رافقت والدها في العمل منذ الطفولة، فنشأت قوية البنية واثقة من نفسها وإمكانياتها، يعرفها مجتمع "السويداء" من خلال بصماتها الإنسانية الخيرية، وقلائل من يعرفون عن موهبتها في العمل اليدوي.

"سميرة سرايا" من مواليد مدينة "السويداء" عام 1959، رئيسة جمعية "أيادي بيضاء"، وحرفية في صناعة "الموبيليا" والأثاث المنزلي، تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 تشرين الثاني 2018، عن مرحلة الطفولة وعلاقتها بوالدها قائلة: «عشت في بيئة كادحة، كان والدي يعمل في وظيفته صباحاً، وبعد الظهر في الأعمال الحرّة، كنت أحب مرافقته إلى مكان العمل، ولم يمنعني من هذه المتعة، علّمني قيادة السيارة بعمر صغير، ولم يبخل عليّ بشيء يتقنه، كبرت معه وتعلّمت منه الكثير، كان والدي يعمل في السباكة، وكنت أتقن هذه المهنة مثله تماماً، وعندما كبرت ودخلت معهد الرسم الهندسي كان لدينا مادة الرسم الصحي، حيث كنت على توافق وحب معها، وحصلت على معدّل عالٍ فيها».

بعد التخرّج تزوجت وكنت أمام مسؤولية المنزل ومتطلباته والأولاد، لكنني لم أستطع المكوث من دون عمل، فكان أن عملت في الأشغال اليدوية، والرسم على الزجاج، وصناعة الورود والإكسسوارات، والرسم على القماش، وغيرها. وكنت أعمل على تسويق هذه المنتجات، وكان ذلك في التسعينات

وعن عملها بعد التخرّج، تابعت: «بعد التخرّج تزوجت وكنت أمام مسؤولية المنزل ومتطلباته والأولاد، لكنني لم أستطع المكوث من دون عمل، فكان أن عملت في الأشغال اليدوية، والرسم على الزجاج، وصناعة الورود والإكسسوارات، والرسم على القماش، وغيرها. وكنت أعمل على تسويق هذه المنتجات، وكان ذلك في التسعينات».

"سميرة سرايا" في معرض المركز الثقافي في "شهبا"

أما عن العمل في "الموبيليا"، فقالت: «كنت دائمة التفكير باحتياجات منزلي، والأشياء الكثيرة التي يحتاج إليها المنزل، حيث رغبت بصناعتها بنفسي، بدأت صناعة أرائك للجلوس في غرفتي، وكانت بمنزلة التجربة التي كنت راضية عنها، فتابعت العمل وصنعت خزانة للأحذية، ثم خزانة للأطفال ومكتباً لحفيدي، وغيرها، كما عملت على إعادة تدوير المقتنيات الخشبية في منزلي، حيث تتناسب ومتطلبات عائلتي، بوجه خاص بعد ولادة أحفادي، دائماً أصنع ما أنا بحاجة إليه، معظم أدوات العمل موجودة في منزلي باستثناء مقصّ الخشب، فأنا أقوم بقصّ قطع الخشب الكبيرة في "المنطقة الصناعية"، حيث يوجد الحرفيون، وأتابع عملي في المنزل.

طلب مني العديد من قطع "الموبيليا" لصديقات ومحال تجارية، كما صنعت صناديق خشبية أنيقة نالت الإعجاب والرضا، وعرضت في العديد من المعارض التي أقيمت في المحافظة».

خزانة للأطفال من صنع "سميرة"

"سميرة سرايا" حالياً رئيسة جمعية "أيادي بيضاء" منذ بداية عام 2018، علماً أنها تعمل في مجال الدعم المجتمعي قبل أكثر من 10 سنوات، وعن هذا الأمر تحدثت: «في عام 2007 بدأنا العمل في مقام "عين الزمان" بتوزيع الحصص الغذائية على المحتاجين، إضافة إلى هذا العمل عملت مع جمعية "لمسة حنان" لمساعدة مرضى "السرطان"، وفي عام 2013 أصبح الأمر يحتاج إلى تنظيم، جمعنا عدة شباب وصبايا، وقمنا بمسح ميداني واستبانة للأسر الأكثر احتياجاً، ولدينا أيضاً مشروع "قوافل الفرح" لدعم طلاب الجامعات بتمويل من المهندس "بسام البحري" الذي يساهم في دعم طلاب الجامعات حتى التخرج، إما براتب شهري لكل طالب، أو دفع قسط التعليم الموازي».

وتابعت: «منذ بداية العام الجاري عينت رئيسة لجمعية "أيادي بيضاء"، وأقمنا العديد من الفعاليات لمرضى "السكري" ومعرض أعمال يدوية، وبعد الأحداث الأخيرة في محافظة "السويداء" بشهر تموز ساهمنا من خلال الجمعية بدعم أهالي القرى المنكوبة وتقديم الوجبات الغذائية للشباب الذين يقومون بحراسة القرى، وتوزيع قرطاسية كاملة لعدد من الطلاب، إضافة إلى النشاط الدائم بتوزيع الأدوية لمرضى "السكري" باستمرار».

صناديق وقطع خشبية من صنعها أيضاً

ربّة المنزل "سعاد طربيه" تحدثت عن أعمال ونشاطات "سميرة سرايا" بالقول: «أعرفها مذ كنا في المدرسة، فهي شخصية قيادية طموحة، وكانت دائماً عريفة الشعبة النشيطة والمحبة لمساعدة الآخرين، كبرنا واستمرت صداقتنا حتى اليوم، فهي معروفة بمواقفها الإنسانية ونبل أخلاقها ومساعدتها للمحتاجين من خلال الجمعيات الخيرية، وهي صاحبة مشروع وهدف سامٍ ونبيل، هذا إضافة إلى تميزها على الصعيد الشخصي من خلال إتقان العمل اليدوي والموبيليا، دائماً تثير اهتمامي بنشاطها وشغفها بالعمل».

بقي أن نذكر، أن "سميرة سرايا" عضو اتحاد الحرفيين، وحاصلة على عدد من شهادات التقدير في العمل الحرفي.