تخصصت بتعليم طلاب مرحلة الشهادة الأساسية، وحققت مع طلابها نجاحات متتالية؛ جعلت منها واحدة من المدرّسات المتميزات بتعليم اللغة الأم، ومقصداً للأهل والطلاب على السواء، فنذرت علمها في سبيل اكتشاف جمال اللغة، والنجاح بمعدلات عالية، مؤمنة بأن الشغف المحرك والسبيل.

مدونة وطن "eSyria" التقت المربية "علا غانم" بتاريخ 6 نيسان 2019، لتتحدث عن بداية مشوارها مع العلم، فقالت: «ولدت في قرية "البثينة" عام 1975، ودرست المرحلة الابتدائية فيها، وكنت من المتفوقين، وخاصة في الرياضيات. شجعني والداي على حب الدراسة والعلم، ومسكت أمي بيدي في بداية الأمر، وأكمل أبي ذلك حتى وصلت إلى الثانوية، وفيها أحببت قراءة الشعر، وطريقة الكتابة النثرية، واستهواني شعر "نزار قباني"، و"محمود درويش"، فبدأت أقرأ لهما وأكتب على طريقتهما.

تعطي بأسلوب شائق بعيد عن الرتابة والملل، وتتميز بقربها من الطلاب، ومعرفة مواطن الضعف والقوة عند الجميع. لم تكن تتأفف من أحد إذا جاءها طالباً المساعدة، وكانت متفرغة دوماً أثناء الامتحانات لأي مساعدة على حساب بيتها ووقتها وراحتها

حصلت على الشهادة الثانوية من ثانوية "زيد كرباج" للبنات، وكنت أنوي دخول معهد متوسط اختصاص رياضيات، لكن فشل الأمر بسبب ضغط عدد المسجلين في المعهد، فقررت إعادة الشهادة الثانوية للحصول على علامات أكثر والتسجيل في ذات المعهد، فهو يختصر الطريق في الحصول على وظيفة وراتب، لأن الوضع المادي كان محدوداً براتب أبي الشهري، وعلى الرغم من حصولي على علامات جيدة، إلا أن المعهد أقفل أبوابه، فسجلت في كلية الآداب قسم اللغة العربية. وعلى الرغم من الأخطاء التي حصلت أثناء التسجيل، ووقوع أكثر من ثلاثة آلاف طالب ضحايا المفاضلة، وبعد مضي ثلاثة أشهر من السنة، كانت ردة فعلي على ما جرى إيجابية، فانكببت على الدراسة بشغف كبير، وأحببت الفرع ومضيت في طريقي الجديد على الرغم من كل المعوقات والصعوبات التي تواجهها الفتاة في أماكن غريبة، فطبيعتي لا ترضى الفشل، ووقوف والديّ إلى جانبي لتوفير مستلزمات النجاح جعلني أشعر بالقوة.

داخل القاعة نشاط وحيوية

اكتشفت أثناء الدراسة لغتي الجميلة، فأحببتها، وما زلت أكتشف كل يوم جمالها وسحرها، لذلك أدرّسها لطلابي بحب لا مثيل له؛ وهو ما ينعكس على علاقتي مع الطلاب، وتحصيلهم العلمي الذي يأتي ثماراً يانعة ناتجة عن هذا الشغف، فهو يصنع الكثير».

تؤمن المربية "علا" بأنه لا علاقة للدراسة الجامعية بالتدريس، فالتدريس أسلوب وشغف حسب المادة التي اختارها المدرّس لكي تكون طريقه ومهنته الدائمة، وأضافت: «أسلوب التعامل مع الطالب أو حتى الناس يختلف بين شخص وآخر، وفي المدرسة كانت طريقتي جعل الطالب يحب مادتي بإعطائه فرصة ليكون هو، حتى لو كان على خطأ، لأنه سيدرك الخطأ ويصححه برغبة وحب. وفي كل السنوات التي درّست فيها كان هدفي كسر الحواجز مع الطالب لكي يكون تركيزه النهائي على المادة والعلم، حيث أبادر دائماً بالمحبة والتسامح وفهم الآخر، ودائماً أتوقع نفسي للمساعدة فهي حاجة الآخر وليست قراراً، ولا يهمني الظرف المادي أو المعنوي، المهم أن أكتشف حاجات الآخر، والدخول إلى أعماقه لنبش التميز وتوظيفه في المكان الصحيح؛ وهو ما أقطف ثماره كل عام مع طلابي».

تعدّ الامتحان خطوة نحو الأمام وليس عقوبة

اختصت بتدريس المرحلة الإعدادية، وعلى الرغم من الحاجة إليها في المرحلة الثانوية، إلا أنها طلبت أن تكون دائمة الحضور في هذه المرحلة، وقالت: «تدريس المرحلة الإعدادية لم يكن قراري، فقد درست في ثانويتي "نمرة" و"الهيت"، وعندما جاء قرار دخولي إلى مدينة "شهبا" لم يكن الشاغر إلا في إعدادية الشهيد "كمال مسعود"؛ حيث وجدت الراحة النفسية بالتعامل مع الكادر الإداري والتدريسي؛ وخاصة المربية "منار عامر" التي كانت الأخت قبل أن تكون المديرة، لذلك قررت البقاء فيها لتدريس الصف التاسع، حيث أجهزهم بأسلوب منهجي ومنظم لحفظ وحب اللغة العربية، والنجاح المميز في الشهادة، وأحرص على متابعتهم أينما كانوا؛ في البيت والمدرسة، وعلى وسائل التواصل. وفي أيام الامتحانات أكون كالجندي الذي تلقى أمر الاستنفار من أجل طلابي، فهم كأبنائي الذين أحرص على راحتهم، وأحمل همومهم، وأحاول بكل طاقتي أن أساعدهم على الرغم من كل الأعباء المنزلية والوظيفية. وعلى الرغم من أن موجهي المادة عرضوا نقلي إلى ثانوية الشهيد "إبراهيم زين الدين"، لكن ارتياحي في مدرستي جعلني أرفض النقل».

مديرة مدرسة "حمد الحج" للتعليم الأساسي المربية "خلود جمول" قالت عن معرفتها بالمربية "علا غانم": «تتمتع بمحبة كبيرة من الجهازين الإداري والتدريسي لما تملكه من أخلاق عالية وتعاون مع الجميع لإيصال رسالتها في العلم، والملاحظة التي تغلف سيرتها التعليمية الطويلة مع اللغة العربية تتلخص بأن معظم الطلاب يحاولون بكل الوسائل أن يكونوا من طلابها، فهي تعرف ما تريد، وتتعامل مع الطلاب كأنها أم، حازمة عندما يتطلب الأمر الحزم، وحنونة هادئة إلى درجة كبيرة. تتميز بأنها لا تترك شيئاً مهما كان إلا وتعطيه للطالب، حتى في الفرصة وأوقات الفراغ، وقد لمست ذلك عن قرب عندما كنت موجهة في مدرسة الشهيد "كمال مسعود"».

أما طالب الصف العاشر "حسن الصحناوي" الحاصل على المركز الأول في مدرسة "كمال مسعود"، فقال عنها: «تعطي بأسلوب شائق بعيد عن الرتابة والملل، وتتميز بقربها من الطلاب، ومعرفة مواطن الضعف والقوة عند الجميع. لم تكن تتأفف من أحد إذا جاءها طالباً المساعدة، وكانت متفرغة دوماً أثناء الامتحانات لأي مساعدة على حساب بيتها ووقتها وراحتها».