياً وثرياً، فالجميع يساهم تجاه أهله وأبناء بلده والغالبية تتبرع رغم الحاجة والظروف القاسية، فهذه الأموال كأموال الوقف يجب أن تذهب للمكان الصحيح».

جذور "مروان أبو خير" تمتد إلى الثورة السورية الكبرى، فهو ابن المجاهد "قاسم أبو خير" عضو قيادة الثورة السورية الكبرى، حيث لازال يحتفظ في منزله ببعض الذكريات من والده، وعنها تحدث: «عندما توفي والدي كنت وأخوتي أطفالاً، وقد أرسل "شكري القوتلي" إلى "شكرية عبيد" وهي ابنة المجاهد "علي عبيد" الذي كان مقرباً من والدي وصديق "القوتلي"، يسألها عن أحوالنا بعد وفاة والدي، أجابته أننا فقراء، فأرسل معها مبلغ ثلاثة آلاف ليرة بنت بهما غرفتان للإيجار، ما زالتا باقيتان حتى اليوم.

في منزلي خصصت زاوية كمتحف صغير يضم ذكريات الأهل التي حافظت عليها وأضفت إليها، هناك صندوق في المضافة حافظ على أكثر من مائة وثيقة أصلية وهي وثائق ورسائل ومحادثات بين أعضاء قيادة الثورة، وبرقيات من "شكري القوتلي"، و"سعد الدين الجابري" وغيرهم، وقد عرض هذه الوثائق المترجم والكاتب "كمال الشوفاني" في معرض المركز الثقافي في "السويداء" عام 2019».

"معتصم الأطرش" من الداعمين والمشاركين بالفعاليات والمبادرات الخيرية في المحافظة، قال: «"مروان أبو خير" معروف لدى مغتربي المحافظة في "الكويت"، وهو موثوق بالنسبة لهم، ويأتمنونه على أموالهم، فهم يرسلون له الأموال لإيمانهم بإخلاصه في إيصالها لمن يستحق. ندين له بالفضل على فكرة الاستبيانات التي تضم معلومات عن الأشخاص الحاصلين على التبرعات، لضمان ثقة المتبرعين، ولكي يعلموا أين صرفت أموالهم، فكرته عممت على معظم الجمعيات في المحافظة بحيث تم اعتمادها لدى الغالبية، بدأ معنا نشاطه الخيري بمجموعة "أبناء السنديان"، ثم بدأ بتوزيع المعونات بناء على ثقة المغتربين، وهو حالياً مع مجموعة "الإنسانية تجمعنا"، وجميع من عرفه يشهد بأخلاقه وطيب أصله وكرمه وأمانته».

بقي أن نذكر أن "مروان أبو خير" ينحدر من قرية "عرمان"، ومن مواليد مدينة "السويداء" عام 1953.