بإرادة الحياة المتجددة، عمدت "رانيا الصالح" إلى تأسيس ورشة خياطة للعمل والكسب المشروع في قرية "حوط"، فكانت مثالاً للمرأة العاملة بنجاح وتفوّق على الرغم من الظروف الصعبة، وتحولت إلى نموذج للعمل والتميّز.

حول تأسيس وعمل أول ورشة للخياطة في "حوط"، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 تشرين الثاني 2018، التقت "رانيا الصالح" صاحبة المشروع، التي أوضحت قائلة: «كانت ولادتي عام 1976، حيث أتممت دراستي الابتدائية، وفي العقد الثاني من العمر بدأت العمل بالخياطة في "دمشق"، وكانت علاقتي بالعمل وطيدة، لكن الفقر والمعاناة كانت تلاحقني وتتبع خطواتي، وحين عدت من "دمشق" الفيحاء حاملة معي الخبرة العملية، متجاوزة الظروف الاجتماعية والمادية، قررت العمل في قريتي، وبحثت عن شيء لا تتميز به، وما تعلّمته في العاصمة كان هو المطلوب المفقود في القرية. بدأت تأسيس ورشة عمل للخياطة، وتعدّ الأولى من نوعها هنا، كان إصراري على العمل بعد أن استمعت إلى والدي المتقاعد ذي الدخل المحدود والأم المسنة التي تفتقر للمعيل، ومنحاني الطاقة والمثابرة في خلق أشياء مهمة بحياتي، وبالفعل كانت خطوة مهمة، لأنها لا تحتاج في بدايتها إلى رأسمال، ومن خلال عملي الأولي، بدأت على ماكينة خياطة للدرزة كنت قد اشتريتها من تعبي الطويل، وعملت عليها مدة، وأخذت شهرتي في القرية تنتشر، الأمر الذي فرض تأمين محل، وبالفعل استأجرت محلاً صغيراً، وانطلقت في العمل لساعات تجاوزت نصف اليوم، ورأى الزبائن طرائق فنية وتقنية جديدة، حيث كرست ما نهلته من معامل الخياطة وحرفة العمل بتطبيقها عملياً، لهذا تسارع الناس من طلاب مدارس وعمال وفئات مجتمعية متنوعة إلى المحل طالبين إما الخياطة الحديثة أو تصليح ثيابهم، وبدأ مشروع العمل الذي يحتاج إلى آلات جديدة وبدأت حكاية الطموح تكبر».

لقد حققت "رانيا الصالح" نجاحاً باهراً بتأسيس أول مشروع للخياطة في قريتها، وتمكنت من تخديم المواطنين بأسلوب جيد، وهي حقاً تمثّل حالة التميّز بين النساء، وحين تمّ منحها قرضاً صغيراً لشراء مولدة كهربائية لخدمة عملها قامت بتسديده؛ وهو ما شجع على منحها قرضاً ثانياً لشراء ماكينة جديدة لورشتها، وهي ملتزمة بتسديده أيضاً، وتنشر ثقافة العمل بأسلوب منتظم

وتابعت القول: «شعرت بأن الإنجاز لا يكتمل إلا بتحقيق أمرين؛ الأول الصدق في العمل، والثاني التقانة التي تحتاج إلى آلات متطورة غير متوفرة لقيمتها وتكلفتها العالية بالنسبة إليّ؛ الأمر الذي دفع بي إلى الاتجاه نحو تطوير الورشة وجعلها تنضم إلى قائمة المشاريع الصغيرة، وحصلت على قرض التنمية للمشاريع الصغيرة، واشتريت آلة خياطة جديدة متطورة، وانهال الزبائن من القرى والمناطق المجاورة لقريتي، وخلال أربع سنوات عملت بها كوّنت فكرة عن كل امرأة في القرية، وكانت لي طريقتي بنصحها من خلال تجربتي، وعدم الاستسلام لظرفها والاستفادة من تجارب المشاريع الصغيرة، ومع توفير الإرادة والتصميم للنجاح تتجاوز صعاب الحياة. واليوم وبعد نصف عقد من العمل أشعر بأنني بتّ المرأة الأولى التي حققت من خلال ورشة عمل يرتادها أناس من قرى مختلفة، وبساعات عمل تتجاوز 12 ساعة يومياً للإنجاز. ولا أخفي على أحد أن أهالي قريتنا ساهموا بنجاح عملي، وصندوق المشاريع التنموية الصغيرة كان له الدور في تطور عملي، بتوفير تكلفة الماكينات، والأهم برأيي التربية المحلية بصدق التعامل والمحافظة والتصميم على النجاح بإرادة العمل».

محمد العبد الله

وعن عملها بيّن أحد بناء القرية "محمد العبد الله" بالقول: «تعدّ "رانيا الصالح" ابنة الثانية والأربعين عاماً واحدة ممن دخلوا السجل الاجتماعي بكرامة العمل وقيمته، وأثبتت وهي تجلس وراء كرسيها أنها تبني علاقة وطيدة بينها وبين حرفة الخياطة، وتجعلها جزءاً من شخصيتها الراقية، وكرست ثقافة المرأة التي تثبت أنها عماد الحياة المتجددة، حيث استطاعت أن تكون أول امرأة تؤسس ورشة عمل خياطة في قريتنا، ويأتي إلى ورشتها عشرات الزبائن من القرى المجاورة، فهي بعملها وإرادتها وإصرارها على تحقيق غايتها في العيش الكريم باتت مثالاً عن المرأة المكافحة والمبدعة التي نذرت وقتها وخبرتها للعمل على سدّ احتياجات أسرتها، وباتت محطة عزّ وفخر لمن يعرفها».

"سلمان العبد الله" رئيس لجنة التنمية المحلية لصندوق برنامج "مشروعي" للمشاريع متناهية الصغر في قرية "حوط"، أوضح بالقول: «لقد حققت "رانيا الصالح" نجاحاً باهراً بتأسيس أول مشروع للخياطة في قريتها، وتمكنت من تخديم المواطنين بأسلوب جيد، وهي حقاً تمثّل حالة التميّز بين النساء، وحين تمّ منحها قرضاً صغيراً لشراء مولدة كهربائية لخدمة عملها قامت بتسديده؛ وهو ما شجع على منحها قرضاً ثانياً لشراء ماكينة جديدة لورشتها، وهي ملتزمة بتسديده أيضاً، وتنشر ثقافة العمل بأسلوب منتظم».