عُرف بين الأوساط الاجتماعية والعلمية الطبية في "السويداء" بالجندي المجهول، فهو يكشف المرض ولا يعلم به المريض، ويسعى لمبادرات إنسانية دون معرفة أحد.

حول مسيرته العلمية، مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 22 تشرين الأول 2019 التقت الدكتور "عماد صالح عبود الشعراني"، الذي قال: «شكلت لي الحياة طبيعة خاصة وسكينة في قراءة واقع من نوع مختلف، فأنا المولود عام 1964 اشتم رائحة تراب "السويداء" من خلال التجذر بالانتماء إلى ماضيها وحاضرها وعاداتها وتقاليدها، وأرنو إلى مآثر أهلها في استذكار الأشياء ولو بعد حين.

مذ عرفت الدكتور "عماد الشعراني" في مخبره، وضمن عمله في المشفى "الوطني" والمركز الطبي الثاني، وهو يقوم بمبادرات إنسانية واجتماعية في قراءة الخزعات والأنسجة، وحين غادر المركز الثاني ظل يعمل بشكل مجاني لخدمة المرضى كجندي مجهول لا يعلم به المريض ولأكثر من خمسة أعوام، لا تراه إلا ساكناً مع نفسه، وحين تسأله يشير بلغة تعبر عن تأثره بما يكتشف من أمراض وخاصة السرطانية، فهو أحد مؤسسي جمعية "أصدقاء مرضى السرطان" بـ "السويداء"، يقوم بالخفاء والهدوء الصامت بمبادرات إنسانية ومساعدة المحتاجين، ويبقى وحيداً ولساعات طويلة إلى ما بعد منتصف الليل، وغالباً ما كان يظهر الفجر عليه وهو يعمل، ذلك أن تكلفة كشف العينات في مخبره مكلفة لغلاء المواد الكيماوية، وهي تتراوح بين 30 لغاية 70 ألف ليرة سورية، لكنه يقوم بالتبرع للعديد من العينات، ويردد دائماً أن طبيعة الاختصاص فرض عليّ العمل الإنساني

منذ ولادتي وبعد أن درست المراحل الدراسية الثلاث في المدينة، وأنا أتأمل في معطيات الحياة وما تخفيه في بواطنها، ورغبتي الجامحة في الرياضيات دفعتني نحو تكوين طموح دراسة الهندسة بأنواعها المختلفة، وفي أحد الأيام وأنا عائد من المدرسة وأتخيل نفسي مهندساً يعمل لتخطيط أبنية طابقية بفنّ العمارة وجمالها الإبداعي، قيل لي أنّ والدتي التي أرى جمال الكون في ابتسامتها قد أصيبت بجلطة دماغية أودت إلى شلل أطرافها، وتسللت للوالد حالة من القلق والتوتر، وبدأ البحث عن معطيات الأمل ليبث في نفوسنا التفاؤل من كلمات الطبيب المعالج، ونحن لا نعلم إن كانت كلماته هي طمأنة لنعيش اللحظة أم أنها تهيئة لاستقبال الأخبار المحزنة، حينها قررت دراسة الطب بدل الهندسة مهما بلغ أشده في المعاناة، وبالفعل رحلت الوالدة إلى عالم البقاء بعد عام من المرض، تاركة في نفسي الإصرار على دراسة الطب، ولما حصلت على الثانوية، تقدمت بطلب المنحة لدراسة الطب، وبدأ الخيار بين "الاتحاد السوفياتي"، و"بلغاريا" وكان أقرب موعد لتحقيق الهدف أراضي "بلغاريا" وجامعاتها لتكون الحاضنة لي علمياً».

سامر بسام أبو شهدة

وتابع بالقول: «بعد أن استقبلتني جامعة "بلغاريا" لدراسة الطب مكثت بها سنوات سبع، وفي السنة الثالثة أحببت دراسة التشريح المرضي الذي ينطوي على دراسة الخزعات والأنسجة وعلم الأمراض، وتقدمت لمسابقة في مادة التشريح المرضي، ونلت تكريماً متميزاً لتفوقي بهذه المادة على أقراني، وحين عدت إلى وطني عام 1990 طبيباً عاماً كان لزوماً عليّ خدمة الريف، فعملت في قرى "لاهثة" و"الصورة الكبيرة"، و"بريكة" لعام ثم ندبت من وزارة الصحة إلى مشفى "الأسد" الجامعي للتعليم العالي، و"المواساة" في "دمشق"، ذلك لأنّ اختصاص التشريح المرضي لم يكن متوافراً في وزارة الصحة آنذاك، وتدربت بدراستي العلمية على أيدي الأستاذ الدكتور "إياد الشطي" وغيره من الأطباء الكبار، وفي عام 1997 نلت الاختصاص، وبدأت العلاقة الطبية العلمية في المشفى "الوطني" بـ"السويداء" مع الزملاء باختصاصات مختلفة وخاصة الجراحة، لأنّ طبيعة الاختصاص (التشريح المرضي) لا يعلم به المريض، وتبقى العلاقة قائمة بين الطبيب المعالج وبيني، وبين الجراح والمريض، فالبحث العلمي المتطور والمتابعة لأهم وأدق الاكتشافات في معرفة علم الخلية والدراسات الحديثة هي الأساس في عملنا اليومي، ولأنّ دراسة العينات وموادها الكيمائية مكلفة مادياً كان لزوم إقامة علاقة مع نفسي ومع المريض دون معرفته للتخفيف من أعباء الحياة مستذكراً دائماً وصية والدتي بنظراتها التي لا تفارقني، وهذا ما يلزمني العمل بأمرين، آلام والدتي واختصاصي اللذان فرضا عليّ العمل الإنساني».

وأوضح "سامر بسام أبو شهدة" ماجستير في علم التمريض قائلاً: «مذ عرفت الدكتور "عماد الشعراني" في مخبره، وضمن عمله في المشفى "الوطني" والمركز الطبي الثاني، وهو يقوم بمبادرات إنسانية واجتماعية في قراءة الخزعات والأنسجة، وحين غادر المركز الثاني ظل يعمل بشكل مجاني لخدمة المرضى كجندي مجهول لا يعلم به المريض ولأكثر من خمسة أعوام، لا تراه إلا ساكناً مع نفسه، وحين تسأله يشير بلغة تعبر عن تأثره بما يكتشف من أمراض وخاصة السرطانية، فهو أحد مؤسسي جمعية "أصدقاء مرضى السرطان" بـ "السويداء"، يقوم بالخفاء والهدوء الصامت بمبادرات إنسانية ومساعدة المحتاجين، ويبقى وحيداً ولساعات طويلة إلى ما بعد منتصف الليل، وغالباً ما كان يظهر الفجر عليه وهو يعمل، ذلك أن تكلفة كشف العينات في مخبره مكلفة لغلاء المواد الكيماوية، وهي تتراوح بين 30 لغاية 70 ألف ليرة سورية، لكنه يقوم بالتبرع للعديد من العينات، ويردد دائماً أن طبيعة الاختصاص فرض عليّ العمل الإنساني».

د. عماد الشعراني أمام مجهره
في مخبره