باتت الممرضة "ردينة أبو طافش" المرأة الأولى في "السويداء" التي اقتحمت صناعة المستحضرات الطبيعية بشكل علمي وحرفي، وانتزعت لقب "شيخ الكار" رغم ما عانته من صعوبات.

حول عملها ومسيرتها، مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 16 كانون الأول 2019 التقت "ردينة احسان أبو طافش" التي بيّنت قائلةً: «في قرية تبعد أكثر من 40 كليومتراً عن مدينة "السويداء" وبين أسرة اجتماعية لها شأنها وتطلعاتها الثقافية القيمية القائمة على منظومة من العادات والتقاليد الاجتماعية، في قرية "أم الرمان"، ولدت ودرست في مدارسها الإلزامية وأثناء دراستي للثانوية كان طموحي دراسة الإعلام لأعمل في الإذاعة والتلفزيون، ولكن معدلي جعلني أدرس في "حلب" التمريض عام 2000، لأبدأ مشواراً جديداً في التمريض بمشفى التوليد بـ"حلب". معاناة جديدة عشتها أهمها البعد عن الأهل، والغربة والحياة الصعبة، ولكن تسللت إلى داخلي مهنة التمريض حتى باتت الجزء الأهم من شخصيتي، ومعها بدأت علاقة عشق لا تمحى، ولأنني الممرضة الوحيدة من "السويداء" أخذ الطلاب في جامعة "حلب" يعتبروني المأوى الروحي لهم. وفي عملي استهواني الطب البديل، وعملت مع أطباء في هذا المجال وتصنيع المنتجات الطبيعية، وشكلت لدي رغبة جامحة في التعرف على هذا الطب بعمق ودراسة، واستذكرت كلام والدي وهو أحد المخترعين السوريين، ولديه عدة اختراعات حصل عليها عندما كان شعاره (ما حدا خلق معلم). تابعت لعامين العمل بهذا المجال مع التنسيق بين الدوام الأول المتضمن الولادة الجديدة للحياة والامتحانات، والثاني مع مستخلصات الطبيعة الناشئة من الأرض الأم، وحصلت على خبرة الأطباء مع تحفظهم أسرار المهنة، فتابعت لوحدي، وقررت الاعتماد على الذات، وتواصلت عن طريق النت مع أطباء وكيميائيين بـ"سورية" وخارجها، وكونت مكتبة متخصصة بالطب البديل بغية السفر إلى "مصر" لدراسته والحصول على شهادة بذلك، ولكن الأزمة التي ألمّت بالبلاد أوقفت كل الطموح».

مذ تعرفت على "ردينة أبو طافش" لمست لديها حبها للعمل الإنساني والأخلاقي ومساعدة الناس، حيث كنت أعاني من مرض بالأعصاب بشكل كبير، إضافة الى آلام في الفقرات الرقبية، فقدمت لي منتج كريم، وبدأت استخدمه وفق الطريقة المعتمدة حتى تماثلت للشفاء، وهي تعمل بصمت رغم أنها المرأة الوحيدة في "السويداء" التي استطاعت أن تحصل على لقب "شيخ الكار" من اتحاد الحرفيين، وتثبت أنها تعمل بشكل علمي ومنطقي، ولكن للأمانة هي كما يقال بالمثل الشعبي (كار لأهلها) فوالدها "إحسان أبو طافش" أحد المخترعين المعروفين، وله مساهمات كبيرة، وهي على خطا والدها بالقيم والمثل تسير لتنال ما تستحق من تقدير واحترام

وتابعت "أبو طافش" قائلة: «تفرغت للمشفى بـ"حلب" بعد دخول العديد من الجرحى والشهداء ونحن على خط الدفاع الأول كجهاز تمريض وأطباء، وحوصرنا أكثر من مرة، وحاولوا الهجوم وخطفنا، وتم انقطاع الاتصالات لأيام، لكن الإيمان بالحماية والعناية الإلهية سلاحي الماضي، وتحديت الأهل والأقارب خوفاً علي أثناء السفر والدوام والحصار، لكن قررت الصبر وعدم التنازل عن أي شيء بالإجبار وخاصة مهنتي الإنسانية، وبعد معاناة قوية انتقلت الى "السويداء" وتابعت عملي بالمشفى الوطني بقسم الجراحة العامة،

نسيم المتني

قررت المتابعة في عملي لوحدي بالاعتماد على ذاتي، كانت البداية صعبة وتخللها فشل وتعب، لكن وجود والداي كان له الفضل بالنجاح، فوالدي يملك عقل مخترع، ووالدتي علمتني الصبر والحب ومقولة (إن الحاجة أم الاختراع)، وبالفعل زاد حبي وإصراري للوصول، حتى جاءت دعوتي للمشاركة ضمن معرض "المرأة الريفية" بـ "دمشق" من قبل دائرة المرأة الريفية والزراعة بـ"السويداء"، ومن هذا المعرض كان الانطلاق حيث زار جناحي وزير التموين السابق الدكتور "عبد الله الغربي" وطلب منتجاتي، وتم تحليلها في مديرية المخابر وكانت النتائج نظامية، وباشرت بإجراءات الترخيص، لتأتي دعوتي من قبل جمعية المخترعين السوريين بـ"دمشق" فقدمت منتجاتي وشاركت بمعرض "الباسل" للإبداع والاختراع، ثم بمعرض "بغداد" الدولي، ومعارض مع اتحاد المصدرين السوريين، وهنا كانت المنافسة الكبيرة بمنتج سوري طبيعي بين الشركات الأجنبية والثقة بالمنتج ونتائجه يمنحني النجاح والمتابعة، ثم حصلت على ترخيص حرفي من اتحاد الحرفيين الذي بدوره منحني لقب "شيخ الكار" من قبل مجلس شيوخ الكار بـ"دمشق"، ثم دخلت بحاضنة "دمر" للتدريب والحفاظ على المهن التراثية السورية، وخلال عامين حصلت على ثمانية عشر شهادة تقدير نتيجة مشاركتي بمعارض دولية وداخلية، وبدأت الدعوات إلى معرض في "أربيل"، وكنت المرأة العربية الوحيدة، وتمت مكافأتي بجائزة وشهادة تقدير. والآن أصبح لدي خمسة وثلاثون منتجاً طبيعياً من كريمات معالجة التجميل بكافة الأنواع، منها (تشقق القدمين، الأكزيما، البواسير، الصدفية، آلام الأعصاب، المناقير، الديسك، الوثاب وحب الشباب)، أنافس فيها المنتجات الأجنبية.

أنا اليوم المرأة التي كونت مشروعاً صناعياً طبيعياً بوقت قصير رغم الحرب الاقتصادية، يقيناً برسالتي، وإيماناً بوطن معطاء، وطن مخزن فيه كل ما نحتاج لكن، بالإرادة والإبداع نبدع ما نريد».

شهادة شيخ كار والاختراعات والمشاركات

ومن المستفيدين "نسيم المتني" وهو أحد العاملين في شركة كهرباء "صلخد" الذي أوضح قائلاً: «مذ تعرفت على "ردينة أبو طافش" لمست لديها حبها للعمل الإنساني والأخلاقي ومساعدة الناس، حيث كنت أعاني من مرض بالأعصاب بشكل كبير، إضافة الى آلام في الفقرات الرقبية، فقدمت لي منتج كريم، وبدأت استخدمه وفق الطريقة المعتمدة حتى تماثلت للشفاء، وهي تعمل بصمت رغم أنها المرأة الوحيدة في "السويداء" التي استطاعت أن تحصل على لقب "شيخ الكار" من اتحاد الحرفيين، وتثبت أنها تعمل بشكل علمي ومنطقي، ولكن للأمانة هي كما يقال بالمثل الشعبي (كار لأهلها) فوالدها "إحسان أبو طافش" أحد المخترعين المعروفين، وله مساهمات كبيرة، وهي على خطا والدها بالقيم والمثل تسير لتنال ما تستحق من تقدير واحترام».

يذكر أن "ردينة أبو طافش" من مواليد قرية "أم الرمان" في "السويداء" عام 1980.

ردينة أبو طافش أمام منتجها